قرار الرئيس أوباما زيادة عديد القوات الاميركية الخاصة في سوريا من 50 الى 300 يؤكد مرة أخرى تردده في تصعيد العمليات العسكرية في سوريا وتمسكه بسياسة الاجراءات المحدودة التي يرى انها تضمن له عدم التورط في حرب برية في المنطقة. القرار يعكس أيضاً رغبة أوباما في تحقيق نقلة نوعية في الحرب الجوية على قيادات تنظيم “داعش” في سوريا خلال الاشهر القليلة المتبقية من ولايته، لأن القوات الجديدة سوف تسهل عملية ارشاد القصف الجوي لقادة “داعش”، كما ستعمل على تدريب عناصر المعارضة السورية العربية العاملة في “قوات سوريا الديموقراطية” التي تشكل قوات الحماية الشعبية الكردية عنصرها الأساسي. وكان هدف نشر الدفعة الاولى من القوات الخاصة التنسيق مع القوات الكردية، اضافة الى تدريب عناصرها.
ويقول المسؤولون الاميركيون إن الهدف الأساسي الآخر لهذه القوات هو التعجيل في عملية تدريب قوات المعارضة السورية المؤلفة من السكان العرب للقيام بالدور الاساسي في عملية تحرير الرقة من تنظيم داعش، وهو هدف يأمل أوباما في تحقيقه بالتزامن مع حملة تحرير الموصل في العراق من سيطرة داعش والمتوقعة في وقت لاحق في هذه السنة. وأي محاولة لتحرير الرقة يجب ان تكون بواسطة قوات سورية معارضة عربية، بالتعاون مع القوات الكردية، لان الاكراد غير قادرين وحدهم ولا يريدون القيام بمهمة تحرير مدينة عربية مثل الرقة.
القرار يؤكد مرة أخرى ان أولويات الرئيس أوباما في
سوريا تبدأ بمحاربة “داعش”، وفي الوقت ذاته مواصلة التشكيك في شرعية الرئيس الاسد والقول إن بقاءه في السلطة غير مقبول بسبب حربه على شعبه، كما فعل أوباما أخيراً، ولكن مهادنته عمليا على الارض. اللافت أيضاً هو ان موقف الولايات المتحدة في مؤتمر جنيف يقترب أكثر من الموقف الروسي وخصوصاً لجهة وضع دستور جديد والبحث في عملية التوصل الى عملية انتقالية تبقي الاسد في السلطة خلالها.
ويوم الاربعاء الماضي لمح الناطق العسكري باسم التحالف الدولي ضد “داعش” من بغداد الكولونيل ستيف وارن الى ان الغارات الجوية الروسية على تنظيم “جبهة النصرة” في حلب مبررة، لان اتفاق وقف الأعمال العدائية لا يشمل “النصرة” التي “تسيطر” على حلب على حد قوله وهو ادعاء باطل لان هناك قوات معارضة أخرى بينها قوات تؤيدها واشنطن تسيطر على مناطق في حلب اضافة الى “النصرة”.
ومنذ هجمات باريس وسان بيرناردينو وبروكسيل الارهابية بات هاجس أوباما منع هجوم مماثل في أميركا خلال ولايته، وهذا ما يفسر جزئياً هاجس استهداف قيادات “داعش”، بمن فيهم “الخليفة” أبو بكر البغدادي.
هشام ملحم
صحيفة النهار اللبنانية