اعتبر مراقبون للشأن الإيراني أن كلمة الرئيس الإيراني حسن روحاني من على منبر الأمم المتحدة الخميس تحاكي استهلاكا داخليا إيرانيا أكثر من محاكاتها للعالم كما يفترض أن يوفره هذا المنبر الأممي.
ولاحظت هذه الأوساط أن خطاب روحاني أتى مكمّلا لحملة مركّزة تشنّها المنابر الإيرانية ضد المملكة العربية السعودية، على نحو يوحي بحاجة طهران إلى خطاب عصبي يشدّ الإيرانيين باتجاهات تبعد الرأي العام عن فتح ملفات بدأت تُثقل كاهل المجتمع الإيراني، وتحشر النقاش ضمن فتنة سنّية شيعية لا تتوقف سياسات إيران عن تسعيرها.
ولفتت مراجع دبلوماسية إلى أن الانتقادات التي وجّهها روحاني للرياض داعيا إياها إلى “التوقف والكف” عن السياسات المثيرة للخلاف والتعدي على حقوق جيرانها، تمثّل خواء في خطاب الرئيس الإيراني وانضباطا داخل الخطّ السياسي الأيديولوجي الذي يوحي به المرشد الإيراني علي خامنئي. كما رأت هذه المراجع أن دعوته إلى توقف البعض من دول المنطقة عن “قصف جيرانها ودعم الجماعات المسلحة”، توحي بأن روحاني ينتقد الأداء الإيراني وليس أداء دول المنطقة.
ولاحظت أوساط خليجية أن النظام الإيراني يستنجد بالمنابر الدولية لشنّ هجماته ضد السعودية، ذلك أن استغلال مناسبة القمّة الدولية في نيويورك والإطلالة من على منبر الأمم المتحدة، يأتي بعد أيام من نشر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مقالا في جريدة نيويورك تايمز الأميركية هاجم فيه الرياض، في سلوك يعكس أداء مكمّلا للهجمات التي ما برح يشنّها خامنئي في الأسابيع الأخيرة.
ويرى دبلوماسيون غربيون أن الخطاب الخشبي الذي تعتمده كافة القيادات الإيرانية يضاف إلى المناورات العسكرية الأخيرة قبل أيام والتي أُريد لها توجيه رسائل تهديد وتهويل متعددة المقاصد، يجرّد النظام السياسي الإيراني من أداوته المعتدلة التي كان يمثّلها فريق الرئيس روحاني منذ انتخابه.
وتعتقد هذه الأوساط أن المرونة والانفتاح اللذين تقدم بهما الثنائي روحاني–ظريف لم يكونا، على ما يبدو، إلا مناورة انتهازية على طريق الوصول إلى التوقيع على الاتفاق الدولي حول البرنامج النووي.
وتضيف هذه الأوساط أن شلل ما كانت تطمح إليه طهران من وراء ذلك الاتفاق، وعدم انفتاح المجتمع الدولي على إيران قبل تخليها عن سياسات هي من عقيدة النظام وأدوات بقائه، أحدثا إرباكا داخليا يفسّر العودة إلى لغة خيّل للبعض أن طهران من الممكن أن تتخلى عنها.
صحيفة العرب اللندنية