قال وزير الخارجية البريطاني السابق جاك سترو، لوزير الخارجية الأمريكي كولون باول، عبر بريد إلكتروني في يوم 4 يوليو، “إن الجانب المشرق من مسألة التصويت على خروج بريطانيا هي أنها ستقلل من مدى الاهتمام الموجه تجاه تقرير شيلكوت، على الرغم من أنها لم توقف يوم النشر المؤلم”، وكما اتضح، أضاءت هذه الكلمات البصيرة.
وأضاف أن “تقرير شيلكوت، المؤلف من 12 مجلدًا و2,6 مليون كلمة تحقق في دور بريطانيا في الحرب على العراق، لم يحظَ بالكثير من الاهتمام على الجانب الآخر من المستنقع، حينما تم إصداره في يوليو، وقد تم التغاضي عن التحقيق في الوقت الذي كانت فيه حرب العراق لا تزال مستعرة حتى اعتقد الجميع أن الأمر قد انتهى، وأن جيل الألفية ليس لديهم سوى القليل من المعلومات التي هي عبارة عن أكاذيب أو تكاليف، وفي هذا الصيف والخريف، أصبح من الواضح بشكل متزايد أن الدورة الانتخابية الأمريكية المضطربة لن تدفع بأي شخص لديه برنامج للسلام للرئاسة، ورأى البعض أنهم في حاجة إلى القيام بشيء يفيد في مواجهة المزيد من الحروب بعد انتهاء جنون الانتخابات”.
لذلك تم إطلاق محكمة الشعب على حرب العراق، كأداة لجذب الحركات المناهضة للحرب معًا، وإنشاء ما هو مطلوب لعام 2017، لقد كانوا يهدفون إلى وضع الأكاذيب وتكاليف الحرب تحت قدمي الرئيس باراك أوباما، والدعوة لتشكيل لجنة للتحقيق والمساءلة، وهناك دلائل قيمة على مدار سنوات في شكل تقارير ودعاوى قضائية وكتب ومقالات.
ووفقًا لتقرير صدر في العام الماضي من قِبل أطباء من أجل المسؤولية الاجتماعية، وأطباء من أجل البقاء على قيد الحياة العالمية، والأطباء الدوليون لمنع الحرب النووية، فإن غزو الولايات المتحدة والاحتلال تسبب في مقتل ما لا يقل عن عدد مليون من الشعب العراقي، وهذا العدد من شأنه أن يكون أكثر من 10 مليون شخص في الولايات المتحدة إذا قمنا بالمقارنة من حيث النسبة المئوية من السكان، وتخيل الأثر الذي يخلفه موت 10 مليون شخص.
يذكر أن هناك أكثر من 100 ألف من الخسائر البشرية في جانب الولايات المتحدة وتحالف الراغبين، ونسبة ضئيلة من هؤلاء قتلوا، والبقية يعيشون بإصابات جسدية ونفسية مستديمة، بعضها سيء للغاية لدرجة أن قدامى المحاربين في الجيش الأمريكي يقدمون على الانتحار بمعدل 20 شخص في اليوم، وفي عام 2012، زادت حالات الانتحار الناتجة عن الحرب؛ حيث أنها سببًا رئيسيًا للوفاة في الجيش الأمريكي.
ومنذ عام 2001، وحروب الولايات المتحدة قد كلفت دافعي الضرائب ما يقرب من 5 ترليون دولار، وذلك وفقًا لتقرير جديد صدر عن معهد واتسون في جامعة براون، ولكن القليل يمكنهم استيعاب ما الذي يعنيه هذا الرقم فعليًا، ولا يعول على هذا المبلغ للناس في العراق أو غيرهم من أعضاء تحالف الراغبين.
لقد سمعنا عن هذه التقارير في المحاكم المختلفة على مر السنين، ولكن الأرقام والحقائق لا تغير القلوب والعقول، وهذه المحكمة ستكون مختلفة، ستكون محكمة الشعب، والتي سيشهدها الجمهور، وستعرض مجموعة كبيرة من الأدلة.
يذكر أن المشاركين في أيام المحكمة سيقومون بـ”تقديم” أدلة مع بيان مدته خمس دقائق لتوضيح معنى تلك الأدلة، وسيعرض دينيس كوسينيتش الخطاب الذي كتبه للكونجرس في أكتوبر من عام 2002، والذي يستعرض أبحاثه التي أظهرت عدم وجود اتصالاً عمليًا بين صدام حسين والقاعدة أو أسلحة الدمار الشامل، وسيقوم جيرمي كوربين بعرض تقرير شيلكوت، وإليزابيث هولتزمان، عضو الكونجرس في السبعينات، والتي تم تعريفها بوصفها المرأة التي عزلت نيكسون، ستقوم بعرض كتابها الذي يدعو لعزل الرئيس جورج دبليو بوش.
جدير بالذكر أن الناس من جميع أنحاء الولايات المتحدة والعالم سينضمون للمحكمة، والمحكمة الدولية بشأن العراق، والتي بلغت أوجها في إسطنبول بتركيا، وقعدت دورات في جميع أنحاء العالم، ستقوم بعرض جميع هذه الشهادات، أما محكمة بروكسل ستقوم بعرض الكتاب والشهادة التي انبثقت نتيجة جهودهم، وسيقوم اندر كومار بتقديم الوثائق التي تشكل الدعوى القائمة ضد ستة أعضاء من إدارة جورج دبليو بوش، والتي تزعم أن حرب العراق شكلت حربًا عدوانية، وسيكون هناك أكثر من 50 عرضًا للشهادات يوميًا.
وفي اليوم الأول، في ديسمبر، سيكون التركيز في المحكمة على الأكاذيب التي دعمت السعي إلى الحرب، وفي اليوم الثاني، سيكون هناك استماع لأكثر من 50 شخصًا من الشهود على التكاليف التي لا حصر لها في حرب الولايات المتحدة بالعراق، والتي في الواقع تعود إلى ما لا يقل عن 25 عامًا.
ونعم، هناك تكلفة هائلة لدافعي الضرائب بالولايات المتحدة، ولكن التكلفة أيضًا كانت على الكوكب وعسكرة المدن وأقسام الشرطة، وسيتم السماع إلى والدة الشاب الأسود الذي قتل الأسبوع الماضي بالمدرسة الثانوية على يد الشرطي، الذي كان محاربًا قديمًا وشارك في حرب العراق ويعاني من اضطراب ما بعد الصدمة، وكذلك سيتم السماع من الجنود الذين تعرضوا للاغتصاب من قبل زملائهم الجنود، وسيقوم الحاخامات والكهنة بمناقشة التكلفة الأخلاقية للحرب، وسيكون هناك سماع عن تكلفة استخدام الولايات المتحدة لليورانيوم المنضب، وتأثيره على العراقيين وأطفال الجنود الأمريكيين الذين خدموا هناك.
يذكر أن الحدث سيتم بثه على الهواء مباشرة على قناة ريال نيوز، وسيتم عرض الشهادات بشكل شخصي من خلال البث المباشر أو عن طريق الفيديو، كما سيتم عرض المزيج من جميع هذه الشهادات على أوباما والكونجرس.
ولكن العمل الحقيقي قد بدأ بالفعل، والائتلاف يستخدم المحكمة لجمع المجتمعات المحلية من أجل مناقشة كلفة الحرب بالنسبة لهم، وتشجيعهم على مراجعة ما كان يمكن القيام به بدلاً من الحرب، وتظهر هذه التدريبات الجماعية مقدار تكاليف هذه الحرب على الوطن، بشكل حرفي.
إن معظم أعضاء الائتلاف تخطوا قوائمهم من أجل الانضمام ودعوة أوباما لعقد لجنة للحقيقة والمساءلة، وهناك شركاء آخرون لا يزالوا يحاولون ضم أصوات تريد الإدلاء بشهاداتها، وعندما يتم حسم الانتخابات في النهاية، سيبدأ الشهود في مناقشة شهاداتهم عبر وسائل الإعلام، ووضع مسار للمحكمة عن طريق التفاصيل والقلوب المنكسرة والمجتمعات التي دمرت والأسر المنكوبة.
ويجب القول إنه يجب عرض الحقيقة بنفس الحماس والفاعلية التي تم بها قول الأكاذيب، وعلى الجميع التوحد وجمع القصص حول الدمار والخسائر، وذلك من أجل الشهادة والتذكير، ويدعو البعض للانضمام للمحكمة ومشاركتها مع المجتمع ورفع مستوى الوعي، فقد حان الآن الوقت لإيقاف الحرب المقبلة.
التقرير