دخلت قوات تابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر إلى منطقة الهلال النفطي يوم 11 سبتمبر/أيلول الجاري باتفاق مع بعض القبائل والمسلحين الذين كانوا مؤيدين لحرس منشآت المنطقة الوسطى، الذي أعلن ولاءه لحكومة الوفاق الوطني في أبريل/نيسان الماضي.
وفشلت محاولة القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني في استرداد السيطرة على هذه الموانئ النفطية في هجوم شنته يوم 18 سبتمبر/أيلول الجاري، مما جعل لحفتر الكلمة العليا على هذه الموانئ، وهو ما قد يساعده في فرض شروط جديدة تقوي من مركزه، في مقابل إضعاف الحكومة التوافقية.
انقلاب
ويرى عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري أن هذا التطور يهدف إلى الانقلاب على شرعية التوافق، حيث يسعى حفتر لتصدير نفسه للداخل الليبي ولحلفائه الإقليميين كقوة أمر واقع، حتى ولو سلم هذه الموانئ النفطية للمؤسسة الوطنية التابعة لحكومة الوفاق، إذ إن عمله غير مشروع من الأساس.
وذكر المشري في تصريح للجزيرة نت أن حفتر لم يعترف بالضوابط التي نص عليها الاتفاق السياسي، وما رسمه من حدود للبرلمان ومجلس الدولة ولحكومة الوفاق.
وأرجع عضو مجلس الدولة الليبي تردد حكومة الوفاق في اتخاذ موقف إزاء أحداث الموانئ النفطية إلى طبيعة تركيبة المجلس، إذ يمثل أعضاؤه مصالح أطراف متناقضة سياسيا وعسكريا.
أهداف حفتر
من جانبه، يرى المحلل السياسي الليبي صلاح الشلوي أن الصراع الدائر في منطقة الهلال النفطي هو حلقة من حلقات تقويض وعرقلة الاتفاق السياسي الليبي، والعودة به إلى مربعات تم تجاوزها عبر مراحل الحوار بين الفرقاء الليبيين، التي انتهت بتوقيع اتفاق الصخيرات يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2015.
وأضاف الشلوي في تصريح للجزيرة نت أن المحاولة التي تجري تهدف إلى فتح باب الحوار على مصراعيه من جديد لإحداث تغييرات جوهرية في مهام مؤسسات الدولة، كنقل صلاحيات القائد الأعلى للجيش من مجلس رئاسة حكومة الوفاق إلى مجلس النواب، وتفصيل مناصب عسكرية على مقاس أشخاص بعينهم، حتى تكون لهم صلاحيات تفوق صلاحيات المؤسسات المدنيّة.
وحذر الشلوي من طبيعة الحرب في منطقة الهلال النفطي التي تستخدم فيها الأسلحة الثقيلة والطائرات والتي قد تضر بإنتاج النفط الذي يمثل عصب الاقتصاد الليبي، وهو ما يمكن أن يؤدي لإصدار قرارات من مجلس الأمن تمنع التعامل مع النفط الليبي، أو اللجوء إلى سيناريو النفط مقابل الغذاء.
تصحيح للمسار
في المقابل، قالت عضو مجلس النواب الليبي سلطنة المسماري إن ما قام به “الجيش الليبي” صحح المسار وأرجع الأمور إلى نصابها، وأثبت أنه لا يسعى للسلطة، بل يسعى لحماية مقدرات الليبيين.
واستدلت سلطنة في تصريح للجزيرة نت على ذلك بأن الجيش سلم إدارة موانئ الهلال النفطي الليبي إلى المؤسسة الوطنية للنفط.
لكن عضو البرلمان طالبت بمراجعة الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات، خاصة النقاط الجوهرية المتعلقة بالمؤسسة العسكرية والشخصيات التي تقودها، داعية إلى إنهاء المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، “إذ إن حكومة بتسعة رؤوس لن تكون قادرة على إدارة البلاد”، على حد وصفها.
يذكر أن مؤسسة النفط الليبية التابعة لحكومة الوفاق الوطني أعلنت رفع حالة القوة القاهرة عن موانئ الهلال النفطي شرقي ليبيا بعد سيطرة قوات تابعة لحفتر عليها.
هشام عبدالحميد
الجزيرة