لاتزال الازمة الاقتصادية تعصف بالعراق واقتصاده ،وبلا شك ان المرحلة الحالية هي الاصعب في تاريخ العراق اقتصاديا ، وهي مرحلة مقلقة بحق اذا ما تأملنا الحقائق والارقام التي تشير الى الوضع الحالي بكل ابعاده.
وتثير الأزمة الإقتصادية والمالية في العراق الشكوك حول مدى قدرة هذا البلد النفطي على الصمود ، وخصوصا ان الفساد قد بلغ مستويات قياسية تصدرت دول العالم ،والعراق الذي يعتبر في المرتبة الثانية على مستوى الاحتياط العالمي للنفط ويشكل النفط المورد الوحيد له من العملة الصعبة ، وهو الذي يعتمد على واردات النفط بأكثر من 95% من ايراداته.
اليوم العراق يواجه ازمة سيولة حادة أدت الى عدم القدرة على الوفاء بالتزاماته الدولية ،وبات يسعى للحصول على الدعم من المنظمات المالية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لمواجهة هذه الازمة .
مؤخرا اعلن البنك المركزي العراقي إن العراق يحاول تأجيل سداد ديونه المستحقة لنادي باريس للدول الدائنة كونه يواجه ازمة سيولة حادة نتيجة لضعف أسعار النفط بالإضافة إلى تكلفة الحرب ضد تنظيم الدولة “داعش” وما خسره العراق من الدمار الذي خلفه هذا التنظيم .
وبحسب بيان البنك المركزي سيطلب العراق من الدائنين تأجيل السداد حتى عام 2019 في حين ينتظر أن يتلقى دعما ماليا من صندوق النقد الدولي على مدى الاعوام الثلاثة القادمة.
ووفقا لمظهر صالح المستشار المالي لرئيس الوزراء فإن ديون العراق المستحقة لحكومات أجنبية تبلغ 15 مليار دولار بما في ذلك تسعة مليارات لأعضاء نادي باريس.
وجاء هذا الاقتراض بعد العجز الكبير في موازنة البلاد العامة لسنة 2016 وتدني إيرادات البلاد على خلفية انهيار اسعار النفط منذ عام 2014 ، وعدم قدر الحكومة على الايفاء بالتزاماتها المالية وبلا شك حالات النهب من المال العام ، بالتالي لجأت الحكومة العراقية إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي بشروط قاسية تقضي برفع الدعم الحكومي عن أسعار الوقود والخدمات ، وإعادة صياغة بنود وإجراءات مناقلة في الموازنة العامّة لتقليل الإنفاق الحكوميّ، بما يؤثر على معيشة المواطن العراقي البسيط والطبقات الفقيرة.
وتبلغ مدفوعات العراق السنوية لنادي باريس حوالي 800 مليون دولار. وكان العراق قد أصدر أيضا سندات سيادية بقيمة 2.7 مليار دولار تستحق في 2028 .
وبحسب الحكومة العراقية فقد حصل العراق على موافقة مبدئية من صندوق النقد الدولي في آيار / مايو الماضي لإقراضه مبلغ 15 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات، بعضها على شكل سندات دولية، وسيتم تأمين مبلغ 5.4 مليارات دولار هذا العام، والباقي على مدى العامين المقبلين لمساعدته على سد عجز في الميزانية .
وقد حصل العراق العام الماضي من البنك الدولي على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار خلال العام نفسه، لتغطية نفقات إعادة إعمار المناطق المحررة من قبضة مسلحي تنظيم «داعش»
وبحسب الخبراء فأن هذا الاتّفاق أثار العديد من التساؤولات حول قدرة العراق على سداد هذا الدين وفوائده من جهّة، وأثار المخاوف من الشروط والتي تفرضها الجهات الدائنة وبعض الدول على العراق من جهّة ثانية.
وحتى اليوم لايزال الاقتصاد العراقي يواجه ازمات حادة نتيجة العديد من القضايا على رأسها الفساد ،والاهمال ، وغياب المهنية ،والمحاصصة في الوظائف الحساسة ،و التي ادت الى عجز الاقتصاد وتراجعه ، واليوم العراق الدولة النفطية العملاقة اصبح بسبب الحكومات الفاسدة وغياب التخطيط ،يلجأ الى القروض والاقتصاد سوف يتحمل اعباء مالية كبيرة جراء القروض الخارجية وتتمثل في الفائدة المفروضة عليها . ناهيك عن كونه بات بلدً لايقوى على تسيير اموره ،واصبح الفشل الاقتصادي سمة بارزة ترافق جميع الحكومات المتعاقبة منذ الغزو الاميركي لعراق عام2003 ، وبات العراق في ذيل التصنيف العالمي للأنظمة الفاشلة ،والمواطن العراقي اما انه لاجئ في الخارج او نازح في وطنه .
عامر العمران
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية