ماذا وراء توجه المغرب نحو روسيا؟

ماذا وراء توجه المغرب نحو روسيا؟

441
يجمع مراقبون على أن توجّه المغرب نحو روسيا تزامنا مع الأزمة التي اندلعت بين الرباط والأمين العامللأمم المتحدة حول نزاع الصحراء الغربية، يعكس ذكاء استراتيجيا فتح للرباط متنفسا في قلب العاصفة، فيما رأى آخرون في ذلك تكريسا لسعي المغرب خلال السنوات الماضية إلى تقوية علاقاته مع القوى الدولية الكبرى.

وكانت قضية الصحراء الغربية حاضرة ضمن أجندة الزيارة الرسمية لملك المغرب محمد السادس إلى روسيا في مارس/آذار الماضي، كما كان الملف محل مباحثات هاتفية مطولة أجراها الملك محمد السادس مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حسب بلاغ للديوان الملكي.

وجاء في البلاغ أنهما “عبّرا عن انشغالهما القوي بشأن التطورات الأخيرة لقضية الصحراء من قبيل ما سجل على مستوى الأمانة العامة للأمم المتحدة، وقررا تعزيز تنسيقهما من أجل التوصل في متمم الشهر الجاري إلى نتيجة متوازنة ومثمرة”.

وفي هذا الصّدد، يقول أستاذ القانون الدولي بجامعة القاضي عياض بـمراكش إدريس لكريني إن الاتجاه المغربي نحو روسيا له ما يبرّره بالنظر إلى مكانة روسيا على مستوى صناعة القرار الدولي “وما يشكله ذلك للرباط من أهمية بخصوص دعم قضية وحدتها الترابية بالنظر للدور الروسي في جهاز الأمم المتحدة وفيمجلس الأمن باعتبارها عضوا دائما”.

واعتبر لكريني في حديثه للجزيرة نت أن عدم اصطفاف روسيا إلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة بخصوص الأزمة التي نشبت بينه وبين المغرب تعبير واضح عن تليين روسيا لمواقفها تجاه نزاع الصحراء الغربية، خاصة بعد الزيارة الملكية الأخيرة وما رافقها من توقيع لاتفاقيات.

ذكاء استراتيجي
من جانبه، اعتبر الباحث في العلاقات الدولية أحمد نور الدين أن زيارة ملك المغرب لروسيا كانت مبرمجة منذ سنة 2013 وتأجلت مرات لأسباب معلنة وغير معلنة “لكن توقيتها كان ناجحا بمنظور الذكاء الاستراتيجي، لأنها أعطت للمغرب متنفسا في قلب العاصفة التي أثارتها تصريحات بان كي مون ضد المغرب في ملف الصحراء”.

ولا يرى لكريني توجه المغرب نحو روسيا قرارا وليد اللحظة، وإنما جاء في سياق سعي الرباط على مدى السنوات الماضية إلى تنويع الشركاء الاقتصاديين، وتعزيز العلاقات مع القوى الدولية الكبرى دون التفريط في حلفائها التقليديين كـالاتحاد الأوروبي، إلى جانب وجود معطيات مشجعة، منها تناغم مواقف المغرب وروسيا بخصوص قضايا إقليمية، على غرار الحرب على ما يسمى الإرهاب أو الأزمة السورية.

ويظهر أن الجانب الروسي أيضا -حسب لكريني- ينظر إلى المغرب كبوابة لتقوية العلاقات مع الدول الأفريقية ومع العالم العربي والإسلامي، إلى جانب اهتمامه بالفرص الاستثمارية التي يوفرها المغرب بحكم أجواء الاستقرار.

مصالح حيوية
ويعزو نور الدين حاجة المغرب إلى تنويع الشركاء لحماية مصالحه الحيوية، إلى ضغوط يمارسها الاتحاد الأوروبي على المغرب من خلال الحكم الصادر عن المحكمة الأوروبية ضد استيراد المواد الفلاحية من الأقاليم الصحراوية.

ويقول في هذا السياق “أعتقد أن توجه المغرب نحو روسيا يحمل رسالة سياسية مفادها أن المغرب يملك خيارات أخرى للدفاع عن وحدته الترابية، وعن مصالحه الحيوية، ورسالة اقتصادية فحواها أن بإمكان المغرب تعويض الأسواق الأوروبية بالسوق الروسية التي تستورد كميات هامة من المنتوجات الفلاحية سنويا”.

يذكر أن الزيارة الرسمية التي قام بها الملك المغربي إلى روسيا تُوجت ببيان مشترك بين البلدين نص بخصوص نزاع الصحراء الغربية على أن روسيا الاتحادية تدعم جهود مجلس الأمن والمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة كريستوفر روس من أجل التوصل إلى حل سياسي مقبول من كلا الطرفين لنزاع الصحراء الغربية، وفقا لمبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة.

الحسن أبو يحيى

الجزيرة نت