“بدو مسلمون”.. ضباط وجنود يقاتلون في صفوف الجيش الإسرائيلي

“بدو مسلمون”.. ضباط وجنود يقاتلون في صفوف الجيش الإسرائيلي

r9

ضباط وجنود يقاتلون في صفوف الجيش الإسرائيلي، وشاركوا في جميع الحروب التي خاضتها إسرائيل ضد العرب، يفخرون أنهم “صهاينة”، وأن خدمتهم في الجيش الإسرائيلي “مصدر فخر واعتزاز لهم”، ويؤكدون أنهم يقاتلون بشراسة لا تقلّ عن زملائهم في الجيش إن لم يتفوقوا عليهم في العنف، وأن لديهم استعدادًا للقيام بأيّ دور يطلب منهم من قادتهم، ولم يعرف عن أحدهم أنه تقاعسَ أو كسّر أمرًا بالقتال أو إطلاق النار على عرب أو فلسطينيين. بعضهم يقود القاذفات الإسرائيلية المقاتلة، ومنهم مَن يقود الدبابات وراجمات الصواريخ، ومنهم من يعمل في القوات الخاصة والقناصة… ويفخرون أنهم يشاركون في تدمير غزة، وقتل النساء والأطفال، وهدم المساجد والبيوت والمستشفيات والمدارس. ويقولون إنهم إسرائيليون مسلمون.

مسلم من بدو إسرائيل

هؤلاء الجنود والضباط الإسرائيليون من ضمن مئات “البدو” الذين يدّعون أنهم مسلمون. وحسب مصدر عسكري إسرائيلي، فإن هؤلاء يعدون بالمئات، ويخدمون في صفوف الجيش، ومنهم من شارك في الحروب على غزة. فـ”فهد فلاح” -ضابط في الجيش الإسرائيلي برتبة رائد- يقول إنه “مسلم من بدو إسرائيل”، ويؤكد أنّه فخور بخدمة وطنه “إسرائيل”، ومستعدّ للقتال في غزة. ويضيف الرائد فلاح: “سأفعل كلّ ما في وسعي وبكل إخلاص من أجل حماية وطني إسرائيل”، ويضيف: “لقد قاتلت في غزة في الحرب الماضية”.

ويقول الرائد البدوي إن الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي أضحت وراثية في أسرته:”لقد خدم أبي وجدي في الجيش قبلي، إنّنا نرثها أبًا عن جدٍّ”. وإنّ العديد من البدو المسلمين الذين قابلتهم في إسرائيل يعتزون بانتمائهم لإسرائيل، خاصّة منهم المولودون منذ إقامة دولة إسرائيل.

التعاون بين البدو واليهود

ويزعم “فلاح” أنّ التعاون بين البدو واليهود يعود تاريخه إلى ما قبل قيام إسرائيل؛ فقد أرسل شيخ من شيوخ قبيلة “الهيب” الذين كانوا يعيشون في سهول الجليل، يدعى أبو يوسف، أكثر من ستين من رجاله للقتال مع أصدقائه اليهود ضد جيرانهم العرب ما بين 1946 و1947، واليوم يوجد نصب تذكاري خاص بـ”الجنود البدو” الذين سقطوا في ساحة القتال مع الجيش الإسرائيلي. إنه مبنى في غاية الحداثة تجد فيه كمبيوترًا يعطيك السيرة الذاتية لكلّ “جنديّ مسلم” قُتلَ في ساحة المعارك وصورة له بمجرد النقر على زرّ.

ويضيف “فلاح”: دعيت لحضور حفل تذكاري لهؤلاء الجنود المسلمين بمناسبة عيد استقلال إسرائيل ويوم تخليد الجندي الإسرائيلي، والحفل حضره حشدٌ غفير من المسؤولين الإسرائيليين، بمن فيهم وزير الأقليات إلى جانب من شيوخ القبائل البدو وعائلات الجنود القتلى المسلمين والمتعاطفين معهم من اليهود.

الجيش الإسرائيلي يرفض الإفصاح

ويقول “رشيد سكاي” مراسل “BBC” إنّ “الجيش الإسرائيلي رفض الإفصاح لي عن عدد المسلمين في صفوفه بالتحديد، لكنه يقول إن هناك المئات والمئات منهم وقد يصل عددهم إلى الآلاف”. ويضيف “سكاي” قائلًا: “لكن المثير في الأمر هو أن القانون الإسرائيلي لا يجبر المسلمين الإسرائيليين على الخدمة، كما هو الحال بالنسبة لليهود وأقليات أخرى”، ويتساءل: “ما يدفع المسلمين للالتحاق بصفوف الجيش؟”.

أما العقيد أحمد رميز هو المسؤول عن الأقليات في الجيش الإسرائيلي، فيقول: “إن واجب المواطن الإسرائيلي رقم واحد هو الدفاع عن وطنه بالخدمة في الجيش”. لكن بعض الساسة الإسرائيليين يصرون على أن إسرائيل دولة يهودية؛ فلماذا تجنيد المسلمين؟ ويوضّح الضابط العسكري قائلًا: “إن المسلمين في إسرائيل بدأوا يدركون بأنه من أجل الحصول على كل الحقوق يتوجب عليهم أداء كل واجباتهم داخل المجتمع الإسرائيلي”.

وفيما أثارت العمليات العسكرية التي قامت بها إسرائيل في غزة، غضب المسلمون في جميع العالم، يقول الضابط “رميز” إن عدد المجندين المسلمين بعد الحرب ذاتها قد ارتفع، ويضيف: “إننا منبوذون في كلتي الحالتين، سواء خدمنا في الجيش الإسرائيلي أو لم نخدم”.

1741088356

المئات من المسلمين يلتحقون

أما “ماهر” وهو جندي سابق في الجيش الإسرائيلي، فيقول: “المئات من المسلمين يلتحقون بالجيش سنويًّا، وقد يصل إلى الآلاف في وقت واحد”. فيما يقول العقيد أحمد رميز: “لقد قمنا بحملة تجنيد في شهر آذار/ مارس الماضي، بعد الحرب الماضية على غزة بقليل، واكتشفنا أنّ عدد المسلمين الراغبين في التجنيد بات أكثر من ذي قبل”، ويضيف العقيد رميز: “إنه يبدو أن الحرب لم تؤثر عليهم، بل على العكس”.

وطبقًا لتصريحات الجيش الإسرائيلي، يخدم المسلمون في كل الوحدات العسكرية، لكنّ هناك مسلمًا تقدم منذ حوالي سنتين بطلب للانضمام لقسم طيران النخبة في الجيش، إلّا أنّ طلبه قوبل بالرفض، ويتساءل: “لماذا؟ هل كان ذلك لتحفظات أمنية؟”، ويردّ العقيد بأن هذا المسلم “لم ينجح في امتحان الدخول، إنّه لم يلبِّ معايير الفوز الضرورية”.

تحسين فرص عملهم أو دراستهم

وطبقًا لمراسل “bbc” في تل أبيب، ليس كلّ جندي مسلم خدم في الجيش الإسرائيلي يشاطر الرائد فلاح رأيه وتجربته الإيجابية؛ فالكثير من الجنود المسلمين الحاليين أو الذين خدموا سابقًا انضمّوا للجيش من أجل تحسين فرص عملهم أو دراستهم، حيث إن الجيش يقدم لهم إعانة مالية لدراستهم الجامعية؛ كما إن الكثير من أرباب العمل اليهود يشترطون الخدمة العسكرية رغم أن ذلك غير قانونيّ، بالإضافة إلى ذلك، يواجه البعض من المسلمين الذين يجرؤون على الانضمام إلى الجيش اعتراض المجتمع الذين يعيشون فيه على الخدمة في الجيش، إلى درجة تصل في بعض الأحيان إلى الاعتداء الجسدي أو الكلامي، كما يعتبرونهم خونة.

ماهر بدوي.. وقعت ضحية

و”ماهر بدوي” مسلم في العشرين من عمره يعيش في قرية في الناصرة، يعمل مدرسًا للرياضيات نصف وقته ومزارعًا في النصف الآخر، فيقول: “عندما كنت في الجيش وعدوني بأنه سيكون سهلًا بالنسبة لي الحصول على عمل، لكن تقدمت بعدة طلبات عمل ولم أحصل على شيء لمدة طويلة”. ويتحسّر الشاب المزارع قائلًا: “إن أرباب العمل المسلمين لا يريدون توظيفي لأنني قمت بالخدمة العسكرية في الجيش، وأرباب العمل اليهود يفضلون منح الوظائف لليهود”. ويقول ماهر: “في القرية التي أعيش فيها، قد ينظر لك البعض باستياء لأنّك تخدم في الجيش، لكن في قرى أخرى معروفة بعدائها للجيش، مثل أم الفحم، قد يتعرض الجندي الذي يلبس زي العسكر إلى اعتداء كلامي أو جسدي”، ويواصل ماهر: “إنهم ينادونهم خونة”.

لا جنازة.. ولا صلاة عليهم بالمساجد

من الجماعات التي أدانت خدمة المسلمين في الجيش الإسرائيلي، الحركةُ الإسلامية في شمال إسرائيل التي يرأسها الشيخ رائد صلاح، التي تتمتع بنفوذ كبير بين أوساط المسلمين؛ فقد أصدرت الحركة منذ سنوات فتوى تحرِّم خدمة المسلمين في الجيش الإسرائيلي، وأكّدت أنّ مَن يفعل ذلك وقتل في المعارك، تمنع الصلاة عليه في المساجد. ويقول الشيخ كمال الخطيب نائب رئيس الحركة إن “أي مسلم يقتل في حقل المعارك مع الجيش الإسرائيلي لن تقام الجنازة عليه في مساجد المسلمين”، ويضيف: “إن المسلم الذي يذهب إلى غزة ليس منّا”.

أما الجنود الذين يزعمون أنّهم مسلمون ويخدمون في الجيش الإسرائيلي، فهم كما يقول مراسل “bbc” فخورن بالخدمة في الجيش، والبعض الآخر مضطر لذلك طمعًا في تحسين مستوى معيشته، وهناك من قال إن بعضهم يلتحق بالعسكر من أجل التباهي بالسلاح. لكن في حالات كثيرة، يأتي الإقبال على الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي بوصمة عار بالنسبة للمسلم البدوي ولأسرته، أو كما قال لي الجندي السابق ماهر: “إننا منبوذون في كلتا الحالتين، سواء خدمنا في الجيش الإسرائيلي أو لم نخدم”.

التقرير – متابعة