الشرقاط مدينة عراقية، عانت أثناء الاحتلال الأميركي للعراق، وسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية منتصف 2014، وينظر إلى استعادتها على أنها بوابة استرجاع مدينة الموصل ذات المركز الإستراتيجي، وتسببت مليشيات الحشد الشعبي في معاناة إنسانية لأهلها، وصفتها منظمات حقوقية “بالكارثة”.
الموقع
تقع مدينة الشرقاط على الضفة الغربية لنهر دجلة ضمن الحدود الإدارية لمحافظة صلاح الدين (وسط العراق)، وهي مركز قضاء الشرقاط المهم من الناحية الجغرافية؛ لكونه يتوسط ثلاث محافظات حيوية هي صلاح الدين ونينوى وكركوك، وتفصلها عن مدينة الموصل الإستراتيجية مسافة نحو 105 كيلومترات.
السكان
يتجاوز عدد سكان مدينة الشرقاط والقرى التابعة لها 350 ألف نسمة، طبقا لتقديرات أدلت بها منظمات دولية في يوليو/تموز 2016، وينتمي السكان إلى عشائر الجبور والعكَيدات والجميليين والعبيد واللهيب وشمر.
التاريخ
أسِّست الشرقاط في موقع العاصمة الآشورية القديمة “آشور”، ويقال إن اسمها مأخوذ من اللغة الآشورية، وأصله “آشور كات” أي “بوابة آشور”، أو “شيركاتا” التي تعني “مدينة الذئاب”.
وتوجد على بعد خمسة كيلومترات منها “قلعة الشرقاط” الأثرية التي كشف النقاب عنها المستكشفون الأوروبيون منذ عشرينيات القرن الـ19، وواصل عملهم الآثاريون العراقيون منذ سبعينيات القرن العشرين.
وإثر احتلال الولايات المتحدة العراق 2003؛ اكتوت الشرقاط بما اكتوت به بقية البلاد من معاناة أمنية وإنسانية، فكثرت فيها التفجيرات وعمليات الاشتباك المسلح بين المجموعات المسلحة من جهة وقوات الاحتلال وعناصر الأمن العراقي من جهة أخرى، خاصة في الفترة التي نشط فيها تنظيم القاعدة في المنطقة.
وفي 22 يونيو/حزيران 2014، اشتبك مسلحون تابعون لتنظيم الدولة الإسلامية مع القوات الحكومية وعناصر الصحوات التي تساندها داخل الشرقاط، فأجبروا القوات الحكومية على ترك المدينة وفرضوا سيطرتهم على جميع مرافقها العمومية بما فيها مديرية الشرطة.
ومن يومها أصبحت الشرقاط أحد المعاقل القوية لتنظيم الدولة في محافظة صلاح الدين، وتعرضت عدة مرات لغارات جوية شنتها القوات الحكومية لإضعاف قبضة التنظيم عليها، لكن شهود عيان يقولون إن القصف يستهدف أحياء سكنية ومنازل مدنيين ويتسبب فقط في قتل المدنيين وتدمير المنازل.
وفي 25 يونيو/حزيران 2016، قالت مصادر عسكرية بمحافظة صلاح الدين إن عناصر من مليشيات الحشد الشعبي الشيعي اعتقلت نحو خمسين شخصا من العائلات التي فرت من مدينة الشرقاط، بعد أن أقامت حواجز تفتيش شمال مدينة بيجي، وعبرت عن خشيتها من تعرض المعتقلين للتعذيب أو القتل لأن قوات الحشد الشعبي لا تتلقى أوامرها من القيادات العسكرية الحكومية.
وحذرت منظمات دولية من أن معاناة نحو 350 ألف شخص في الشرقاط في ازدياد مع عدم حصول النازحين منها على مساعدات كافية، وأفادت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين ومسؤولون أمنيون محليون بأن أكثر من 33 ألف شخص فروا من الشرقاط في اتجاه المناطق الجنوبية منذ نهاية مايو/أيار 2016.
وفي 19 يوليو/تموز 2016، أكد ناشطون عراقيون -عبر مواقع التواصل الاجتماعي- وفاة عدد من الأشخاص -بينهم أطفال- جراء العطش والجوع، بعد اضطرارهم إلى المشي مسافات طويلة هربا من المعارك في محيط الشرقاط.
وحمل الناشطون الحكومة العراقية ومسؤولي المحافظة المسؤولية الكاملة عما حدث، مطالبين جميع الجهات الحكومية بإغاثة مئات العائلات النازحة قبل حصول ما وصفوها بالكارثة الإنسانية.
قالت هيئة علماء المسلمين في العراق إن “العملية العسكرية التي تقوم بها الحكومة العراقية في قضاء الشرقاط لا تقل إجراما عما جرى في الفلوجة“، وحذرت الهيئة من كارثة إنسانية في مدينة الشرقاط وانتكاسة في الوضع الصحي، بسبب الحصار الذي تفرضه القوات الحكومية والمليشيات على المدينة ومنع دخول المواد الغذائية والطبية والوقود إليها.
أما قيادة العمليات المشتركة التابعة للحكومة في بغداد فقد أعلنت أواخر يوليو/تموز 2016 فرض طوق أمني مكون من 2900 مقاتل من مليشيات الحشد الشعبي وأبناء العشائر والأجهزة الأمنية حول الشرقاط، وعزلها بالكامل من جميع الاتجاهات استعدادا لاقتحامها، وأن تنظيم الدولة فقد نحو 90% من سيطرته على المدينة.
وتقول هذه القيادة إن استعادة السيطرة على الشرقاط وقرى قضائها سيعزز مركز قواتها وقدرتها على محاصرة التنظيم في المناطق الواقعة جنوب غرب مدينة الموصل بنسبة 80%، مما سيسهل عملية استعادة الموصل نفسها -بأقل جهد وأقصر وقت- من أيدي تنظيم الدولة الذي ظل يسيطر عليها منذ يونيو/حزيران 2014.
وتعد السيطرة على الشرقاط وبلدة القيّارة القريبة منها أمرا حاسما لحماية قاعدة القيّارة الجوية التي تعد مركزا للدعم اللوجستي للموصل.
الاقتصاد
تحظى الشرقاط بمكانة تجارية مهمة لتوسطها بين عدة محافظات شمالي البلاد، وهي مصدر كبير بالنسبة لهذه المحافظات في استيراد الكثير من المحاصيل الزراعية، مثل القمح والشعير والقطن والسمسم، وكذلك الفواكه والخضراوات.
الجزيرة