على مساحة تقدر بنحو 25 ألف كليومتر مربع في محافظة صلاح الدين ومركزها مدينة تكريت، يعيش نحو مليون ونصف المليون ينتمون إلى عشائر عربية سنية وأخرى شيعية ومجاميع من التركمان والكرد، غير أن المليشيات الشيعية تحاول إفراغها من السكان العرب السنة.
وبالعودة إلى أحداث الموصل منتصف العام 2014 وانهيار الجيش العراقي وتقهقره، فقد سيطر مسلحوتنظيم الدولة الإسلامية على محافظة صلاح الدين التي تقع إلى الشمال من العاصمة بغداد، مما أدى إلى تأجيل التنافس عليها.
لكن ذلك المؤجل عاد بقوة عقب تمكن القوات العراقية بإسناد من مليشيات الحشد الشعبي من استعادة السيطرة على معظم أراضي المحافظة، ولكن بمعطيات جديدة حيث دخلها الشيعة العرب والتركمان منتصرين، والتزم الكرد مناطقهم التي تسيطر عليها قوات البشمركة.
مع التشكيل الجديد وقع العرب السنة بين فكي كماشة الوضع الأمني، الذي فرضته مليشيات الحشد الشعبي، فمنع معظمهم من العودة إلى ديارهم واعتقل آخرون وهدمت مساجدهم وقراهم.
بلدة يثرب
وبدت هذه السياسة واضحة جدا في بلدة يثرب التي تعتبرها المليشيات الشيعية “منطقة إرهابية”، ونالت نصيب الأسد من الطوق الأمني المفروض على المنطقة، حتى إن سكانها النازحين لم يتمكنوا من العودة إليها حتى الآن.
في هذا السياق، كشفت وثائق موقعة من قبل محافظ صلاح الدين وحصلت عليها الجزيرة، أن القرار قد اتخذ بفصل المنطقتين الحادية عشرة والثانية عشرة عن بلدة يثرب جنوب المحافظة وإلحاقهما ببلدة بلد.
ووصفت هذه العملية بأكبر تغيير ديمغرافي في هذه المحافظة، صودرت خلالها آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية العائدة ملكيتها أو حق التصرف فيها إلى العشائر السنية.
وأقرّ المتحدث باسم الحشد الشعبي في العراق كريم النوري بصحة ما ورد في الوثائق وبوجود توجهٍ لإفراغ مناطق محددة بمحافظة صلاح الدين العراقية من المكون السني.
وقال في حديث للجزيرة “لا ننكر أن هناك واقعا واحتكاكا وتماسا بين المكونات وعشائر قتلَ بعضها بعضا، ومشاكل وثارات عشائرية قبل وبعد دخول تنظيم الدولة”.
مناطق شيعية
هذا التصريح اعتبره مراقبون بداية لتبرير اغتيال من تشك المليشيات الشيعية في صلته بتنظيم الدولة، وإلصاق تهمة مقتله بالعشائر في سياق الثارات التي يبدو أنها ستستمر طويلا.
في غضون ذلك، أكدت مصادر خاصة للجزيرة نت من داخل مدن وبلدات صلاح الدين، أن مليشيات الحشد الشعبي تضيق على العرب السنة بشكل كبير، وتحاول أن تجرهم إما إلى إعلان التشيع، وإما إلى الخروج من المنطقة دون رجعة، وإما إلى التعرض للاعتقال تحت ذريعة محاربة الإرهاب.
وتعد جميع هذه المناطق التي تحاول المليشيات الشيعية إفراغها من سكانها العرب السنة ذات أهمية إستراتيجية، فهي تسيطر على الطريق بين بغداد وسامراء بمحاذاة الحدود العراقية الإيرانية.
ووفقا للمصادر فإن المليشيات الشيعية تسعى إلى جعل سامراء حيث مرقد الإمامين العسكريين و”سرداب المهدي المنتظر” منطقة شيعية خالصة ترتبط مباشرة بإيران دون المرور بمناطق سنية.
واعتبر المحلل العسكري إحسان القيسون أن المكون السني يعتبر حاليا الحلقة الأضعف في العراق بسبب ضعف ممثليه في العملية السياسية.
وأضاف في حديث للجزيرة نت أنه من الصعب أن يتمكن العرب السنة من الوقوف في وجه هذا التغيير الديمغرافي عبر اللجوء إلى المنظمات الدولية، “لأنها لا تستمع إلا لمن يطرحون أنفسهم ممثلين للسنة، وهم على ما يبدو راضون بالأمر”.
أمير فندي
الجزيرة نت