اسباب تظاهرات انصار الصدر

اسباب تظاهرات انصار الصدر

2016-02-13T114217Z_610077929_GF10000306862_RTRMADP_3_MIDEAST-CRISIS-IRAQ-SADR1-661x328
استمرت التظاهرات وللأسبوع الثالث في بغداد والتي يقوم بها أتباع مقتدى الصدر في ساحة التحرير بالعاصمة العراقية (بغداد) مطالبة بالإصلاحات ومحاربة الفساد في المؤسسات والدوائر الحكومية ، وتمكن المتظاهرون من اجتياز جميع الموانع والحواجز التي نصبتها ووضعتها الاجهزة الامنية والعسكرية والعبور من جسر الجمهورية باتجاه الشوارع والبنايات المحيطة بالمنطقة الخضراء .
حمل أتباع الصدر الاعلام العراقية وهتفوا بشعرات تطالب بأجراء اصلاحات وتغييرات سياسية ووزارية وتقديم الفاسدين وسراق المال العام للمحاكم ، ورفع المتظاهرون لافتات تؤيد وتدعو للتمسك بالمشروع الاصلاحي الذي طرحه مقتدى الصدر في الخطاب الذي وجه اليهم عبر شاشات التلفاز التي وضعت بالقرب من الاماكن التي تظاهر بها اتباع الصدر .
وكان الصدر قد أمهل الحكومة العراقية مدة(45) يوما لأجراء اصلاحات واسعة في البلاد واستبدال الوزراء الحاليين بوزراء تكنوقراط ، وهدد باللجوء الى خيار سحب الثقة عن حكومة العبادي في حال عدم التزامها بذلك .
بدأ المتظاهرون مسيرتهم واعتصامهم بالتوافد الى ساحة التحرير في منطقة الباب الشرقي وسط العاصمة بغداد استعدادا لانطلاق التظاهرات وسط انتشار أمني مكثف واغلاق للمناطق المحيطة بساحة التحرير ،وقطعت القوات الامنية مناطق الصالحية وشارع مطار المثنى وشارع السعدون وابو نؤاس والباب الشرقي وشارع الزيتون وساحة الطيران وشارع الخيام وجسر الجمهورية وجسر السنك استعدادا لمواجهة المتظاهرين .
وكان الصدر وتشجيعا للمتظاهرين ومكافأة لهم قد وصفهم بانهم خير أمة خرجت للاصلاح وخير ناصر للعراق وأكد ثقته بهم في الدعوة للاصلاح ومحاربة الفساد والفاسدين .
ولأجل تسليط الاضواء والدوافع والتداعيات والاسباب التي كانت وراء هذه التظاهرات يمكن لنا أن نقرأها بالأتي :
1.تهديد الصدر باقتحام المنطقة الخضراء في بغداد اذا لم يستجب العبادي لمطالب الشعب العراقي بالإصلاح ومحاكمة الفاسدين في كلمة وجهها لانصاره يوم 28 شباط 2016 ، وفيها نقرا لغة التهديد والوعيد مع اعطاء أسبقية لتوجيه الانذار لحكومة العبادي بضرورة الانقياد والانصياع لمطالب المتظاهرين ولا سيكون القادم أوسع وأكبر وأسوء في مواجهة الفاسدين .
2.كان خروج المظاهرات اعلانا حقيقيا لما تواجه حكومة العبادي من منزلقات خطيرة في كيفية توجيه أولويات الاقتصاد العراقي وضعف الادارة الحكومية وفساد وزرائها والقائمين عليها ومطالبة المتظاهرين بتقديمهم للمحاكمة .
3.اتسمت التظاهرات بالتنظيم في ادارتها والسيطرة عليها وهذا يذكرنا بالتظاهرات التي تقام في الضاحية الجنوبية في لبنان والمدعومة من أنصار حزب الله الذي يقوده حسن نصر الله والاساليب الامنية والاعلامية في قيادتها واعدادها حتى في نصب شاشات العرض التلفزيوني في نقل خطب مقتدى الصدر شبيهة بالفعل الذي يحصل مع حسن نصر الله .
4.جاءت التظاهرات لتحاكي معاناة ابناء الشعب العراقي وصبره على ما يواجهه من ضنك العيش وانعدام الخدمات والعناية الصحية والرعاية الاجتماعية وزيادة البطالة وانتشار الرشوة والمحسوبية ولافتقار الى ابسط مستلزمات العيش الكريم .
5.مطالبة الصدر في كلماته بضرورة تغيير الحكومة الحالية والدعوة لحكومة تكنوقراط تقود البلاد نحو سياسة اقتصادية واجتماعية تحاكي الواقع الذي يعيشه الشعب العراقي ، ولكنها تفتقد لرؤية واقعية وبرنامج عمل واضح ومشروع مستقبلي خاصة وان كتلة الاحرار لديها (40) مقعدا من مقاعد البرلمان العراقي واقتصرت مشاركتها في تشكيل جبهة نيابية عابرة للطائفية داخل المجلس مهمتها دعم الاصلاحات والتصدي لمشروع تقسيم العراق وتصحيح العملية السياسية وتضم هذه الكتلة (100) عضوا من أعضاء البرلمان العراقي .
6.أشرت تداعيات هذه التظاهرات الى قيام العبادي بتقديم حزمة من الاصلاحات تهدف لمكافحة الفساد وتحسين الخدمات مع الانطلاقة الاولى للتظاهرات ومطالبة الكتل السياسية بتقديم رؤيتها للاصلاح وقائمة التغيير الوزاري لوزرائها في الحكومة الحالية .
7.أكدت التظاهرات حقيقة الوضع القائم داخل (التحالف الوطني ) وتصدع العلاقة بين جميع رؤساء الكتل والاحزاب المنضوية تحت هذا التحالف واختلاف رؤيتها ونظرتها لطبيعة ادارة الدولة وبالتالي افتقارها لأسس رصينة ودقيقة في معالجة الاخطاء والمشاكل التي تعانيها الدولة وأوجه السبل والطرق للخروج من الازمات التي تعانيها .
8.مطالبة الصدر بالمضي في تشكيل حكومة تكنوقراط دون الميل الى حزب السلطة ويقصد به (حزب الدعوة الحاكم ) ومسؤوليه وهذا يوضح مدى ضعف التنسيق وسوء العلاقة بين الطرفين وأكدته الكلمة المتلفزة التي تحدث بها الصدر لانصاره في 13 شباط 2016 .
9.أعاد العبادي للأذهان سياسته التي اتبعها واعلن عنها بالبرنامج الحكومي الذي التزم به عند تشكيل حكومته نهاية عام 2014 والتي تمكن فيها من وضع أهداف أساسية للاصلاح وكان طموح وزارته أن تتظافر جميع جهود السياسيين معهم الا ان هذا لم يتم وهو انعكاس يؤشر مدى صعوبة الائتلاف والتعاون والفهم المشترك بين جميع مسؤولي الكتل السياسية داخل المؤسسة الحكومية أو البرلمان العراقي بما ينعكس سلبا على طبيعة حياة المواطن العراقي والمشاكل اليومية التي يعاني منها .
10.التصعيد الامني في مجابهة المتظاهرين واعطاء الصلاحيات لقيادة العمليات المشتركة في بغداد بإحكام السيطرة على المتظاهرين ومحاولة ايقافهم ن مما دعى المتحدث الرسمي لسرايا السلام التابعة للتيار الصدري ( صلاح العبيدي ) للتصريح والتأكيد في 17 اذار 2016 على الاستمرار بالتظاهرات والاعتصام عند ابواب المنطقة الخضراء وهذا ما دفع المتظاهرين الى كسر الحواجز الامنية الاولى والاندفاع عبر جسر الجمهورية باتجاه البنايات المحيطة بالمنطقة الخضراء .
11.ثم جاء تحذير مقتدى الصدر من احتمال وقوع مصادمات بيت انصاره والقوات الامنية اذا لم يسمح لهم للاستمرار بالتظاهرات والاستماع اليهم ومصادرة حقوقهم في التعبير عن اهدافهم ومطالبتهم بالإصلاح ومحاكمة الفاسدين .
12.كان لتداعيات التظاهرات أن اجتمعت قيادة (التحالف الوطني) واصدرت بيانا لها قرأه نوري المالكي في 17 اذار 2016 أكد فيه على أن التظاهرات حق دستوري الا ان الاعتصامات ونشر السلاح واستخدام القوة ليس دستوريا بل خارجا على القانون وهو بوابة لمزيد من الاشتباك في الجبهة الداخلية ، يعكس هذا البيان حقيقة الصراع السياسي والاختلاف الفكري وافتقار الرؤية الواضحة في معالجة الأوضاع في البلاد واتساع حدة الخلافات بين جميع أطراف التحالف الوطني لان هذا البيان يعبر عن مدى الرفض والسخط من الاجراءات والتظاهرات التي يقوم بها أنصار الصدر .

فهل سنشهد في الاسابيع القادمة ما أكده الصدر في تصريحاته أو كلماته المتلفزة لأنصاره من أعادة لهيكلية العملية السياسية وادارة الدولة العراقية أم ستتدخل أطراف إقليمية لأنهاء هذا الصراع والتأثير على مطالبة المتظاهرين وأهدافهم ؟؟

وحدة الدراسات العراقية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية