أحدث تقرير منظمة الشفافية الدولية عن موقع لبنان في دراستها المسحية للفساد، صدمة لدى الرأي العام المحلي لارتفاع نسب الفساد في بلادهم. حيث قال 92% من العينة اللبنانية المستطلعة من قبل المنظمة إن الفساد ازداد، وهي نسبة يجد فيها خبراء مؤشرا عن مدى انعدام ثقة المواطنين بمؤسسات دولتهم وبمن يحكم البلاد ويديرها.
واستطلعت منظمة الشفافية الدولية آراء 1200 شخص في دراستها المسحية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحت عنوان “الناس والفساد”، واعتبرت في قراءتها أن اللبنانيين “شديدو الانتقاد لجهود حكومتهم في محاربة الفساد”، وتبين لها أن 76% من المستطلعة آراؤهم يرون جهود الحكومة سيئة.
وقال 79% من العينة إن مسؤولين حكوميين ونوابا في البرلمان متورطون في الفساد، بينما رأى 52% وجود قضاة متورطين أيضا.
الفساد وأسبابه
ورأت المنظمة أن الفساد في لبنان مسيطر على السياسة وعلى الطريقة التي تدير بها الحكومة نشاطاتها. ولفتت في تقريرها إلى أن البلد المنقسم طائفيا فشل في إنتاج حكومة فاعلة منذ شغور منصب رئاسة الجمهورية ربيع عام 2014.
ويرى 59% من المستطلعين أن جهود حكومة بلادهم في محاربة الفساد “سيئة جدا”.
واعتبر الخبير في الشفافية والحكم الرشيد ومكافحة الفساد الدكتور سعيد عيسى، أن تقرير منظمة الشفافية يتفق مع الواقع.
وأضاف للجزيرة نت أن المواطن اللبناني “لا يثق بوجود محاربة للفساد” في ظل شغور منصب الرئاسة وتعطل عمل البرلمان والخلافات داخل الحكومة. واعتبر أن الأزمات السياسية التي تعصف بلبنان و”الناجمة عن الأداء السياسي”، أدت إلى اقتناع غالبية اللبنانيين بأن النظام السياسي “يحمي الفاسدين ويزيد من نسب الفساد”.
وعن ظاهرة استشراء الفساد في لبنان، يقول الخبير إن الأسباب متنوعة ومتعددة، منها غياب مؤسسات الرقابة وتعطل عملها، وعدم قيام القضاء بدوره.
والتحرك لمواجهة الفساد، يراه مدير الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية يحيى الحكيم، ضرورة لا بد منها. ويضيف الحكيم للجزيرة نت أن ارتفاع الكلام عن مؤشرات الفساد ناجم عن سباق السياسيين لكشف فساد بعضهم بعضا، مؤكدا أن مواجهة هذه الظاهرة تحتاج إلى توعية المواطنين، ولكنه أبدى أسفه لكون المواطن اللبناني أصبح متقبلا للفساد و”يسكت عنه”.
من جهته اعتبر الباحث في الشركة الدولية للمعلومات محمد شمس الدين أن أسباب تفشي الفساد في لبنان “واضحة، وهي النظام الطائفي الذي يمنع أي محاسبة أو مساءلة”.
وأضاف للجزيرة نت أن الفساد في لبنان “متجذر”، وكل أجهزة الرقابة أو المحاسبة معطلة لأن القرار السياسي هو ما يمنعها عن القيام بدورها.
تكلفة الفساد
وانتقد شمس الدين الذين يرون في محاسبة الفاسد اعتداء على طائفته، وأكد أن الحالة الطائفية اللبنانية التي تهيمن على البلاد ومؤسساتها تمنع أي تحرك لمواجهة الفساد، مشيرا إلى أن بعض اللبنانيين يستفيدون بشكل أو بآخر من الفساد، وبالتالي لا مصلحة لهم في محاربته والقضاء عليه.
ورأى أن المجتمع المدني كان خجولا في مواجهة الفساد، وأن المواطن يعبر بالكلام عن رفضه للواقع لكن لا يتحرك في الشارع ضده.
ارتفاع مؤشرات الفساد في لبنان، وبرودة مواجهته من قبل المواطنين -كما يقول الباحث شمس الدين- يكلف نحو 10% من الناتج المحلي.
وتكشف دراسة أعدتها الشركة الدولية للمعلومات، أن كلفة الفساد في لبنان هي بحدود ثلاثة مليارات دولار. ويقول شمس الدين إن هذه التكلفة “مرتفعة جدا وتزيد سنة بعد سنة، في ظل انحلال الدولة وتفشي ظاهرة الفساد”.
عفيف دياب
الجزيرة نت