الجيش الامريكي يعود لتدريب القوات العراقية: المهمة مختلفة قليلا هذه المرة

الجيش الامريكي يعود لتدريب القوات العراقية: المهمة مختلفة قليلا هذه المرة

سنوات بعد محاولة الجيش الامريكي إنشاء جيش جديد في العراق بتكلفة بلغت أكثر من 25 مليار دولار أميركي، عاد المدربون الأمريكيون للمساعدة في إعادة بناء قوة قتالية في البلاد. ولكن هذه المرة، الأمور مختلفة، إذ يعتمد العراقيون على الخدمات اللوجستية الخاصة بهم، وهناك نقص في الأسلحة والذخائر المتاحة للتدريب.

وفي الوقت الحاضر، تقتصر فعاليات الجنود في معسكر التاجي بهتافات “بانغ بانغ” لمحاكاة اطلاق النار خلال التدريبات، مع الوضع في الاعتبار كيف هربت القوات العراقية من مواقعها في يونيو/ حزيران الماضي خلال هجوم كبير من قبل مسلحي “الدولة الإسلامية”، حيث اضاف المدربين الأميركيين بعض العناصر التدريبية الجديدة إلى المعسكر.

وقال الميجور مايكل كرنستون “نحن نعطيهم دروسا في إرادة القتال” حيث سبق له ان درب القوات العراقية بين عامي 2006 و 2007، والآن يشرف على برنامج التدريب الامريكي. وهناك أيضا المزيد من التركيز على تدريب كبار الضباط.

ويهدف البرنامج الأمريكي الجديد، الذي بدأ في أواخر ديسمبر الماضي، إلى القيام بتدريبات على الاسلحة الاساسية  والتكتيكات لـ 5000 جندي عراقي في غضون ستة إلى ثمانية أسابيع. ويأمل الجيش الامريكي في نهاية المطاف، بناء قوة قادرة على القيام بهجوم مضاد ضد “الدولة الإسلامية”، التي سيطرت على مساحات كبيرة من شمال وغرب العراق.

وفي ساحة التدريب، اجتاح خمسة مجندين في الجيش العراقي برعونة حاملين رشاشات كلاشنكون AK-47S  مقتربين من مبنى خشبي، ليركلوا من الاسفل الباب الخشبي الذي كان قد تم تدعمه. كما درب اثنان من المدربين الأميركيين المجموعة على كيفية تصويب أسلحتهم، وعلى بضعة أمتار، واخذ جندي أمريكي يضرب بمطرقة ضد قطب معدني لمحاكاة صوت نيران العدو.

وقال النقيب جون كيومب “هناك الحد الأدنى من المعدات” وهو احد المدربين الامريكيين  مؤكدا ان هذه التدريبات ليست ضرورية، ولكن بسبب عقبات الحصول على الأسلحة والعتاد نظرا لتعقيد البيروقراطية العراقية وتخلف نظام النقل والإمداد. “لمعرفة اين تكون الاشياء وهي موجودة في مكان ما في النظام؛ وعلينا مجرد الحصول عليها “.

فالكتيبة التي يقوم بتدريبها كان من المفترض أن تستخدم رشاشات دوشكا السوفيتية الصنع في ممارستهم صباح يوم الاربعاء، ولكن أيا من هذا لم يحدث. وبينما كان يقود سيارته بين القواعد، تلقى كرنستون اتصالا من قائد عراقي قال انه يمكن تقديم 20000 بندقية M-16 للتدريب, وقال اللفتنانت كولونيل شون رايان، وهو ضابط الشؤون العامة في الجيش الامريكي “ان ذلك يحدث فرقا كبيرا في المعنويات اذا ما تدربوا على السلاح “. ولكن لا الجنود لديهم M-16S؟ واضاف “انهم لا زالوا بحاجة الى الكثير”.

بالإضافة إلى المشاكل اللوجستية والبيروقراطية في العراق، فهناك معوقات عدة تواجه التدريب عندما تتمزق البلاد بسبب النزاع. فخلال جلسة صباح الأربعاء، تدرب 80 جنديا على دبابتين من نوع M1A1 أبرامز، وهي تابعة للفرقة التاسعة، التي تتواجد في معسكر التاجي، كما تنتشر قطعاتها في أسوأ نقاط في البلاد، الانبار وبيجي وسامراء.

وقال النقيب ياسين صالح، المدرب العراقي في المخيم أن بعض الدبابات ما تزال في الخدمة، وكثير منها فقد في القتال أو تم التخلي عنه للعدو. ويقول صالح أن ما متاح للقوات العراقية هو نصف عدد الدبابات الأمريكية التي تم استلامها في عام 2011 والبالغة 140 دبابة .

ان التخلي عن الكثير من المعدات للعدو تثير مخاوف بشأن إعادة تسليح القوات العراقية، ويقول مسؤولون أمريكيون ان الضمانات اليوم حول المخزونات الحالية من الأسلحة.

المهمة المختلفة

يبعد معسكر التاجي عن بغداد، بحدود 20 ميلا الى الشمال من العاصمة، إذ كان موقعا لعشرات الآلاف من القوات الأمريكية، واليوم فيه 175 جندي ينتمون الى فرقة المشاة التابعة إلى معسكر فورت رايلي ومقره ولاية كنساس، مهمتهم هي جزء من برنامج أمريكي لتدريب وتجهيز وبمبلغ مقداره 1.2 مليار دولار.

فالجنود الأمريكيون اليوم يتكيفون مع حالة كونهم ضيوف، فهم ليسوا من يديرون المشهد، الذي كان سائدا من عام 2003 حتى عام 2011، عندما انسحب الجيش الامريكي.

وفي مؤتمر صحفي عقد صباح الأربعاء، ذكر الرقيب تيموثي برانهاوس لمجموعة من المدربين أن الأمور قد تغيرت “نحن لسنا هنا للقتال بعد الآن”، مؤكدا “نحن الآن فقط في العنبر، ولديكم الحق في الدفاع عن انفسكم وأصدقائكم، وقياس كمية القوة اللازمة لحماية جميع المعدات “.وأضاف كرنستون: “تذكروا، نحن على قاعدة عراقية، مجرد الاسترخاء، لا تكتيكات تخويف، اهتموا بما تقومون به “.

الجنود هنا هي يبلغ تعدادهم حوالي 1800 مستشار أمريكي في جميع أنحاء البلاد، ومن المتوقع أن يزاد الرقم ليصل إلى 3000 مستشار في الأسابيع القادمة، كما ستتزايد مواقع التدريب الاربعة الحالية لتصل إلى ثمانية مواقع.

درس “الإرادة المحاربة” ليس هو العنصر الوحيد الجديد في التعليمات، فقد طلبت الحكومة العراقية المزيد من تدريب الضباط والقادة، في برنامج تدريب الجنود النظاميين والتركيز على بناء وشحذ الروح القيادية لجميع الرتب، وعلى تعليم الجنود كيفية إكمال المهمة عندما يتم قتل أو جرح القائد. بعد انهيار قيادة الجيش، الذي تسبب في تبخر أربعة فرق للجيش العراقي في يونيو /حزيران الماضي.

 بناء الثقة

قال كرنستون أنه حتى مع انهيار الجيش العراقي، فان التدريب لم يتم بطريقة تختلف كثيرا عن المرة الاولى، ويعتقد ان المشكلة برزت بعد انسحاب القوات الامريكية، حيث لم تتم المحافظة على التدريب بشكل صحيح. “نحن نحاول القيام بما في وسعنا لتغيير الامر قليلا، حتى يتمكن الجنود من الثقة بقادتهم اكثر”.

وتعهد رئيس الوزراء حيدر العبادي خفض الفساد في الجيش، واحال العشرات من كبار القادة الى التقاعد، ولكن هناك طريق طويل لنقطعه. بحسب ما قاله بعض الضباط العراقيين ومع كل ما يحصل من تدريب للجنود، فإن الجيش العراقي لا يزال ضعيفا حتى يتم إجراء تلك التغييرات الهيكلية العميقة.

وقال الملازم أول محمد هاشم محمد، الذي يتعلم ليكون مدربا للفرقة 15، لوحدة الجيش العراقي الجدي، الفساد منتشرعلى نطاق واسع في وزارة الدفاع.

واضاف “حتى اليوم عليك ان تدفع لتتم ترقيتك”، واضاف “لكن نحن نحاول تصحيح الأخطاء التي حدثت.”

صحيفة الواشنطن بوست

http://www.washingtonpost.com/world/the-us-military-is-back-training-troops-in-iraq-but-its-a-little-different-this-time/2015/01/08/11b9aa58-95f2-11e4-8385-866293322c2f_story.html?hpid=z1