التقدم الأخير لقوات البشمرغة الكردية شرق الموصل، وكذلك تعهد ريس الوزراء العراقي حيدر العبادي بـ”رفع العلم العراقي” فوق الموصل، زادت التكهنات حول معركة وشيكة لاستعادة المدينة.
واشنطن – مع تبقي أقل من 150 يوماً على تسليمه “المكتب البيضاوي” لخليفته، أصبح الرئيس الأميركي باراك أوباما يضع القتال ضد “داعش” في مركز استراتيجية إدارته في العراق وسورية.
ويتحدث خبراء مراكز الأبحاث، والجنرالات المتقاعدون ومسؤولو الإدارة عن معركة تلوح في الأفق لتحرير الموصل؛ ثاني أكبر مدينة في العراق، قبل نهاية هذا العام. ويمكن أن تخدم استعادة الموصل من “داعش” في تحسين إرث أوباما، وربما أن تكون بمثابة “مفاجأة أكتوبر” لمساعدة الديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. ومع ذلك، يحذر الخبراء من أن التحضير الجيد لمعركة الموصل يظل أكثر أهمية من التوقيت الزمني.
بدأت الضجة حول تحرير الموصل في نيسان (أبريل) عندما قال أوباما لمحطة تلفزة (سي. بي. أس): “توقعاتي هي أننا سنكون قد خلقنا، بحلول نهاية العام، الظروف الضرورية للتمكين من سقوط الموصل في نهاية المطاف”.
التقدم الأخير الذي أحرزته قوات البشمرغة في شرق الموصل، وكذلك تعهد رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، بـ”رفع العلم العراقي” على الموصل، زادت التكهنات حول معركة وشيكة لاستعادة مدينة الموصل. كما زادت الولايات المتحدة أيضاً عدد المستشارين والمدربين الأميركيين الذين يعملون مع الجيش العراقي؛ وفي تموز (يوليو)، أعلن وزير الدفاع الأميركي، آشتون كارتر، أن 560 جندياً إضافيين سوف يرسلون إلى العراق للمساعدة في التحضير لعملية استعادة الموصل بقيادة عراقية.
يقول فلاديمير فان فيلغنبورغ، المحلل في موسسة جيمستاون في واشنطن، والذي يعمل من شمال سورية، إن الموصل “يجب أن تُحاصر أولاً قبل أن يمكن إطلاق العملية الحقيقية”. وأضاف أن “خطوط إمداد ’داعش‘ بين العراق وسورية يجب أن تُقطع… وهناك حاجة إلى قوات كبيرة”.
من المتوقع أن تتكون هذه القوات من “القوات الكردية، ومقاتلين من القبائل السنية، والجيش العراقي والمجموعات الشيعية شبه العسكرية المدعومة من إيران”، كما يقول فيلغنبورغ، ولو أن الفروقات والخلافات بين هذه المجموعات ربما تعيق مثل هذه العملية.
لوجستياً، سوف تشن القوات الكردية “عملية في جنوب شنغال، بينما تندفع وحدات الأمن العراقية إلى غرب الأنبار للسيطرة على بوابة الحدود السورية في القائم، ثم تتحرك بعد ذلك في اتجاه بعاج”، وفقاً لفان فيلغنبورغ، الذي حذر من أنهم “لا يستطيعون إطلاق العملية إلى أن يكتمل حصار الموصل”.
بدأت المحادثات السياسية حول استعادة الموصل في محاولة لتنسيق شؤون الحكم والسلطات الإقليمية في المدينة. وكان الافتقار إلى الحكم الرشيد وغياب الثقة في الأجهزة الأمنية من بين العوامل التي ساعدت “داعش” في الاستيلاء على الموصل بسرعة كبيرة في حزيران (يونيو) 2014.
في الفترة الأخيرة، استضاف رئيس حكومة كردستان العراق الإقليمية، مسعود برزاني، محادثات بين الولايات المتحدة والمسؤولين العراقيين وممثلين عن القبائل السنية والقوات الكردية في أربيل، لمناقشة ما بعد العمليات العسكرية في الموصل. وفي تصريح بعد المحادثات، قال البرزاني إن “ما بعد تحرير الموصل لن يقبل بالترتيب القديم”، وإن “تغييرات جذرية يجب أن تُجرى لفائدة شعب الموصل”. ومن بين التغييرات المحتملة، إعادة التقسيم الإداري لمحافظة نينوى وخلق هيكل أكثر شمولية للسلطة السياسية في الموصل.
يشير مصطلح “مفاجأة أكتوبر” إلى حادثة سياسية يكون لها تأثير الدقيقة الأخيرة على انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر)، وهو شيء يسميه البعض “عملية الموصل”. وقال مسؤول أميركي طلب عدم ذكر اسمه إن أوباما نفسه نظر إلى القضاء على موطئ قدم “داعش” في الموصل على أنه “جزء حاسم من إرثه”، لكنه نفى أي صلة لذلك بموعد الانتخابات الأميركية.
مع ذلك، ذكرت مجلة “بوليتيكو” في مقال بعنوان “استعدوا لـ’مفاجأة أكتوبر‘ من أوباما” في العراق، أن هجوم الموصل “تقرر الآن مبدئياً أن يبدأ في وقت ما من أوائل تشرين الأول (أكتوبر)، مع خوض المعركة النهائية في نهاية ذلك الشهر”. وقال اللواء المتقاعد من الجيش، مايكل باربيرو، لصحيفة “الواشنطن تايمز” إن “بعض المسؤولين الأميركيين في بغداد يعتقدون أن إدارة أوباما تسرع الخطط من أجل هجوم الموصل حتى يتم تنفيذه قبل الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني (نوفمبر)”.
سوف تكون خطوة من هذا النوع مفاجأة كاملة، كما يعتقد لاري ساباتو، مدير مركز السياسات في جامعة فيرجينيا. وأشار إلى جهود سابقة بذلها الرؤساء السابقون أثناء وجودهم في المنصب لحقن مسألة الأمن القومي في السباق الرئاسي، مثلما حدث في العام 2004، عندما رفع جورج دبليو. بوش حالة التأهب قبل أيام فقط من التصويت لتأمين ولاية ثانية.
الآن، كل الاستطلاعات تقريباً تعطي المرشحة الرئاسية هيلاري كلينتون التقدم على منافسها الجمهوري دونالد ترامب، وسوف يعزز تحرير الموصل فرص الديمقراطيين في الاحتفاظ بالبيت الأبيض.
لكن فان فيلغينبورغ يحذر من التسرع في عملية عسكرية في الموصل، ويؤكد أهمية الجاهزية والاستعداد وتطويق المدينة أولاً. وفي حين أن انتصاراً سريعاً في الموصل يمكن أن يخلف صداً إيجابياً بالنسبة للديمقراطيين، فإن جهداً قصير النظر يمكن أن يجلب تداعيات كارثية على كل من إرث أوباما والتذكرة الديمقراطية في الانتخابات على حد سواء.
جويس كرم
صحيفة الغد