يضع التحالف العراقي ـ الايراني المتين الذي سمح بتغلغل قوات الحرس الثوري الايراني في الاراضي العراقية تحت عنوان محاربة «داعش»، العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة على المحك. ووفق مصادر مقربة من واشنطن، فإن الولايات المتحدة ستضع الحكومة العراقية أمام خيارين: إما صفقات التسلح الأميركي، أو الإبقاء على دور الجنرال الإيراني قاسم سليماني في بناء ودعم الميليشيات الشيعية.
وأفاد مصدر عراقي مطلع ان «العلاقات العراقية ـ الاميركية ستتعرض الى هزة كبيرة في المرحلة المقبلة على اثر نشر تقارير صحافية اميركية مصورة لانتهاكات خطيرة على يد الميليشيات الشيعية».
وقال المصدر الذي له علاقات واسعة مع مراكز صنع القرار في واشنطن لـ»المستقبل» ان «انتهاكات الميليشيات الشيعية وتنامي النفوذ الايراني سيستدعي حتما تدخل الكونغرس الاميركي وفتح تحقيق حول احتمال تحويل جزء من الدعم اللوجستي الاميركي الى هذه الميليشيات بقرار من الحكومة العراقية، التي تغض النظر عن تجاوزات قانونية للقانونين الاميركي والدولي».
وأضاف المصدر ان «كل هذه المؤشرات ستعقد مساعي اعادة بناء الجيش العراقي ودعمه بالمعدات وبالغطاء الجوي»، مشيرا الى ان «البعض يعتقد ان الدعم الاميركي غير كاف وأن العراق في غنى عنه إن استمر على هذه الوتيرة».
وحذر المصدر من ان «الصورة الميدانية قد تتغير بشكل كبير في المناطق الوسطى من العراق ان تم تجميد او تقليص التعاون الاميركي بفعل تحقيقات ومعارضة الكونغرس الاميركي، فكل هذه الامور كانت متوقعة مع اتساع الدور الايراني وعدم اهتمام الساسة العراقيين لردود الافعال بخصوص العلاقات الاستثنائية مع ايران»، مشيرا الى ان «الديبلوماسية العراقية ومن خلفها جهد اللوبي العراقي في واشنطن الذي يكلف 750 الف دولار شهريا، ليسا قادرين على مواجهة هذه الخضة المتوقعة»
ولفت المصدر الى ان «الحكومة العراقية ستواجه قراراً اميركياً مصيريا قريبا هو: إما مقاتلات اف 16 والسلاح الاميركي او قائد قوة القدس الجنرال قاسم سليماني الحاضر بفاعلية في الاراضي العراقية مع المئات من عناصر الحرس الثوري»، موضحا ان «الموقف العراقي من ايران يتم وفق إستراتيجية قصيرة النظر رسمها عراقيون وايرانيون، وهي استراتيجية ستضع العراق امام موقف مصيري في ظرف عصيب ومتقلب».
وتدعم اوساط فاعلة في الكونغرس الاميركي تغيير الدور العسكري لواشنطن في العراق من حالة الغطاء الجوي او الدعم التسليحي، الى نشر قوات اميركية برية على الارض لمواجهة «داعش». وبهذا الصدد، دعا عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الجمهوري ورئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، جون ماكين الادارة الأميركية إلى ارسال قوات برية قتالية للمشاركة في الحرب ضد التنظيم المتطرف في العراق وسوريا.
وانتقد ماكين في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» الرئيس الأميركي باراك أوباما وحكومته بالقول: «ليست لدي ثقة على الاطلاق (بالإدارة الأميركية)؛ ليس لديها استراتيجية لهزيمة «داعش». هناك خطر داهم في عودة مقاتلي التنظيم في سوريا والعراق إلى اوروبا والولايات المتحدة، أو أي بلدان أخرى وارتكاب أفعال إرهابية».
ودعا ماكين إلى «وضع استراتيجية مختلفة للتعامل مع «داعش»، لافتا إلى أن «هذه الاستراتيجية تتطلب تدخل الولايات المتحدة ليس كما حدث من قبل (في حرب العراق وافغانستان)، لكنها تتطلب حتما قوات برية»، موضحا أن هذه هي «الوسيلة الوحيدة لهزم داعش في المستقبل المنظور».
ورفضت الولايات المتحدة دوماً دعم منطقة عازلة في سوريا وكذلك وضع فكرة الإطاحة برأس النظام السوري بشار الأسد عن طريق التدخل العسكري ضمن استراتيجيتها.
وقام ماكين في الفترة الأخيرة برحلة مكوكية شملت العراق وأفغانستان وتركيا، التقى فيها قيادات من المعارضة السورية الذين تحدثوا إليه عن معاناتهم والمشاكل التي تواجههم في حربهم ضد النظام السوري.
وبعيدا عن المواقف الاميركية حيال الاوضاع المضطربة في العراق، شارفت الاستعدادات العراقية على النهاية في التحضير لعملية استعادة الموصل مركز محافظة نينوى (شمال العراق) من تنظيم «داعش» الذي سيطر عليها في 10 حزيران من العام الماضي.
وذكرت مصادر مطلعة ان «وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي اعلن تشكيل غرفة عمليات مشتركة بين القوات الامنية الاتحادية والبشمركة الكردية من اجل التنسيق وتبادل المعلومات في عملية تحرير الموصل من داعش».
وقالت المصادر ان «نائب الرئيس العراقي لشؤون الامن والدفاع اسامة النجيفي زار مع وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي محور قضاء مخمور (جنوب شرق الموصل) لتفقد القطعات العسكرية والبشمركة في جبهات القتال»، لافتة الى ان «النجيفي والعبيدي اكدا استكمال التحضيرات لتحرير الموصل».
وأوضحت المصادر ان «غرفة العمليات المشتركة بين القوات الامنية العراقية والبشمركة الكردية ستهتم بتبادل المعلومات الاستخبارية بخصوص تحركات «داعش« ووضع الخطط العسكرية بالتعاون مع الولايات المتحدة والخبراء العسكريين في القواعد العسكرية العراقية للسيطرة على مدينة الموصل».
وكان تنظيم «داعش» قد تمكن من احتلال الموصل في 10 حزيران الماضي، ثم سيطر بعد يوم واحد على تكريت ومدن اخرى في اثر انهيار قطعات الجيش العراقي وتركها لمواقعها دون اي قتال يذكر.
ميدانياً، افاد مصدر أمني في الانبار (غرب العراق) أن عناصر تنظيم «داعش» شنوا هجوما واسعا بالاسلحة الثقيلة والمتوسطة على عدد من ابراج المراقبة التابعة للقوات الامنية ومقاتلي العشائر في منطقة الحوز وحي المعلمين (وسط الرمادي).
كما اعلن قائمقام قضاء حديثة عبد الحكيم الجغيفي ان القوات الامنية العراقية دمرت امس وكرا لعناصر «داعش» الارهابية وقتلت 12 عنصرا منهم جنوب بلدة بروانة غرب الانبار.
وفي صلاح الدين (شمال بغداد) اعلن مصدر امني اصابة 10 من عناصر الميليشيات الشيعية في اشتباكات عنيفة امس مع تنظيم «داعش» في مناطق السيد غريب شمال غرب قضاء الدجيل، ومنطقة الرفيعات غرب قضاء بلد، مشيراً الى ان «الاشتباكات تجددت خلال اليومين الماضيين بين عناصر تنظيم «داعش« والقوات الامنية في مناطق شمال وجنوب غرب قضاء الدجيل، وأسفرت عن مقتل 25 من عناصر ميليشيات الحشد الشعبي واصابة 70 آخرين بجروح متفاوتة».
المركز اللبناني للابحاث والدراسات