واحتشدت في العاصمة العراقية أعداد كبيرة من المليشيات المسلحة، بدأت بالدخول إلى بغداد منذ السبت الماضي، في وقت تتخذ مليشيا “سرايا السلام“، التابعة لمقتدى الصدر، استعدادات عسكرية داخل بغداد لمواجهة “اعتداءات متوقعة من قبل تنظيم “الدولة الإسلامية””.
ووفقاً لشهود عيان، وصلت إلى العاصمة العراقية أرتال من مليشيات مختلفة قادمة من محافظات العراق الشمالية والجنوبية والوسطى، بعضها انضم إلى مليشيات أخرى على محيط العاصمة، وشاركت في عمليات مداهمة لبعض القرى في أطراف بغداد الشمالية والجنوبية والغربية، في محاولة لقطع الطريق على “داعش” في حال تحرك لتنفيذ أعمال مسلحة، مستغلاً انشغال القوات الأمنية بمعركة “تحرير الفلوجة”، وهو ما أكده قياديون وعناصر من المليشيات لـ”العربي الجديد”.
كما استقرت أعداد أخرى من المليشيات في مناطق من بغداد، فيما ذهب قسم كبير منها إلى وسط العاصمة، قريباً من المنطقة الخضراء، التي تحوي مباني الحكومة العراقية، وكبرى السفارات الأجنبية.
وقال القيادي بمليشيا “الحشد الشعبي”، فاضل الدهلكي، إن “عدداً من مناطق بغداد تعتبر حواضن لـ”داعش”، لذلك تمت محاصرتها والسيطرة عليها بالاعتماد على الجهود الاستخبارية”.
وبحسب ما ذكره الدهلكي، وأيده قادة آخرون في مليشيا “الحشد الشعبي”، التي تضم أغلب الفصائل المسلحة الشيعية، فإنه “تم تصفية الخلافات بين بعض الفصائل، لا سيما “سرايا السلام”، التي سيكون لهم دور في الحفاظ على أمن بغداد، وكذلك تحرير الفلوجة”.
يشار إلى أن حدة الخلافات بين المليشيات تعود لخلاف مماثل داخل “التحالف الوطني”، والذي يضم القوى السياسية الحاكمة في العراق، وصل حتى قبل أيام مرحلة “تكسير العظام”، بحيث قدمت مليشيات من مختلف المحافظات إلى بغداد للوقوف بوجه مليشيا “سرايا السلام”، الجناح المسلح لـ”التيار الصدري”، الذي يتزعمه مقتدى الصدر، وذلك نتيجة تبني التيار عملية التغيير السياسية في العراق، واقتحام عناصره المنطقة الخضراء.
في المقابل، يتهم “التيار الصدري” مليشيات بالوقوف وراء استهداف مناطق يقطنها مناصروه، مؤكدين هذا بتفجيرات مختلفة وقعت في مناطق تعرف بأنها تابعة لـ”التيار الصدري”، ومنها مدينة الصدر، وحي عدن وحي جميلة، وخلفت أعداداً كبيرة من القتلى والجرحى.
وشهدت تلك المناطق تفجيرات دامية، استهدفت أسواقاً شعبية في أوقات سابقة أعقبت الاقتحام الأول للمنطقة الخضراء.
وأكد عباس الخفاجي، وهو قيادي في “سرايا السلام”، لـ”العربي الجديد”، أن “التفجيرات من تدبير مليشيات، لأن “التيار الصدري” قاد ثورة ضد الفساد الحكومي. هذا رأي جميع قادة وعناصر “سرايا السلام”، لذلك نسعى لأن نحمي مناطقنا”.
وشهدت العاصمة العراقية، خلال أقل من شهر واحد، اقتحامين للمنطقة الخضراء. ففي الثلاثين من أبريل/نيسان الماضي، اقتحم متظاهرون من أتباع التيار المنطقة الخضراء، المعروفة بأنها شديدة التحصين، حيث تمكنوا من الدخول إلى مجلس النواب والاعتداء على أعضاء برلمانيين.
والاقتحام الثاني وقع الجمعة الماضي، ودخل المتظاهرون هذه المرة إلى مكتب رئيس الوزراء، حيدر العبادي، في “سابقة خطيرة”، لكن القوات الأمنية تعاملت بعنف مع المتظاهرين هذه المرة على خلاف المرة الأولى، وفتحت النار وقنابل مسيلة للدموع، نتج عنها سقوط أربعة قتلى وعشرات المصابين.
وتشير مصادر مطلعة على الشأن الداخلي لـ”التحالف الوطني”، وهو الذي يجمع تحت خيمته جميع الفصائل والكتل الشيعية، لـ”العربي الجديد”، إلى أن خلافات حادة يشهدها التحالف، وصلت إلى تهديدات لبعض كبار قادته، وأنه يعيش انقسامات داخلية، أبرزها بين نوري المالكي، رئيس الوزراء السابق، وحيدر العبادي، رئيس الوزراء الحالي.
وكشف المصدر، طالباً عدم ذكر اسمه، أن رئيس الوزراء وضع جميع القوى، لا سيما الأحزاب الشيعية، أمام الأمر الواقع، في إعلانه معركة “تحرير الفلوجة” ضد “داعش” التي انطلقت مساء أمس الأحد، مبيناً أن “العبادي نجح في تهدئة القيادات السنية، حين وعدهم بعدم مشاركة الحشد الشعبي والفصائل المسلحة الأخرى (المليشيات)، لكنه اتفق، من جانب آخر، مع كبار قادة التحالف والحشد لمشاركة تلك الفصائل وفق ضوابط محددة، منها عدم تقدمهم برفقة القوات العسكرية، ولكن سيكون دورهم سانداً”.
ويرفض سياسيون “سنّة” وسكان المناطق التي يسيطر عليها التنظيم اشتراك قوات “المليشيات” بتحرير مناطقهم؛ كونها متهمة بخروقات إنسانية، وتتعامل بعنف مع سكان المناطق بعد تحريرها، وفق قولهم.
وكان العبادي قد أعلن، في وقت مبكر من اليوم الإثنين، عن انطلاق العمليات العسكرية لتحرير مدينة الفلوجة (62 كم غرب بغداد)، موضحاً أن “معركة تحرير الفلوجة يشارك فيها الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي والشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب والحشد العشائري في محافظة الأنبار”.
ونقل سكان محليون من داخل الفلوجة أن سماء المدينة تحولت، صباح اليوم، إلى كتلة حمراء من شدة النيران الكثيفة التي أطلقتها القوات المشتركة، مؤكدين أن القصف يتم بشكل عشوائي، حيث تتعرض جميع الأحياء المدنية للضرب.
آدم محمود
صحيفة العربي الجديد