يقطع الرئيس الأمريكي أوباما زيارته إلى الهند يوم الثلاثاء 27 كانون الثاني/يناير، لكي يجتمع مع العاهل السعودي الجديد في الرياض ويقدم تعازيه في وفاة الملك عبد الله الأسبوع الماضي. وحيث أن أوباما كان قد هنأ الملك سلمان بالفعل على توليه منصبه عبر الهاتف في 24 كانون الثاني/يناير، فقد يكون هذا الاجتماع أكثر جوهرياً وموضوعية.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يلتقي فيها الرئيس الأمريكي والعاهل السعودي الجديد. فقد كان الملك سلمان في المخيم الصحراوي للملك عبد الله خارج الرياض عندما زار أوباما السعودية في آذار/مارس 2014، كما أجرى أيضاً محادثات في البيت الأبيض عندما زار واشنطن في نيسان/أبريل 2012، قبل تعيينه ولياً للعهد في وقت لاحق من ذلك العام. وكانت قراءات الولايات المتحدة عن الاجتماع الأخير بمثابة نموذج للإيجاز والعموميات: فقد أكد الزعيمان على الشراكة القوية والدائمة القائمة بين البلدين وناقشا مجموعة من القضايا الثنائية والإقليمية. ونظراً لكثرة التقارير التي أفادت أن سلمان البالغ من العمر ثمانية وسبعين عاماً لم يعد أهلاً لتولي منصب العاهل السعودي من الناحية العقلية، فسيكون من المثير للاهتمام ملاحظة زمن المدة التي سيستغرقها الاجتماع المطوّل يوم الثلاثاء، وإلى أي مدى سيبدو العاهل السعودي منخرطاً في صور وسائل الاعلام.
ليس هناك شك بأن الرئيس أوباما سيلتقي أيضاً مع مسؤولين آخرين كبار، بمن فيهم الأخ غير الشقيق للملك سلمان ولي العهد الأمير مقرن، وابن أخيهما ولي ولي العهد الجديد الأمير محمد بن نايف. لكن المشارك المحتمل الأكثر إثارة للاهتمام سيكون نجل الملك الأمير محمد بن سلمان، الذي رُقّي حديثاً لمنصبي وزير الدفاع ورئيس الديوان الملكي. ولا يزال الأمير محمد في أوائل الثلاثينات من عمره، وقد ظهر فجأة في العامين الماضيين – دون أي يكون معروفاً سابقاً – ليصبح من أقرب مستشاري والده. وكونه على ما يبدو بيروقراطياً والأفضل من غير منازع في الصراعات الداخلية، يعود إليه الفضل في فرض الإطاحة بأربعة نواب لوزير الدفاع خلال خمسة عشر شهراً (انظر ” تناوب مفاجئ في مناصب المسؤولين في شؤون الدفاع في السعودية“). وكان آخر نائب وزير يُعفى من منصبه هو الأمير خالد بن بندر، الذي استقال من وظيفته في حزيران/يونيو 2014 بعد ستة أسابيع فقط من تسلمه منصب نائب الوزير (انظر “تغيير نائب وزير الدفاع السعودي يعمّق أزمة القيادة في المملكة“). وفي وقت لاحق تم تعيين خالد – الذي لم يتم استبداله بعد – رئيساً للاستخبارات من قبل العاهل السعودي الراحل. وعلى الرغم من أهمية هذا الدور في العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية، إلا أنه ليس من المؤكد بأي حال من الأحوال أن خالد سيشارك في اجتماع القمة يوم الثلاثاء.
من المؤكد أن يكون وزير الخارجية المخضرم الأمير سعود الفيصل أحد الغائبين من اجتماع القمة، حيث يتعافى من عملية جراحية في الظهر أُجريت له مؤخراً في الولايات المتحدة. ومن غير الواضح ما إذا كان نائب وزير الخارجية ونجل العاهل السعودي الراحل، الأمير عبد العزيز بن عبد الله سيحل محل الأمير سعود في الاجتماع، نظراً لقربه من الملك السابق. ومن غير المؤكد أيضاً ما إذا كان ابناً آخر للعاهل المتوفي – الأمير متعب وزير الحرس الوطني، أكبر قوة عسكرية في المملكة – سيشارك في المحادثات.
من المرجح أن يكون الاجتماع فرصة للملك سلمان لكي يسلط الضوء على بعض من أبنائه الآخرين، وهي صلاحية راسخة تنبع من كونه ملكاً. والأمير خالد بن سلمان هو طيار “F-15” وكان قد شارك في الغارات التي شنتها قوات التحالف على أهداف تنظيم «الدولة الإسلامية» («داعش») في سوريا في أيلول/سبتمبر الماضي. والأمير سلطان، رئيس “هيئة السياحة والآثار”، كان أول رائد فضاء سعودي. والأمير عبد العزيز يشغل منصب مساعد وزير النفط لفترة طويلة جداً. أما الأمير فيصل، الذي يحمل شهادة الدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة أكسفورد، فهو أمير منطقة المدينة المنورة، أقدس مدينة في الإسلام بعد مكة المكرمة.
قد يكون أحد الاختبارات لنجاح الاجتماع هو حضور أو غياب الأمير بندر بن سلطان، السفير السابق في واشنطن الذي شغل منصب رئيس الاستخبارات إلى أن اضطر المسؤولون الأمريكيون إلى إبعاده في نيسان/أبريل الماضي بسبب الخلافات حول التكتيكات المتبعة ضد نظام الأسد (انظر “بندر يستقيل من منصبه كرئيس المخابرات السعودية“). وقد احتفظ به الملك عبد الله كمستشار خاص، وكان قد لعب دوراً أساسياً في العديد من الاجتماعات السعودية التي عُقدت على مستوى عال، لكن مشاركته في اجتماع القمة يوم الثلاثاء سيكون أمراً غير مرغوب فيه من قبل الجانب الأمريكي.
وبغض النظر عما سيتضمنه البيان الختامي، ستكون سوريا وإيران وتنظيم «الدولة الإسلامية» وأسعار النفط أكثر المواضيع احتمالاً للنقاش يوم الثلاثاء. كما سيكون السؤال الأكثر إثارة للاهتمام بالنسبة للرئيس أوباما هو فيما إذا كان لدى الملك سلمان وفريقه من المستشارين أولويات تراتبية تختلف عن تلك التي اتبعها الملك عبد الله. ومن غير المرجح أن يتم تشارك الجواب علناً، إلا أنه من الممكن أن ينعكس في سياسة الولايات المتحدة في الأشهر المقبلة.
سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.