جددت القوات الروسية وقوات النظام السوري هجومها على مدينة حلب المحاصرة يوم الجمعة الماضي، مما أسفر عن مقتل 27 مدنياً نتيجة لموجات القصف الجوي والبري. لكن إدارة أوباما لا تدع الغضب يهدأ هذه المرة. ولنلاحظ ما قاله بن رودس، الذي حذر الكرملين من أن هناك حدوداً لصبر البيت الأبيض الدبلوماسي بعد تجاهل روسيا وقف إطلاق نار آخر وقيامها بقصف قافلة للمساعدات الإنسانية.
وقال نائب مستشار الأمن القومي هذا الأسبوع: “لا يتعلق السؤال بما كنا سنبتعد نهائياً عن الطاولة عند هذه النقطة أم لا. أو ما إذا كنا سنمارس المزيد من الدبلوماسية والتشاور لتحديد ما إذا كان هناك طريق ما إلى الأمام أم لا”.
كانت مسألة “إذا كنا سنفعل هذا أم لا” دائماً هي السؤال عندما يتعلق الأمر بسياسة الإدارة الأميركية في سورية. فقد تعثر أوباما وتردد لأشهر عدة حول ما إذا كان سيدعو الأسد إلى التنحي؛ حيث وقف أولاً مع هذا الخيار، فقط ليتراجع عنه ويناقض نفسه فعلياً في العام الماضي. كما ناضل مع مسألة ما إذا كان سيقوم -وإلى أي مدى- بتسليح قوة معارضة ذات مصداقية، فقط لينفق نصف مليار دولار على تدريب حفنة من المقاتلين. كما رسم خطاً أحمر ضد استخدام الأسلحة الكيميائية، لكن مسألة تطبيقه كانت شأناً آخر.
في الآونة الأخيرة، كان أوباما غير قادر على تقرير ما إذا كان سيعارض تدخل موسكو في سورية، أم أنه سينضم إليها في جهد مشترك ضد “داعش”. كما أنه غير متأكد أيضاً مما إذا كان سيزود أكراد سورية -الذين يشكلون أكثر حلفاء الولايات المتحدة فعالية بما لا يقاس في الحرب- بالأسلحة التي يحتاجونها لطرد “داعش” من عاصمته السورية في الرقة. أما إذا كان ذلك يستحق إغضاب تركيا، فهي أحجية أخرى أمام البيت الأبيض.
كل هذا يسبب بعض الشكوك الرئاسية، على الأقل لأن أوباما يعرف أنه سوف يُحكم عليه بقسوة بسبب تخليه في الشأن السوري.
في حديث لمجلة فانيتي فير، قال أوباما للمؤرخ دوريس كيرنز غودوين إن سورية “تطاردني باستمرار”، وأنه يسأل نفسه عما كان ونستون تشرشل أو دوايت آيزنهاور ليفعلاه لو كان أحدهما في مكانه. غير أنه ما يزال يصر على أنه تعامل مع الأمور الكبيرة بطريقة صحيحة. أما مواطن الندم، فلديه منها عدد قليل -لو أنه يستطيع أنه يفكر فقط بما يمكن أن تكون.
إذا كان أوباما يبحث حقاً عن إجابة تشرشلية لمعضلات سورية، فإنه يستطيع تسليح الأكراد، وتدمير سلاح جو نظام الأسد واحتياطياته من الدروع، وإعادة رسم خريطة سورية بحيث تراعي خطوط التقسيم الجديدة في بلد محطم. وبدلاً من إيفاد جون كيري لخوض المزيد من المفاوضات المسدودة مع روسيا، فإنه يستطيع أيضاً فرض مزيد من التكاليف الاقتصادية على مغامرة موسكو الشرق أوسطية. ولا شيء من هذا يتطلب نشر قوات برية أميركية بأعداد كبيرة في سورية، لكنه ربما يضمن استعادة تمثال ونستون إلى المكتب البيضاوي، حيث تنتمي.
ترجمة:علاء الدين أبو زينة
صحيفة الغد