الهبوط الحاد لأسعار النفط يغرق التحليلات في نظرية المؤامرة

الهبوط الحاد لأسعار النفط يغرق التحليلات في نظرية المؤامرة

اتهامات بوجود خطة لضرب الاقتصادين الروسي والإيراني، والدول الغربية تؤكد أن تراجع أسعار النفط يخدم مصالحها.

صبت التصريحات الغربية الكثير من الزيت على نظريات المؤامرة المشتعلة بسبب الانهيار الواسع لأسعار النفط العالمية، مما أثار ريبة سياسية واقتصادية ودفع باتجاه فرضية أن لا يكون هذا التراجع فعلا بريئا في محيط سياسي دولي يشكل النفط محركا للجزء الأكبر من جوانبه.

هيمنت نظريات المؤامرة على معظم ردود الفعل المتعلقة بالتراجع الحاد لأسعار النفط في ظل تصريحات أميركية وأوروبية عززت هذا الطرح. فقد أكد مسؤولون أميركيون أنهم يعتقدون أن هبوط الأسعار كان حتى الآن مفيدا للاقتصاد الأميركي، بينما توقع محللون أوروبيون أن يعود الهبوط الحاد في أسعار النفط بالفائدة على منطقة اليورو.

ويقول مراقبون إن “منطقة اليورو مقبلة على مرحلة من الركود الاقتصادي، لكن هبوط أسعار النفط أنعش الآمال بإمكانية تحفيز الاقتصاد”.

واعتبر مدير غرفة التجارة والصناعة الألمانية مارتن فانسليبن انهيار أسعار النفط بمثابة حزمة كبيرة لتحفيز الاقتصاد. وقال لصحيفة “بيلد” الألمانية “إذا ظلت أسعار النفط عند هذا المستوى فإن ذلك سيخفف أعباء الشركات والمستهلكين هذا العام بقيمة 20 مليار يورو”.

ويرى محللون أن الدول المستوردة مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول شرق آسيا هي أكبر المستفيدين وأن تراجع الأسعار إلى 50 دولار للبرميل فعل لا يخلو من “تآمر” سياسي واقتصادي.

كما يذهبون إلى أن واشنطن ربما سعت لهبوط أسعار النفط لكسر التأثير الروسي والإيراني والحد من دورهما في ملفات الصراع بالمنطقة، وتحديدا في الأزمات الأوكرانية والسورية والعراقية، إلى جانب استفادتها الاقتصادية.

ويشير محللون إلى أن طفرة إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة أدت إلى تغيرات جذرية في سوق النفط العالمية، مستندين في تقديراتهم إلى تصريحات أميركية تؤكد نجاح إدارة الرئيس باراك أوباما في زيادة الإنتاج المحلي من النفط والغاز. وكان المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست قد أشار الإثنين الماضي إلى أن انخفاض أسعار النفط مفيد للاقتصاد الأميركي، وبالتحديد بالنسبة للطبقة المتوسطة التي يعتبرها الرئيس حيوية في اقتصاد البلاد”.

 ويشار في هذا السياق إلى أن واشنطن اتجهت إلى استخراج النفط الصخري، رغم كلفة إنتاجه العالية وعملت في هذا الإطار من أجل تقليل الاعتماد على النفط العربي، على الأقل في هذه المرحلة.

أما كبار منتجي أوبك فيقولون إن دولا من خارج المنظمة هي التي ساهمت بتصرفات غير رشيدة في تراجع أسعار النفط. ويشير بعض المحللين من أصحاب نظرية “المؤامرة” إلى أن الأميركيين بادروا بأولى خطوات الدفع نحو هذا الانخفاض عبر التأثير على عمل منظمة “اوبك”.

ويؤكدون أن واشنطن دفعت باتجاه إيقاف مساعي المنظمة نحو إعادة التوازن لأسعار النفط العالمية والإبقاء على سقف الإنتاج، مما أدى إلى فائض كبير في إنتاج النفط وبالتالي انخفاض أسعاره بالشكل الذي أصبح عليه اليوم.

ويذهب بعض المحللين إلى أن الدول الخليجية المنتجة للنفط هي من عمل على هبوط أسعار النفط بالإصرار على الحفاظ على معدل الإنتاج الحالي، في ظل وفرة المعروض في أسواق النفط. ورجحوا أن يكون الهدف من وراء ذلك هو الحد من طفرة إنتاج النفط الصخري، ليتم لاحقا، التحكم في الأسعار.

لكن قراءات أخرى رأت أن هذا الرأي يجانب الصواب على اعتبار أن دول الخليج النفطية هي من أكثر الدول تضررا من تراجع الأسعار، وقد أثر ذلك سلبا على تداولات بورصات الخليج عموما، إضافة إلى التأثير المحتمل لتراجع أسعار النفط على الموازنات الخليجية.

ويؤكد مراقبون أنه من غير المنطقي أن تقوم الدول الخليجية المنتجة للنفط والتي تعتمد أساسا على عائدات النفط، بالعمل على هبوط الأسعار دون 50 دولارا للبرميل، كما أن أوبك ليست مسؤولة عن إغراق السوق بوفرة المعروض.

وتابع المزروعي أن قرار أوبك في نوفمبر الماضي بعدم خفض الإنتاج “حظى بتأييد كل الأعضاء بمن فيهم الإمارات ونحن واثقون من الطبيعة الاستراتيجية لمثل هذا القرار”، مضيفا أن منظمة أوبك ليست سبب وفرة المعروض ولا يمكن لومها إذا أغرقت دول من خارجها السوق بالمعروض.وقال سهيل بن محمد المزروعي وزير الطاقة الإماراتي لصحيفة “ذا ناشيونال” يوم الأربعاء إن امتصاص وفرة المعروض في السوق يحتاج بعض الوقت، وقد يستغرق الأمر أشهرا أو سنوات، إلا إذا تصرف المنتجون من خارج أوبك بعقلانية، حينها قد نرى تصحيحات إيجابية خلال 2015.

ويشير مراقبون آخرون تحديدا، إلى أن السعودية ربما كانت طرفا في هذه الأزمة بإصرارها على المحافظة على الإنتاج ورفض تخفيضه، وبالتالي فإنها تلتقي مع واشنطن في مسعى التأثير على الإنتاج الروسي والإيراني، في محاولة لدفع طهران وموسكو المتمسكتين بدعم النظام السوري، للتراجع عن موقفهما وإجبارهما أيضا على تقديم تنازلات متعلقة بالصراع الدائر في المنطقة.

لكن السعودية رفضت على لسان وزير البترول، علي النعيمي، الذي أكد أنه “لا صحة لما يتردد عن مؤامرة سعودية أدت إلى هبوط أسعار النفط، للإضرار بدول نفطية أخرى”.

وكان الوزير السعودي قد أبلغ الأسبوع الماضي نظراءه في دول أوبك بأن عليهم أن يكافحوا طفرة النفط الصخري في الولايات المتحدة، رافضا خفض إنتاج الخام بهدف الضغط على الأسعار وتقويض ربحية المنتجين في أميركا الشمالية.

صحيفة العرب