تستمر السياسة الايرانية في توجهاتها ومنطلقاتها في التعامل الدولي والاقليمي متحدين بذلك النظام العالمي والشروط والتعليمات التي وجهت بها الادارة الامريكية وفدها المفاوض الذي حضر (ستة ) حوارات جرت بحضور الحلفاء الأوربين في مجموعة (4 +1) في العاصمة النمساوية (فيينا ) و لا زالت سياسة التعنت واظهار القوة هي المعتمدة في جمع الأحاديث والتصريحات التي يطلقها العديد من المسؤولين الايرانيين تجاه العودة الى الحوارات وبدأ الجولة السابعة التي يتوقع لها أن يأتي موعدها بعد الخامس من أب 2021 حيث تنصيب (ابراهيم رئيسي ) رئيسا جديدا لايران وهو ما سينعكس على طبيعة الدور الذي سيقوم به الوفد الايراني المفاوض بعد إعلان الرئيس الايراني القادم عن اعتزام بلاده تكوين فريق تفاوضي جديد حول مفاوضات البرنامج النووي الايرانيي ومطالبة الولايات المتحدة الامريكية والحلفاء الأوربين بالوفاء بالتزاماتهم والعودة الى حيثيات الاتفاق السابق المبرم عام 2015 وضرورة ايجاد أولويات ثابتة للبدأ بوضع لبنات لإتفاق جديد يحظى بموافقة الجميع ويحقق المصلحة السياسة للنظام الايراني .
هذه الرؤية الايرانية هي التي أفصحت عن حقيقة الدور القادم للرئيس ابراهيم رئيسي والذي رأت فيه الادارة الأمريكية أن وصوله سيكون له تأثير سلبي على علاقة طهران مع واشنطن والغرب في مسار المفاوضات القادمة وستبقى الرؤية الايرانية محكومة بضغوط مباشرة من قبل المرشد الأعلى علي خامنئي ، كما أن الدول الأوربية لا تمتلك أدوات كافية لتغيير توجهات النظام الايراني ورئيسه القادم فهو يمتلك رؤية خاصة به تعكس توجهات التيار المحافظ المنتمي له والذي كان له الدور البارز في وصوله الى سدة الحكم والذي يرى أن سياسة الضغط والمواجهة المعتمدة من النظام الايراني في العديد من عواصم الدول العربية في اليمن وسوريا ولبنان والعراق بالتأثير على المصالح والسياسة الاستراتيجية الأمريكية ستجبر القوى الدولية ومنهم الأوربين على التفاوض الكامل مع النظام الايراني والخضوع الى شروطه وهي سياسة ورؤية تناقلتها جميع الأوساط الداخلية المتواجدة في التيار المحافظ في ايران .
طبيعة التوجهات والسياسات الايرانية المعلنة جعلت (جيك سوليفان ) مستشار الأمن القومي الأمريكي يعلن أنه (لا تزال هناك مسافة كبيرة لا بد من أن نقطعها فيما يتعلق ببعض القضايا الرئيسية بما يشمل العقوبات والالتزامات المؤدية التي ينبغي على ايران تنفيذها ) ورافقها عدم قيام المسؤولين الايرانيين بالموافقة على تمديد العمل بالاتفاق المعلن مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتهديدهم بالغاء اجراءات الرقابة الإضافية المدرجة في بنود الاتفاق السابق .
أمام هذه المتغيرات الميدالنية والتنصاعد في الخطاب الايراني الذي أوضحه بشكل علني المرشد علي خامنئي في يوم الأربعاء الموافق 28 تموز 2021 عند لقائه بأعضاء حكومة الرئيس حسن روحاني المنتهية ولايته عندما أشار الى أن الولايات المتحدة الأمريكية غير جادة في اكمال الحوار التفاوضي حول البرنامج النووي الايراني وانها تسعى الى ادراج موضوعي برنامج الصواريخ الباليستية وطبيعة الوجود والنفوذ الايراني في منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي والدعم الذي تقدمه قيادات الحرس الثوري للعديد من المليشيات المسلحة المتواجدة في سوريا والعراق واليمن .
يبقى القرار السياسي الايراني رهين الرؤى التي يتمسك بها أعضاء التيار المحافظ الذين أحكموا السيطرة على جميع مرافق الدولة الايرانية والسلطات التنفيذية والقضائية والسياسية وأجهزة المخابرات وفيلق القدس الايراني وبمؤازرة وتأييد علىي خامنئي في رسم ملامح السياسية الخارجية الايرانية وطبيعة التعامل السياسي مع المحيط الدولي والاقليمي وأهمها كيفية ادارة الحوارات في المفاوضات القادمة بشأن البرنامج النووي الايراني ، وهي السياسة التي لا يستطيع الرئيس ابراهيم رئيسي مغادرتها او التغيير فيها.
وحدة الدراسات الإيرانية