روجت لمسؤولية “داعش”.. ما علاقة موسكو بهجمات بروكسل؟

روجت لمسؤولية “داعش”.. ما علاقة موسكو بهجمات بروكسل؟

438

لم ينتظر الدب الروسي تبني تنظيم “الدولة” لهجمات بروكسل، وإنما ركض مسرعاً، وكأنه لسان حال التنظيم في التعبير عن بشاعة الأعمال التي باتت لا تفرق بين أبيض أو أسود، سوى ارتدائها العباءة الإسلامية عبر تنظيم مجهول النسب.

وكالة “سبوتنيك” الروسية الرسمية أعلنت، الثلاثاء، تبني تنظيم “الدولة” لهجمات بروكسل قبل أن يعلن التنظيم تبنيه الهجمات بعدة ساعات، الأمر الذي أثار انتباه المراقبين والخبراء، ومن قبلهم أجهزة المخابرات بدول الاتحاد الأوروبي، متسائلين: من أين علمت روسيا عن مسؤولية “الدولة” عن تلك التفجيرات، خاصةً أن المخابرات الروسية حذرت السلطات البلجيكية “قبل أيام” من وجود “تهديد إرهابي” محتمل في بروكسل؟!

اللافت للانتباه، انسياق بلجيكا وراء تحذيرات موسكو، دون الاستناد إلى أدلة أو معرفة مصادر المعلومات التي أعلنت عنها روسيا، فقامت باعتقال 3 أشخاص جنسيتهم بيلاروسية، أحدهم من أصل داغستاني واثنان منهم أخوان اعتنقا الإسلام.

وفي الوقت الذي أعلنت فيه روسيا عن تورط تنظيم “الدولة”، وإعلان التنظيم ذاته عن مسؤوليته، قالت واشنطن إنه لا يمكن تأكيد صحة ادعاء تنظيم “الدولة” عن مسؤوليته عن الحادث، مستبعدة وقوفه وراء الهجمات.

– تصارع الغرماء

وقبل إعلان روسيا عن مسؤولية تنظيم “الدولة” عن التفجيرات، كان رئيس جهاز الأمن الأوكراني فاسيلي جريتساك، قد اتهم، عقب التفجيرات صباحاً، روسيا بالتورط في هجمات بروكسل، الأمر الذي دفع رئيس وزرائها ديمتري ميدفيديف، ليسارع بالكتابة على صفحته بـ “فيسبوك” قائلاً: إن “رئيس جهاز الأمن الأوكراني جريتساك، الذي أعلن عن تورط روسيا في هجمات بروكسل، شخص غبي”.

وكان جريتساك قد صرح، في وقت سابق الثلاثاء، بأنه لن يستغرب إذا ما كانت هجمات بروكسل “عنصراً من الحرب الروسية الهجينة”، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن كثيرين سيحملون “داعش” المسؤولية عن هذه الهجمات.

وفي 19 مارس/ آذار الماضي، اعتقلت السلطات البلجيكية صالح عبد السلام، أحد المشاركين في هجمات باريس والمطلوب الأول لديها، مرجحة تورطه في تلك التفجيرات.

– التحالف الدولي

مراقبون أشاروا إلى أن تفجيرات بروكسل، ومن قبل تفجيرات باريس وأنقرة، لم تكن سوى رسالة واضحة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، تظهر مدى قوة التنظيم المتنامية يوماً بعد يوم، وقدرته على تجنيد العشرات، بل المئات من الشباب الأوروبي، وتدريبهم على صنع المتفجرات والأحزمة الناسفة، سواء كان هذا التواصل مباشرة أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.

ثمة أمر آخر يدعو إلى التحرك الدولي، والتفكير في آليات جديدة دون تدمير البنية التحتية للدول العربية، وهو أن الأفراد الذين يقومون بتفجير أنفسهم، ليسوا “يائسين” أو “محبطين”، وإنما يتحركون عبر شبكة عنكبوتية منتشرة في عواصم الاتحاد الأوروبي، ويتواصلون بقوة مع قياداتهم في المناطق المختلفة، حسبما أشار الكاتب عبد الباري عطوان في مقاله بجريدة الرأي اليوم.

وبرغم الإجراءات الأمنية المشددة التي تتخذها دول أوروبا، إلا أن التنظيم نجح أكثر من مرة في تنفيذ أعمال إرهابية، دون قدرة تلك الدول في الوصول للقائمين أو من هم على صلة بهم، ما يدل على وجود ثغرات أمنية برغم الشبكة الأمنية المنتشرة عبر القارة.

وشدد المراقبون على ضرورة تبني الاتحاد الأوروبي وأمريكا مراجعة حقيقية لسياساتهم، التي وصفوها بـ “قصيرة النظر”، وما يقومون به من تدمير للبنية التحتية في الدول العربية بدعوى القضاء على التنظيم الإرهابي، في الوقت الذي يشن التنظيم هجماته في عقر دارهم.

– الخوف

وأحدثت الهجمات الإرهابية في بروكسل هلعاً عارماً في مختلف أنحاء أوروبا، حيث فرضت السلطات المحلية في عدد من الدول الأوروبية حالة من الإجراءات الأمنية عالية المستوى.

فكل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وهولندا عززوا الإجراءات الأمنية في مطاراتهم على ضوء التفجيرات التي شهدتها بروكسل، بالإضافة إلى تشديد الإجراءات في محطات القطارات والنقل العام، بمختلف أنحاء فرنسا، مع التركيز على المنطقة الباريسية، كما رفعت بريطانيا مستوى الإنذار الأمني إلى الدرجة الرابعة وهي قبل الأخيرة، ما يدل على مدى الرعب والخوف من تكرار مثل تلك الأعمال في بريطانيا.

– يعرفون من أين تؤكل الكتف!!

وعقب تفجيرات بروكسل، سارعت أطراف أدرجت بعضها على قائمة الإرهاب كـ “حزب الله”، أو من حارب شعبه كـ “نظام بشار الأسد” أو حتى اليمين المتطرف في فرنسا، وأخيراً المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب، إلى إظهار الشماتة بما حدث أو على الأقل اتهام بلجيكا والغرب بالتسبب بحدوث التفجيرات.

فمما يثير السخرية والتعجب أن يسرع “حزب الله”، في الوقت الذي يدمر فيه العراق واليمن وسوريا، ويقاتل شعوباً ليسوا على ملته وعقيدته، إلى االتنديد بتفجيرات بروكسل، والدعوة إلى الكف عن دعم الإرهاب، وإلى “سياسة واضحة وشفافة ضد الإرهاب، تتوقف بموجبها الدول والهيئات عن دعمها للإرهاب وتمويله، أما السكوت عنه فهو خطيئة كبيرة لن تؤدي إلا إلى المزيد من الموت والقتل والدمار”.

وفي تصريح رسمي للنظام السوري، اعتبر نظام بشار الأسد أن تفجيرات بروكسل التي وقعت صباح الثلاثاء، “نتيجة حتمية للسياسات الخاطئة، والتماهي مع الإرهاب”، وأن “الإرهاب لا حدود له”،وهو يقوم هو بالإرهاب وتدمير سوريا وشبيحته تنتهك الأعراض وتقتل الأطفال دون محاسبة دولية تذكر.

وسارعت زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبان إلى الدعوة لضرورة غلق الحدود بين فرنسا وبلجيكا، وإلى القيام بعملية واسعة لإفراغ الأقبية وجمع السلاح والمتفجرات، في إشارة منها إلى أن منطقة “مولنبيك” (منطقة يقطنها مسلمون في بروكسل)، وطالبت دولتها بالضرب بيد من حديد على من أسمتهم “الإسلام الأصولي”.

أما ترامب، فقد طالب واشنطن بتصعيد حربها ضد المتشددين الإسلاميين دون رحمة تذكر.

الاتهامات سرعان ما حامت حول العرب والمسلمين، دون انتظار التحقيقات أو رأي الجهات الأمنية، حيث نسبت مصادر إعلامية بلجيكية أن شخصاً كان يصرخ باللغة العربية، قبل وقوع الانفجار، دون توضيح المصدر الذي تحدث، وكيف عرف أن اللغة “عربية”، ولماذا الاتهامات سرعان ما توجه إلى اللسان العربي والدين الإسلامي؟

وقتل 30 شخصاً، وأصيب 135 آخرون في تفجيرات وقع اثنان منها في مطار بروكسل، صباح الثلاثاء، وآخران استهدفا محطتين للمترو في العاصمة البلجيكية، فيما تبناها تنظيم “داعش”.

محمد عبّود

الخليج أونلاين