في ظل اقتراب موعد تسلّم وزارة الداخلية العراقية الملف الأمني في بغداد، وانسحاب الجيش من الأحياء السكنية وتمركزه حول أسوار العاصمة، تتزايد المخاوف من ارتفاع حالات الخطف والابتزاز والقتل على الهوية، بسبب الشكوك حول فساد الوزارة و”تاريخها السيئ”، وخضوعها للمليشيات منذ تأسيسها في عام 2003.
وأعلن مجلس محافظة بغداد أنّ “الملف سيُنقل إلى الداخلية منتصف العام الجاري 2015″، وأنّ “الجيش سينسحب بالكامل من داخل العاصمة”. وقال عضو اللجنة الأمنية في المجلس، سعد المطلبي، في بيان إنّ “المجلس عقد اجتماعاً مع وزير الداخلية محمد سالم الغبان، لوضع خطوات تغيير الخطط الأمنية في بغداد ضمن آليات نقل الملف الأمني إلى وزارة الداخلية”، مبيّناً “تحديد مدّة ستة أشهر لحسم ذلك، وسحب الجيش من الشوارع وحواجز التفتيش إلى المداخل والبوابات المحيطة في بغداد”.
وأشار إلى أنّ بغداد ستُقسم بموجب الخطة الأمنية إلى 12 منطقة أمنية “تكون بمسؤوليات اتحادية محلية مشتركة، وبموجب خارطة جديدة، تكون مرتبطة بلجنة استخبارية مركزية مكونة من الأجهزة الاستخبارية كافة”.
وأضاف “كما ستتم إعادة النظر في جميع حواجز التفتيش الموجودة في بغداد، واستبدالها بنقاط تفتيش منظمة تعتمد على الأجهزة الإلكترونية الحديثة في الكشف، لا سيما أنّ المحافظة تعاقدت مع شركات أمنية لشراء أجهزة (k9) بقيمة خمسة مليارات دينار، وكذلك نصب أنظمة سيطرة متطورة، تتيح مجالاً أكبر من المراقبة والرصد لتحركات المشبوهين”.
وأضاف المطلبي أنّ “الخطط لن تركز على الإجراءات التنفيذية فحسب، بل إنّ جانب التثقيف ضروري جداً من أجل إعادة الثقة بين المواطن ورجل الأمن، وذلك من خلال استمرار حملة مكافحة الفساد، وإقصاء المفسدين داخل الأجهزة الأمنية، وتدريب منتسبيها خارج البلاد على أساليب حديثة في التعامل مع المواطنين، لا سيما أنّ الاقتصار على أساليب الردع الأمني باتت غير مجدية، ويجب استبدالها بأساليب أكثر جدّية وتاثيراً”.
من جهته، قال عضو في لجنة الأمن في مجلس محافظة بغداد، فضل عدم نشر اسمه، لـ”العربي الجديد”، إنّ “وزارة الداخلية لم يتم تطهيرها من العناصر الفاسدة والعناصر المندسّة بشكل جيد، وكما هو معلوم فإنّها مرتبطة بإيران بشكل كامل، فهي بحاجة إلى إعادة إصلاح وهيكلة من جديد قبل استلام أيّ ملف أمني”.
وأضاف أنّ “انفراد الوزارة بالملف سيكون عامل خطر على أمن بغداد، خصوصاً أنّ ذلك سيجعلها تعمل كجهة رئيسية منفردة لا متنافسة مع جهة أخرى، لذا فإنّ هذه الخطوة ستكون لها تداعيات سلبية على الملف الأمني في العاصمة”. ودعا رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى “التريث في هذه الخطوة حتى يتم تطهيرها وإعادة هيكلة وزارة الداخلية من جديد”.
من جهته، رأى الخبير الأمني، أحمد السعيدي، أنّ “العامل الأساس في الملف الأمني في بغداد، هو كبح جماح المليشيات التي تعمل بحماية قانونية”.
وأكّد أنّ “ارتباط المليشيات بوزارة الداخلية أمر لا يخفى على الجميع، وأنّ انفراد الداخلية بالملف الأمني سيزيد من فاعلية تلك المليشيات على الأرض، لذا فإنّ استلام الملف الأمني من قبل الداخلية سيكون وبالاً على المواطنين”.
ودعا إلى أن “يكون التعامل مع الملف الأمني وفقاً لإفرازات الواقع على الأرض، لا أن يُربط الأمن بوزارة معينة أو لجنة أو هيئة معينة، أي أنّ دراسة حقيقية لأسباب تردّي أمن بغداد ستكشف عن دور المليشيات الكبير، وأنّ اجتثاث تلك المليشيات سيكون الحلّ الأساس في تحسن الأمن الداخلي”.
وفي الشارع البغدادي، رُفعت مطالب بضرورة اعتماد زي موحد لمنتسبي وزارة الداخلية، ووضع أسماء المنتسبين على بزّاتهم، خوفاً من عودة موجة الخطف والابتزاز مجدداً.
وقال رئيس أعيان بغداد، هاشم الكرخي، حالياً هناك موجات الخطف والقتل على الهوية والسرقات، تلقى التهم فيها على مليشيات (الحشد الشعبي)، لكن غداً بعد استلام الداخلية الملف ستكون تلك المليشيات هي الحكم والجلاد، وهنا تكمن مخاوف الناس في بغداد، ويجب أن يتم وضع حدّ لمخاوف الناس وطمأنتهم بسرعة”.
وتشهد بغداد، تصاعداً خطيراً في حالات الخطف والابتزاز والقتل، في الوقت الذي تعيش فيه أيضاً تفجيرات بشكل مستمر، تودي بأرواح العشرات في كل يوم بمختلف مناطق العاصمة.
صفاء عبد الحميد
العربي الجديد