تثير مساعي دول القارة الأوروبية المتواصلة للحد من تدفق اللاجئين -خاصة السوريين- لأراضيها مخاوف حقيقية من إقدام تلك الدول في النهاية على إغلاق أبوابها فيوجههم بشكل كامل.
ويرى قانونيون ومحللون ببريطانيا أن الاتفاق التركي الأوروبي الأخير ربما يكون الخطوة قبل الأخيرة باتجاه قطع الطريق على آلاف اللاجئين الذين يحلمون بالوصول لأوروبا التي يرون فيها الملاذ الآمن، في ظل معاناتهم القاسية في كثير من دول الجوار التي يخضعون فيها لقوانين مشددة في الإقامة والعمل.
وفي بريطانيا، عبّر ناشطون وقانونيون سوريون عن مخاوفهم الحقيقية من تضييقات إضافية ربما تصل لإغلاق أبواب أوروبا في وجه اللاجئين تماما أو تقييد فترة إقامتهم، رغم أن المملكة المتحدة وغيرها ما تزال تفتح أبوابها للاجئين السوريين وتوفر لهم مستلزمات العيش الكريم، وفقا لقوانين اللجوء الأوروبية المعمول بها.
لكن مصادقة محكمة العدل الأوروبية الأسبوع الماضي على قرار بإبعاد أحد طالبي اللجوء إلى بلد آمن ثالث، جنبا إلى جنب مع الاتفاق الأوروبي التركي، كلها تطورات يقول ناشطون إنها تؤشر على تغير حقيقي في التعامل الأوروبي مع ملف اللاجئين.
ترحيل اللاجئين
وفي حديث للجزيرة نت، قال المحامي السوري بسام طبلية إن الاتفاق الأوروبي التركي نص على إمكانية إرجاع اللاجئين السوريين الذين يصلون اليونان بعد العشرين من مارس/آذار 2016 إلى تركيا.
ويضيف طبلية أنه ستتم على الأغلب دراسة طلبات اللاجئين في اليونان بشكل مستعجل وإعادة الكثير منهم إلى تركيا، حيث إن دراسة طلبات اللجوء في الجزر اليونانية دون توفر فرص حقيقية للاجئين للحصول على دعم قانوني وإبراز الأدلة التي تدلل على أحقيتهم في اللجوء سيسهل رفض الكثير من طلباتهم.
ويلفت المحامي المختص بشؤون اللاجئين إلى أن الاتفاق التركي الأوروبي تزامن مع قرار لمحكمة العدل الأوروبية في 17 مارس/آذار 2016 نص على حق الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي التي قبلت دراسة طلب اللجوء من دولة أخرى عضو بإعادة طالب اللجوء إلى دولة ثالثة آمنة، الأمر الذي سينعكس على السوريين.
وستتم -حسب طبلية- إعادة طالب اللجوء للبلد الآمن قبل استكمال دراسة طلبه، كما جرى مع اللاجئين الذين وصلوا أوروبا قادمين من السعودية، ورفضت طلباتهم، على اعتبار أن السعودية سمحت للاجئين السوريين بالبقاء في أراضيها ومنعت طردهم حتى لو انتهت إقاماتهم.
حل جذري
وبحسب الاتفاق التركي الأوروبي، فستتم دراسة كل طلبات اللجوء المقدمة من اللاجئين السوريين القادمين من تركيا في اليونان، الأمر الذي يعتقد المحامي السوري بأنه مثير للقلق، مبينا أن الهدف من هذا الاتفاق هو تثبيط همم الأشخاص الذين يريدون الهروب عبر اليونان لأوروبا.
وتعدّ تركيا البوابة الرئيسية للاجئين السوريين والطريق الرئيسية التي يستعملونها في الوصول إلى اليونان قبل استكمال الرحلة لأوروبا. ونص الاتفاق الأوروبي التركي على موافقة أنقرة على إعادة استقبال اللاجئين السوريين الذين يصلون اليونان وترفض طلبات لجوئهم.
من جانبه، عبّر الناشط السوري سامر خليوي عن مخاوفه من التضييق الذي قد يتعرض له السوريون، مؤكدا أن هناك مخاوف كبيرة لدى اللاجئين من إقدام بعض الدول على إعطائهم إقامات مؤقتة مرتبطة بانتهاء الأزمة، كما أن نسبة من ينجح في الوصول لبريطانيا قليلة، بالمقارنة مع ألمانيا والسويد اللتين تخططان أيضا لتشديد قوانين اللجوء.
وحول الاتفاق التركي الأوروبي الأخير، يرى خليوي في حديثه للجزيرة نت أن تركيا كانت تسعى وتدعم حلا جذريا يتمثل في معالجة المشكلة الرئيسية للجوء، والمتمثلة في إنهاء نظام الأسد وتكوين منطقة آمنة، لكن الأوروبيين رفضوا هذا الأمر، كما رفضوا إقامة منطقة عازلة، فاضطرت تركيا في النهاية للموافقة على الصفقة الأوروبية.
ويعتقد الناشط السوري بأن الاتفاق الأوروبي التركي لن يحقق للأوروبيين هدفهم بمنع تدفق اللاجئين، فإغلاق الباب التركي لن يكون حلا، إذ سيبحث اللاجئون عن أبواب أخرى، مؤكدا أن الحل الجذري يكمن في إنهاء سبب اللجوء، وهو نظام بشار الأسد.
محمد أمين
الجزيرة نت