نشرت الدورية النفطية اليومية «بلاتس أويل غرام»، مقابلة مع الخبير النفطي آدم سيمنسكي، الرئيس الحالي لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، عن مستقبل أسواق النفط، بعد التغيرات الكبرى التي حصلت في الصناعة النفطية خلال السنوات الأخيرة. ويذكر أن «إدارة معلومات الطاقة» هي هيئة حكومية تابعة لوزارة الطاقة، وتعتبر من المصادر الإحصائية والتحليلية المهمة في الولايات المتحدة وعالمياً.
عن تصور إدارة معلومات الطاقة الأميركية للأسعار المستقبلية، أشار سيمنسكي الى أن نظرتها القصيرة المدى التي تنشر دورياً توفر خير جواب عن ذلك. وإنها تتوقع أن يعود التوازن الى أسواق النفط مع نهاية العام الحالي، وأن ترتفع الأسعار ثانية مع حلول منتصف عام 2017. وقال أن «المؤشر الى هذه التوقعات هو التطورات الجارية في صناعة النفط العالمية. نشاهد الآن عودة زيادة عدد الحفارات العاملة في الحقول. هذا بحد ذاته مؤشر إيجابي للأسعار، فالشركات تقلص نفقاتها بقدر الإمكان. من ثم، لن تخاطر بزيادة نفقات الحفر من دون أن تتأكد من أن أرباحها سترتفع بسبب احتمال زيادة الأسعار».
وعن رأيه في احتمال أن ترتفع الأسعار فوق معدل 60 دولاراً للبرميل، أو تنخفض دون 30 دولاراً، أوضح أن الأمر الطبيعي الذي يرفع الأسعار هو العامل الجيوستراتيجي في منطقة معينة، وأن بعضاً من هذه الصورة جلي الآن في العراق ونيجيريا وليبيا، كما هناك الكثير من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية في فنزويلا، لكن على رغم ذلك لا تزال فنزويلا تصدر أكثر من مليوني برميل يومياً للأسواق العالمية». وأشار الى أن السبب وراء انخفاض الأسعار هو عادة اقتصادي، يتعلق بالانكماش العالمي، أما ارتفاعها فتسببه الأزمات الجيوسياسية.
وبالنسبة إلى استمرار تأثير هذه الأسباب على رغم زيادة الإمدادات الأميركية، أكد أنها لا تزال عوامل مؤثرة. إذ إن الولايات المتحدة لا تزال جزءاً من سوق النفط العالمية. ومن ثم، فمشكلة مهمة في أي بقعة من العالم ستعكس نفسها على الأسواق. وهذه بدورها ستؤثر على الولايات المتحدة، إذ» أصبحنا في الولايات المتحدة أقل اعتماداً على الواردات النفطية من الدول المصدرة، لكننا لا نزال جزءاً من السوق العالمية، ونتأثر باستقرار فنزويلا السياسي أو اضطرابها، على سبيل المثل.
ورأى سيمنسكي صعوبة في تفادي تدهور أو ازدياد الأسعار السريع. فالاقتصاديون يشيرون برأيه الى المرونة الضيقة في العرض والطلب على النفط. ففي حال انخفاض استهلاك النفط مثلاً، أشار الى ضرورة ارتفاع كبير ومستمر للأسعار، كي يستخدم المستهلك نفطاً أقل، أو يتحول الى مصادر طاقة أخرى.
أما المؤشرات الى أننا وصلنا الى قاع الأسعار، أو أن هناك بداية لتصحيحها، فأحدها برأيه هو معدل استعمال الحفارات، أي ما هو عدد الحفارات التي توقفت عن العمل، ومتى سيزداد الطلب عليها ثانية، وما هو عدد الحفارات الجديدة التي بدأت تدخل الصناعة مرة أخرى. وتابع أن هناك مؤشراً آخر، هو انخفاض الإنتاج، أو استقرار معدلاته، كما بدأ يحدث أخيراً.
وفي تقويمه لمنظمة «أوبك» في الأسواق العالمية ومدى تأثيرها على أساسيات الصناعة النفطية مستقبلاً، قال أن هناك أبعاداً ووجهات نظر متعددة حول دور المنظمة في إدارة أسواق النفط خلال المرحلة الأخيرة. «إذ يتضح أن السعودية، التي لديها تقريباً أكبر طاقة إنتاجية فائضة، تبدي اهتماماً أكبر بترك عوامل السوق من عرض وطلب في تحديد الأسعار، بدلاً من محاولة التوصل الى إجماع في مؤتمرات «أوبك» ما بين الأعضاء. أما المدة التي يمكن ان تستمر فيها هذه السياسة فتعتمد على الخلافات الداخلية ضمن أعضاء المنظمة.
وسئل عن رأي إدارة المعلومات في تقلص الطاقة الإنتاجية الفائضة ضمن أقطار «أوبك»، وهل هذا الأمر أقل أهمية منه في الماضي، فأجاب أن إدارة المعلومات تهتم بكيفية إعادة توازن الأسواق، وبردود فعل الدول المنتجة في الأزمات الطارئة. «إننا نتطلع اليوم الى ردود فعل الأسواق ، وليس الى مجموعات مثل أوبك».
وعن ما يقال عن أن إدارة المعلومات تتوقع توازناً العام المقبل على رغم ارتفاع إنتاج النفط العالمي ليزيد على معدلات الاستهلاك، وهل من الممكن أن يفوق الطلب كميات إمدادات النفط المعروضة في الأسواق، لفت الى «عوامل فارقة في الأسواق. وقد شاهدنا أهمها أخيراً. فقد ينخفض معدل الزيادة للمخزون التجاري النفطي العالمي». وتابع أن الخير ارتفع في شكل سريع وعال جداً أواخر العام الماضي وأوائل هذه السنة. وأضاف أن الزيادة على المخزون انخفضت الآن، وهذا مؤشر مهم إلى الصناعة والأسواق.
ورأى أن من المهم التذكير بأن معدل المخزون نفسه لم ينخفض حتى الآن» فنحن لا نسحب من المخزون حتى الوقت الحاضر، أما في حال بدء السحب، عندئذ سيكون لدينا مؤشر آخر. وهذا ما نتوقعه خلال عام 2017». وختم بأن حدوث هذا الأمر سيكون المؤشر الثاني إلى عودة التوازن للأسواق، وانه ممكن في وقت أقرب في حال حصل تحسن ملحوظ للاقتصاد العالمي، أو إذا استمرت العوائق الجيواستراتيجية لزيادة الإنتاج في نيجيريا وليبيا أو فنزويلا، أو أي دولة منتجة أخرى.
وليد خدوري
* نقلا عن صحيفة ” الحياة ”