الفرقاء العراقيون يخوضون معركة المواقع الوزارية بروح إما قاتل وإما مقتول

الفرقاء العراقيون يخوضون معركة المواقع الوزارية بروح إما قاتل وإما مقتول

الفرقاء العراقيون يخوضون معركة المواقع الوزارية بروح إما قاتل وإما مقتول

كشفت مصادر نيابية عراقية، الأربعاء، عن نية رئيس مجلس النواب سليم الجبوري التوجّه بطلب لدى رئاسة الجمهورية بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.

وتزامن ذلك مع ارتفاع المطالبات من قبل كتل سياسية بإقالة الرؤساء الثلاث؛ النواب، والحكومة، والجمهورية، من مناصبهم في ظل استفحال الخلافات بشأن التغيير الحكومي وتشكيل حكومة تكنوقراط غير متحزّبة.

وعبّرت شخصيات عراقية عن تخوّفها من حدوث فراغ في السلطة، سيكون من المستحيل إعادة ملئه من جديد في ظل الخلافات الحادّة بين الفرقاء المتنافسين على المكاسب والمناصب.

ووصف البعض ذلك بالقفز في المجهول مذكّرا بخطورة اللحظة الراهنة في ظل الحرب ضد تنظيم داعش وحالة شبه الإفلاس الاقتصادي والمالي.

ووجّهت مصادر عراقية متعدّدة أصابع الاتهام في الفوضى التي شهدها مجلس النواب بمناسبة مناقشة قائمة الأسماء المقترحة لشغل المناصب الوزارية في حكومة التكنوقراط إلى رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، الذي يخوض المعركة على المناصب الحكومية باعتبارها، بحسب توصيف البعض، “معركة حياة أو موت”، في إشارة إلى أنّ تجريد المالكي من السلطة يعني بصفة آلية إخضاعه للمحاسبة على فترتي رئاسته للوزراء واللتين انتهتا بكارثة أمنية واقتصادية وضعت الدولة على حافة الانهيار.

وما يضاعف فزع المالكي كثرة أعدائه من مختلف العائلات السياسية، ومن داخل العائلة الشيعية ذاتها، حيث برز مقتدى الصدر “كزعيم” جماهيري و”قائد” للحراك الشعبي المطالب بالتغيير والإصلاح.

وبلغت الفوضى تحت قبة البرلمان مداها، الأربعاء، بدخول النائبة عالية نصيف المنتمية لكتلة نوري المالكي في مشادة بالأيدي وتراشق بقناني المياه مع نواب آخرين، وذلك خلال اعتصام نواب داخل المجلس، وقالت مصادر نيابية إنّ مقربين من المالكي وراء تنظيمه.

ودخلت الحياة السياسية في العراق في مأزق شديد بسبب استحالة تحقيق اتفاق بين مختلف الكتل السياسية وكبار الفاعلين السياسيين في البلد، بشأن إجراء تعديل حكومي جوهري، كان رئيس الوزراء حيدر العبادي يريد إجراءه في محاولة لوقف التدهور الحاد في مختلف أوضاع الدولة والذي يعزى جانب كبير منه إلى استشراء الفساد الحكومي، وعدم كفاءة المسؤولين المعيّنين غالبا في نطاق المحاصصة الحزبية والطائفية والعرقية، وعلى سبيل المجاملة والمكافأة.

وأخرجت محاولة اختيار وزراء تكنوقراط من خارج الكتل السياسية، إلى العلن صراع الأحزاب، وخصوصا الشيعية المستفيدة في المقام الأول من العملية السياسية، على المواقع والمناصب الحكومية.

وتدور المعركة بين تلك الأحزاب حاليا تحت قبّة البرلمان، لكنّها مرشحة للانتقال إلى الشارع قريبا، فيما لا يتردّد متابعون للشأن العراقي في التحذير من تحوّل المعركة السياسية إلى معركة مسلّحة في ظلّ فوضى السلاح السائدة في البلاد، وامتلاك أغلب التيارات السياسية الشيعية لميليشيات مسلّحة.

سيناريو تحويل المعركة السياسية إلى معركة مسلحة غير مستبعد في ظل فوضى السلاح وانتشار الميليشيات

وما يجعل سيناريو العنف غير مستبعد، هو أن معركة المناصب الحكومية تمثل لبعض كبار الساسة العراقية، معركة مصيرية، لأن تجريد هؤلاء من السلطة يعني خضوعهم للمحاسبة في قضايا فساد كبيرة وجرائم متراكمة على مدى سنوات.

ويبرز بين أقطاب المعركة الحالية على الحقائب الوزارية رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي قاد الحكومة على مدى ثماني سنوات بين 2006 و2014، وانتهت ولايته الثانية بكارثة احتلال بضعة آلاف من عناصر تنظيم داعش لمساحات شاسعة في الأراضي العراقية بفعل انهيار القوات المسلّحة التي تسرّبت إليها الطائفية والفساد في صفقات التسلّح وتعيين القادة وكبار الضباط حتى وصل الأمر إلى ضمّها في صفوفها عشرات الآلاف من المنتسبين الوهميين الذين لا يتعدّى وجودهم مجرّد أسماء مسجّلة على كشوف الرواتب والامتيازات المالية دون أن تكون لهم أي خدمة فعلية في صفوف تلك القوات.

وبعد تنحي نوري المالكي عن رئاسة الوزراء تبين أن خزينة الدولة شبه خاوية، رغم أن الأرقام تظهر عدم إنجاز أي من مشاريع التنمية في أي مجال، بينما تبخّر مبلغ متأت من مبيعات النفط يقدر بـ700 مليار دولار طيلة سنوات حكم المالكي.

ولهذه الأسباب يواصل الرجل “القتال” بشتّى الطرق لمنع تعيين حكومة تكنوقراط لا يكون له حصة الأسد في حقائبها ومناصبها.

ومع انتقال المعركة إلى قبة البرلمان، فوجئ المراقبون السياسيون في بغداد بحماس ثلاثة نواب من أقارب المالكي، زعيم حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون، وعدد من أنصاره لإعلان اعتصام مفتوح تحت قبة البرلمان عقب قرار رئيس مجلس النواب سليم الجبوري تأجيل البت في التشكيلة الوزارية الجديدة التي قدمها رئيس الوزراء حيدر العبادي الثلاثاء، إلى الخميس.

ومما زاد من وقع المفاجأة أن رئيسي كتلتي حزب الدعوة خلف عبدالصمد وائتلاف دولة القانون علي الأديب كانا من ضمن المشاركين في اجتماع العبادي والجبوري الذي سبق عقد الجلسة البرلمانية التي شهدت إرجاء النظر في الكابينة الحكومية الجديدة وإعلان اعتصام عدد من النواب، الأمر الذي يوحي بأن المالكي يقود لعبة مزدوجة في تأييد تشكيلة العبادي من جهة ومعارضتها من جهة أخرى.

وأقدم أكثر من 50 نائبا على المبيت في مكاتبهم بمبنى البرلمان في اعتصام مفتوح ودعوا إلى تغيير الرئاسات الثلاث واختيار حكومة تكنوقراط، كما جاء في تصريحات هاتفية أجروها مع قنوات فضائية ووسائل إعلام عراقية.

وشهد البرلمان العراقي، الأربعاء، فوضى عارمة وصلت حدّ التشابك بالأيدي والتراشق بقناني المياه بين نواب من التحالف الكردستاني والنائبين عالية نصيف وهيثم الجبوري، ما دفع برئيس البرلمان سليم الجبوري إلى رفع الجلسة.

ووفق مصادر برلمانية، فإن أقارب وأنصار المالكي من النواب، يقفون وراء الفوضى الصاخبة التي عمت البرلمان، بالاستناد إلى تحركاتهم النشطة في الحث على الاعتصام وخصوصا زوج ابنته حسين المالكي “أبورحاب” وياسر عبدصخيل المالكي زوج ابنته الثانية وابن أخيه علي صبحي المالكي، إضافة إلى أبرز مؤيديه وفي مقدمتهم عالية نصيف وقتيبة الجبوري وأحمد عبدالله الجبوري وإسكندر وتوت وكاظم الصيادي ومحمد الكربولي وطالب الخربيط وحنان الفتلاوي، وقد تضامن معهم نواب التيار الصدري وبعض نواب ائتلاف العراقية الذي يرأسه إياد علاوي لأول مرة، واتفقوا على رفع شعار “تغيير الرئاسات الثلاث”.

صحيفة العرب اللندنية