في الوقت الذي حرص فيه ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، إبان ترؤسه وفد بلاده في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، على التماهي مع الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب وتحقيق السلام العالمي وتبيان الجهود السعودية المبذولة في هذا الإطار، تفرغ الرئيس الإيراني حسن روحاني لتوجيه اللوم وإلصاق التهم بالسعودية وأميركا، وهو ما حدا بعالم السياسة الأميركي ذي الأصول الإيرانية رافي زاده إلى التساؤل، في مقالة صحافية، عن سبب عدم ذكر الأخير أي جهود بذلتها طهران في محاربة الإرهاب.
ولفت الأمير محمد بن نايف، المعروف في الأوساط العالمية بكونه أحد أبرز القيادات الأمنية في مكافحة الإرهاب في بلاده وعلى المستوى الدولي، الأنظار عبر ثلاثة خطابات ألقاها، تمحورت حول كثير من النقاط والمضامين التي شرحت المواقف السعودية وبينت الجهود اللافتة التي تبذلها لمحاربة الإرهاب على مستوى العالم ورغبتها الصادقة لتحقيق السلام العالمي، وما تقوم به في مجال تقديم المعونات الإنسانية ودعم المحتاجين في بقاع الأرض كافة، وخصوصاً اللاجئين.
وبحسب تقرير أصدرته منظمة سابراك، ومقرها واشنطن، فإن جهود الأمير محمد بن نايف في محاربة الإرهاب العالمي تمثلت بتأسيسة آلية لمراقبة تنظيم القاعدة في الخارج، بعد أن تغلب عليه في السعودية، ما اضطر التنظيم إلى الظهور في اليمن عام 2009، فضلاً عن كشفه عن وضع القاعدة قنابل على متن طائرات تابعة لشركتيْ UPS وFedEx كانت متجهة من اليمن إلى شيكاغو، عشية انتخابات الكونغرس الأميركي عام 2010، إذ اتصل بالبيت الأبيض وقدَّم إلى مستشار الرئيس أوباما لشؤون الإرهاب جون برينان أرقام الحاويات المفخخة لمتابعتها، ليتم بعد ذلك توقيف هذه الطائرات في كلٍ من دبي وشرق ميدلاند بالمملكة المتحدة، وإزالة القنابل.
وفي مقالة له في صحيفة هافينغتون بوست، قارن رئيس المجلس الأميركي الدولي، العضو في المجلس الاستشاري لمراجعة هارفارد الدولية الدكتور ماجد رافي زاده، بين تعامل الأمير محمد بن نايف مع الإرهاب وبين ما أسماه «إيران روحاني» مع قضايا الإرهاب، إذ أشار إلى أن النهج الإيراني غير منتج، ويركز على توجيه الاتهامات وممارسة لعبة اللوم، قائلاً: «الحكومة الإيرانية وجهت أصابع الاتهام إلى الجميع باستثناء نفسها، والرئيس روحاني في خطابه في الأمم المتحدة حمّل القوى العالمية مسؤولية انتشار الإرهاب، وهذا السلوك العدائي الإيراني ليس مناسباً في وقت يحتاج فيه المجتمع الدولي بأسره إلى العمل معاً من أجل وقف إراقة الدماء.
وقال زاده: «إيران تتهم الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية بالمسؤولية عن كل أعمال الإرهاب في العالم، سواء ذات الطابع العالمي أم المحلي، في الوقت الذي تقول فيه الحقيقة أن هذين البلدان أسهما عبر مواردهما المختلفة في محاربة الإرهاب، سواء أكانت إيران تتفق مع ذلك أم لا».
وتطرق رئيس المجلس الأميركي إلى كلمة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف، وقال: «سواء أكانت إيران تختلف مع ما طرحه الأمير محمد بن نايف أم تنظر إليه بشكل آخر، فإن جل ما ذكره حقائق موجودة لجهود منظورة لمكافحة التطرف، فوفقاً للأمير محمد بن نايف، فإن بلاده أنشأت مركز محمد بن نايف للنصح، كما أن كبار رجال الدين في السعودية أصدروا الفتاوى التي تحظر الإرهاب أو الانضمام إلى الجماعات الإرهابية، كما أنها تعرضت لهجمات إرهابية أكثر من 100 مرة، والرياض جزء من 12 اتفاقاً دولياً لمكافحة الإرهاب، والسعودية تقيم شراكة مع الولايات المتحدة وإيطاليا في مجموعة مكافحة تمويل «داعش»، وكذلك «تقع المملكة في المرتبة الثالثة في العالم من حيث توفير الإغاثة الإنسانية والمساعدة الإنمائية، بعد أن قدمت على مدى العقود الأربعة الماضية حوالى 139 بليون دولار من المساعدات، وذكرت مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي أن استراتيجة السعودية في مكافحة التطرف والإرهاب، بقيادة محمد بن نايف، آتت ثماراً واعدة جداً. ووفقاً للجنة سابراك، فإن استراتيجية الأمير محمد بن نايف كانت فعالة في مكافحة الإرهاب، وجعلت منه هدفاً للإرهابيين، وشهدت الجهود إشادة الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي قال: «أستطيع أن أقول ذلك على المستوى الشخصي، عملي وعمل الحكومة الأميركية مع ولي العهد الأمير بن نايف على قضايا مكافحة الارهاب كانت في غاية الأهمية، ليس فقط للحفاظ على الاستقرار في المنطقة، بل أيضاً لحماية الشعب الأمريكي». ويضيف زاده: «الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية ليست مثالية عندما يتعلق الأمر بعدد من القضايا التي لاتزال تحتاج إلى تحسين. ومع ذلك فإن هناك خطوات ملموسة، منها التبرع بملايين الدولارات لمكافحة الإرهاب؛ فعلى سبيل المثال، وفقاً للأمير محمد بن نايف وعدد من المصادر الأخرى، بما في ذلك الأمم المتحدة، فإن المملكة تبرعت بأكثر من 100 مليون دولار لمركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، ودعمته بعدد من الموارد». وأضاف الكاتب موضحاً: «إن هذه الجهود بالإمكان أن تكون مصدر إلهام لدول أخرى للانضمام إلى هذه المعركة أيضاً، بدلاً من توجيه الاتهامات أو وضع اللوم للآخرين، فإن إيران مثلاً، يمكن أن تقدم المزيد من خلال تبيان ما قامت به في مكافحة الإرهاب، والمبالغ التي تبرعت بها، والبرامج التي قامت بها في أي مكان».
ويشير مراقبون إلى أنهم لم يسمعوا يوماً عن تبرعات إيرانية في مكافحة الإرهاب ولا في دعم اللاجئين، وأيضاً ليس لطهران جهود في دعم المشاريع الإنسانية، بل على العكس؛ فتبرعاتها تذهب إلى جهات مسلحة تمارس إرهاباً طائفياً، ولذلك – والحديث للنقاد – أخفق روحاني في تزويره المشهد الإيراني، بينما نجح الأمير محمد بن نايف في تقديم بلاده بوصفها دولة محبة للسلام تعمل وفق آلية واضحة للعيان وملموسة، من خلال التبرعات التي تقدمها السعودية.
السؤال الأخير الذي يطرحه كثير من المراقبين في شكل متكرر، هو عن السبب وراء عدم استهداف المنظمات الإرهابية إيران عبر عملياتها، التي تناثرت في مختلف أصقاع الأرض، بينما بقيت طهران بعيده عن الاستهداف، في الوقت الذي يُتهم فيه الإيرانيون بإيوائهم قيادات من تنظيم القاعدة.
نقلا عن الحياة