الأزمة الاقتصادية في كردستان العراق ..الى أين ؟

الأزمة الاقتصادية في كردستان العراق ..الى أين ؟

كردستان-660x330
يمر اقليم كردستان العراق بمنعطف خطير هو الاقسى في تاريخه، فالأوضاع السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية ليست بأفضل حال ،بسبب عومل داخلية واخرى محيطة به.
وتعد الازمة الاقتصادية في كردستان العراق هي جوهر الازمات التي تعصف بالإقليم فهناك تهديدات تنظيم داعش، وأزمة اللاجئين السوريين وأزمة النازحين العراقيين والخلافات مع حكومة بغداد حول عائدات النفط لإقليم كردستان.
وبعد سنوات الازدهار الاقتصادي التي دامت عشر سنوات، بدأت حكومة كردستان العراق تعاني منذ عام 2014، بمجيء تنظيم الدولة “داعش” ثم اعقب ذلك انهيار اسعار النفط في النصف الثاني من العام و بدأت بوادر الازمة الاقتصادية في الاقليم تزامنت مع ايقاف رواتب موظفي الاقليم من قبل حكومة بغداد ، ثم توالت الازمات نفسه ،ناهيك عن الفساد المستشري كما هو الحال في بغداد ، وفاقم الازمة الاقتصادية رفض الحكومة المركزية في بغداد دفع 17% من عائدات النفط لإقليم كردستان وكذلك تقليص بغداد حصة الإقليم من الميزانية، بعد أن شيّد الأكراد خط أنابيب يصل إلى تركيا، سعياً لتحقيق الاستقلال الاقتصادي.
ومؤخرا أشار تقرير جديد للبنك الدولي يقيم أثر تدفق اللاجئين السوريين والنازحين داخلياً إلى إقليم كردستان، إلى أن حكومة إقليم كردستان تواجه أزمة معقدة متعددة الأوجه مما يفاقم المخاطر الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية المتزامنة.
وهنا نتحدث عن الاوضاع الاقتصادية الصعبة في الاقليم فقد تجاوزت مديونية الاقليم 22 مليار دولار، ولم تعد حكومة الاقليم قادرة على دفع رواتب موظفي القطاع العام بشكل منتظم ،بل باتت الرواتب رهينة لمبيعات النفط وواردات الإقليم والكمية المصدرة من النفط بسبب طبيعة اقتصاده الريعي ، ولم تقف الى هذا الحد بل تم تقليص الرواتب بنسبة تتراوح بين 15% ــ 25% و خفض نسبة 75% من رواتب الدرجات الخاصة لخفض عبء الأجور الشهرية البالغة قيمتها 875 مليار دينار عراقي (800 مليون دولار) عن كاهل حكومة الإقليم.
وبحسب تقارير فقد شهد اقتصاد الاقليم هدر كبير في صرف الموازنة عبر الوزارات والمؤسسات الحكومية حيث شكلت النفقات التشغيلية في الموازنة الحكومية قرابة الـ 75% بينما النفقات الاستثمارية شكلت باقي الموازنة 25%، وهذا يظهر حجم الهدر الذي كانت تقوم به الحكومة في الصرف.
ويشير المراقبين الى ان مديونية الاقليم ستستمر في الارتفاع بزيادة قدرها 200 مليون دولار شهرياً إذا استقرت أسعار النفط الحالية وهو ما يقود الى خروج إضرابات وتسارع وتيرة الهجرة. ناهيك عن البطالة بين صفوف الشباب التي تجاوزت 40% ، وهنا يقول الخبراء بأنه ما لم ترتفع أسعار النفط بشكل غير متوقع عن المعدل الحالي الذي يبلغ 40 دولار إلى 60 دولار على الأقل للبرميل الواحد، ستستمر «حكومة إقليم كردستان» بالتأخر في صرف رواتب الموظفين ودفع التزامات الديون إلى الدائنين المحليين وتجار النفط الدوليين.
وسبق ان تصاعدت الاحتجاجات في إقليم كردستان العراق مطلع العام الحالي ، بعد أن كشفت الحكومة عن إجراءات تقشفية لتجنب انهيار الاقتصاد .
من المؤشرات الى التدهور الاقتصادي والاجتماعي الى حدود خطيرة خصوصا قطاعي السياحة والتجارة، حيث دفعت هذه الاوضاع الصعبة حكومة الاقليم للتفاوض مع الحكومة المركزية في شهر شباط / فبراير الماضي لمواجهة الازمة الاقتصادية في اربيل .
مساعدات اميركية في الافق
في الوقت الذي يمر به الاقليم بأزمة مالية صعبة للغاية، اعلنت الولايات المتحدة عن بدأ إرسال مساعدات مالية طارئة لحكومة إقليم كردستان التي بحاجة إلى مساعدات أكثر من الناحيتين العسكرية والإنسانية، سيما وأن أعداد هائلة من اللاجئين والنازحين الناجين الهاربين من الارهاب إلى إقليم كردستان.
في الحقيقة كما ذكرنا سابقا يعيش الاقليم ظروف صعبة جدا ويقف على حافة الافلاس، لكن السؤال المطروح هل ستكون هذه المساعدات كافية لإخراج الاقليم من أزمته الاقتصادية ؟
الخبراء يجيبوا عن هذا التساؤل بإن هذه المساعدات التي لا تتجاوز نصف مليار دولار هي مبالغ اعتبر بمثابة تأجيل انهيار الاقتصاد ربما لمدة عام ، والاقليم بحاجة الى اموال كبيرة لتجاوز هذه الازمة الخانقة .
ويرى خبراء في الاقليم حتى إذا بدأت آثار الإصلاحات الاقتصادية تتجلى وبدأت تكاليف الحرب تُخفض ببطء، من المرجح أن يبقى على «حكومة إقليم كردستان» تحمل مصاريف شهرية تبلغ قيمتها 800 إلى 850 مليون دولار تقريباً.
و ترى سيبل كولاكسيز، وهي خبيرة اقتصادية لدى البنك الدولي في العراق، أن هناك سيناريوهات عدة لتطور الأزمة، تتوقع أسوأ هذه الحالات تدفق قرابة 100,000 لاجئ سوري إضافي و500,000 نازح داخلياً، وعندئذ سيحتاج إقليم كردستان إلى 2.5 مليار دولار للاستجابة لهذه الأزمة.
في الحقيقة الوضع الاقتصادي في الاقليم غير مطمئن ،بل بحاجة الى مساعدات طارئة تترافق مع اصلاحات داخلية ومحاربة الفساد المستشري ،ومثل هذه المساعدات الطارئة تأتي بطابع تشغيلي، لكن الاقتصاد في الاقليم بحاجة الى معالجة تصحيحية ومراجعة التشريعات الاقتصادية وتنويع الاقتصاد وجذب الاستثمارات لتعزيز الاقتصاد ، وغيره من الاجراءات التي من شأنها أن تجنب الاقتصاد انهيار مستقبلي .

عامر العمران

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية