الاتفاق النووي الإيراني بات أقرب إلى الانهيار

الاتفاق النووي الإيراني بات أقرب إلى الانهيار

_81186_iran3

لم يكد الإيرانيون ينهون احتفالاتهم بالاتفاق النووي الذي كان بموجبه رفع العقوبات الاقتصادية القاسية عن بلادهم، حتى باتوا أمام حقيقة جلية؛ وهي أن الاتفاق الذي استماتت طهران وواشنطن من أجل التوصل إليه قد ينهار في وقت أقرب مما توقعه أكثر المتشائمين.

ويعود السبب في ذلك لاستمرار منع البنوك الإيرانية من التعامل مع نظيرتها الأميركية، ومن ثم عدم قدرتها على الحصول على الدولار الذي تحتاجه إيران بشدة لإتمام صفقاتها التجارية ولجذب المستثمرين الذين يخشون غضب الولايات المتحدة.

وتشكك سوزان مالوني الخبيرة في مجال الطاقة والأمن الدولي في أن الاتفاق النووي قادر على الاستمرار، ووصفته “بمركبة تسير على الطريق، لكنها بدأت تفقد عجلاتها قبل الوصول إلى المحطة المطلوبة”، وذلك خلال أقل من عام من توقيعه.

فالعقوبات الدولية غير المتعلقة بالملف النووي الإيراني لاتزال قائمة بطريقة تؤدي إلى شلل الاقتصاد الإيراني، وهو ما يزيد شيئا فشيئا من غضب القيادة العليا في طهران.

ورغم أن تطبيق الاتفاق النووي أدى إلى رفع الكثير من العقوبات، إلا أنه قد سمح فقط للسجاد الفارسي والفستق الإيراني بالدخول إلى السوق الأميركية من بين صادرات إيران.

ولم تتحقق الوعود الأميركية لطهران، التي ذكرتها كبيرة المفاوضين الأميركيين ويندي شيرمن، وقالت عنها إن “العالم كله سيتسابق للوصول إلى إيران لدرجة أن طهران ستفيض بالمستثمرين الأجانب”.

ويكتشف الإيرانيون بالتدريج أن هذه الوعود كانت على الأرجح “مكافأة وهمية”.

ولم تتمكن طهران من الاستفادة من أكثر من 100 مليار دولار مازالت في البنوك الدولية. ويرجع السبب في ذلك إلى أن قوانين الولايات المتحدة، والتي لم تدرج في الاتفاق النووي، لا تزال مشددة للغاية على طهران.

فهذه العقوبات الأميركية التي تأتي خارج التفاهم الأميركي الإيراني تجعل غالبية المستثمرين الأجانب يبتعدون عن السوق الإيرانية، في ظل امتناع البنوك الأجنبية عن تمويل أيّ مشروعات في إيران خشية خرق العقوبات الأميركية.

وبالتوازي مع ذلك، تكاد القيادة الإيرانية تفقد صبرها، إذ بدأت تتهم الإدارة الأميركية بأنها لم تلتزم بتعهداتها.

وإيران من أكثر المصدرين تضررا منذ التراجع الحاد في أسعار النفط في صيف 2014. وحتى في أفضل الأوقات، لم تكن الجمهورية الإسلامية قط مكانا سهلا لا سيما للقيام بأعمال تجارية، كما أن الكثير من المشكلات الاقتصادية الهيكلية التي تفاقمت منذ عشر سنوات جراء العقوبات، استمرت منذ حكم الرئيس محمود أحمدي نجاد.

وتريد طهران من واشنطن تخفيف هذه العقوبات، لكن ذلك سيتطلب قرارا من الكونغرس، وهو أمر مستبعد وسط زخم الانتخابات، مثلما أن بعض الديمقراطيين ليسوا في مزاج يسمح لهم بإعادة النظر في اتفاق يعتبره الكثيرون معيبا.

ويرى خبراء أميركيون أن الوقت غير مناسب تماما لتحقيق رغبات إيران، إذ يميل أعضاء الكونغرس إلى السير بالاتجاه المعاكس، وهو ما يعني فرض المزيد من العقوبات على إيران التي استأنفت مؤخرا برنامجها المتعلق بالصواريخ البالستية.

في المقابل لا يرغب المتشددون المقربون من المرشد الأعلى بالاستمرار في تطبيق الاتفاق النووي، ويحثون الرئيس “المعتدل” حسن روحاني على إلغائه.

ويقول تايلور كوليس الخبير القانوني المتخصص في العلاقات الأميركية الإيرانية إن “الأجواء السياسية تغلق الأبواب أمام الطرفين”.

كما يواجه أوباما هجمات وانتقادات مشابهة من شخصيات رفيعة تتهمه بأنه “بشكل مقصود” كذب على الكونغرس، بعد اعتراف مستشار في البيت الأبيض عن إعطاء معلومات غير دقيقة من ناحية التوقيت إلى الكونغرس مما أدى إلى اشتعال الانتقادات من المحافظين تجاه الرئيس الأميركي.

ويعتقد روجر كوهيـن، الكاتب في الشؤون الدولية والدبلوماسية، أن السياسة الأميركيــة ستضع الصفقــة مع إيــران في مخاطرة عالية.

ويقول كوهين إن السياسة المتشددة التي تعتمدها واشنطن من خلال منع البنوك الأميركية والأوروبية من تمويل الاستثمارات في طهران عبر المحافظة على العقوبات هي سياسة “من يطلق النار على قدمه”.

وأضاف أن العقوبات الأميركية ستجعل روحاني في وضع انتخابي سيء العام المقبل، لأنه لن يستطيع أن يقنع الناخب بأن الاتفاق انعكس إيجابيا على الاقتصاد الإيراني وبالتالي سيسقط المعتدلون ويحلّ محلّهم المتشددون.

صحيفة العرب اللندنية