تعهد رئيس الوزراء الياباني “شينزو آبي”، الأسبوع الماضي، بدفع 200 مليون دولار كمساعدات غير عسكرية لدعم البلدان المتضررة من الحملة ضد داعش في الشرق الأوسط. والثلاثاء، 20 يناير، أفرجت “الدولة الإسلامية” عن شريط فيديو يهدد بقتل رهينتين يابانيين ما لم يحصل التنظيم على فدية بمقدار 200 مليون دولار خلال الـ 72 ساعة القادمة.
ويضع هذا التطور رئيس الوزراء المتشدد، ومجلس وزرائه الذي انتقل خطوة إلى الأمام على طريق إعادة عسكرة اليابان تحت ستار “الدفاع الجماعي عن النفس”، في موقف صعب. يجب على الحكومة اليابانية أن تختار بين التفاوض مع الإرهابيين أو السماح بقتل اثنين من المواطنين اليابانيين. والخياران لن يأتيا لها بنتيجة سعيدة.
ويشير المتحدث في الفيديو الذي نشرته داعش إلى أن طلب الفدية يأتي للتعويض عن “المساعدات العسكرية” التي تعهد بها “آبي” خلال جولته في الشرق الأوسط. ويقول المتحدث، الذي يبدو مثل الرجل البريطاني الذي ظهر في أشرطة فيديو الرهائن الأخرين لدى داعش: “رئيس وزراء اليابان: على الرغم من أنك تبعد أكثر من 8500 كيلومتر عن الدولة الإسلامية، إلا أنك قررت عن طيب خاطر التطوع للمشاركة في هذه الحملة الصليبية”. وأضاف: “لقد تبرعت بفخر بـ 200 مليون دولار لقتل نسائنا وأطفالنا، ولتدمير منازل المسلمين“.
ووفقًا لموقع FNN الإخباري الياباني، تم الاتصال بعائلة أحد الرهينتين في وقت مبكر من تشرين الثاني الماضي، وطلب منها دفع ما يعادل 10 ملايين دولار كفدية. ويقال أيضًا، إن الحكومة اليابانية ربطت الخاطفين بالرجال الذين قطعوا رأس الصحفي الأمريكي “جيمس فولي”. حيث أججت وفاة الأخير غضب الرأي العام الأمريكي، وحفزت الرئيس أوباما على توسيع الحرب ضد داعش.
وتعهد آبي أمام الصحفيين، الثلاثاء، بإنقاذ الرجلين، وقال: “إن أولويتنا هي إنقاذ حياتهم”. ولكن، وفي حين يتم التصريح علنًا بأنهم سوف يفعلون أي شيء لإنقاذ حياة الرجلين، يستعد مسؤولو الإدارة اليابانية لمواجهة السيناريو الأسوأ، وفقًا لمسؤول كبير في الحزب الديمقراطي الليبرالي”.
وأشار المسؤول إلى أن آبي لن يتفاوض مع الإرهابيين، والنتيجة الأكثر ترجيحًا هي مقتل الرجلين. وأضاف أن رد فعل الجمهور الياباني سيكون سلبيًا بالتأكيد، ولكن تكاليف دفع الفدية ستكون أكثر ضررًا بكثير.
والسؤال، بالنسبة لرئيس الوزراء آبي، هو ما إذا كان على استعداد لإنفاق 200 مليون دولار لإنقاذ حياة اثنين من مواطنيه، وعلى حساب فقدان ماء وجهه ومصداقيته كواحد من الصقور في البلاد. والجواب حتى هذه اللحظة يبدو أنه ليس مستعدًا لفعل ذلك.
وبينما يبدو آبي من على السطح وكأنه يشعر بالأسى حيال الوضع الحالي، إلا أن أعمال الإرهاب التي سترتكبها داعش تجاه اليابان قد تعطيه، وائتلافه الحاكم، دفعة قوية لتغيير الدستور، والسماح لليابان بالانضمام إلى حلفائها في الحروب الخارجية.
وتنبذ المادة 9 من الدستور الياباني، والتي صاغها مسؤولون أمريكيون خلال احتلال البلاد بعد الحرب العالمية الثانية، الحرب كحق سيادي للأمة اليابانية، وتحظر التهديد باستعمال القوة، أو استخدامها، كوسيلة لتسوية النزاعات الدولية.
وقد حافظ اليابان على سياسة “الدفاع فقط” على مدى عقود؛ إلا أن مجلس الوزراء بقيادة آبي استخدم مصطلح “الدفاع الجماعي عن النفس” في إصدار قرار العام الماضي يعيد تفسير الدستور رسميًا، ويسمح لليابان بالمشاركة في الحرب إذا ما هوجم حلفاؤها، وفي حالات أخرى.
وفي مؤتمره الصحفي حول أزمة الرهائن، كان آبي حريصًا على أن يقول إن: “هناك 3 حالات لممارسة الدفاع عن النفس. وفي أي من هذه الأحوال، تحتاج اليابان للحصول على القوانين الأمنية التي ستضمن سلاسة الإجراءات المضادة“. وهذا التصريح يمثل نداءً آخر لإلغاء دستور اليابان السلمي، وإنشاء جيش مستعد.
وفي مقابلة مع مجلة فورين أفيرز في عام 2013، كان آبي حادًا جدًا في التعبير عن رغبته بالتخلص من دستور اليابان السلمي، واختتم حديثه بالقول إن الجمهور الياباني سوف يدعم تغيير الدستور إذا ما كان لديه سبب مقنع لفعل ذلك.
وقال آبي: “دعم 30٪ فقط من الشعب تمكين الحق في استخدام القوة للدفاع الجماعي عن النفس. ولكن عندما نقدم قضية محددة تشمل، على سبيل المثال، إطلاق صاروخ من جانب كوريا الشمالية، ونفسر للجمهور أن اليابان يمكنه إسقاط الصواريخ التي تستهدف اليابان، ولكن ليس الصواريخ التي تستهدف جزيرة غوام الأمريكية، على الرغم من أن لدى اليابان القدرة على القيام بذلك، فإن أكثر من 60 % من الجمهور الياباني يقر بأن هذا ليس أمرًا من الصحيح فعله“.
وهكذا، فإن القتل الشنيع لاثنين من المواطنين اليابانيين، لأن اليابان لم تدفع الفدية لداعش؛ قد يتسبب في تراجع شعبية آبي، ولكنه سوف يعزز أيضًا برنامجه لإعادة عسكرة الأمة.
الديلي بيست – التقرير