يصر أصحاب نظرية المؤامرة منذ فترة طويلة على أن الحروب الحديثة تدور حول النفط. والآن، تشير البحوث إلى أن الهيدروكربونات تلعب دورًا أكبر في الصراعات مما كان يشتبه به هؤلاء حتى.
ووفقًا لأكاديميين من جامعات بورتسموث، وارويك، وإسيكس، يرتقع احتمال التدخل الأجنبي في حرب أهلية بمقدار 100 مرة عندما يكون لدى البلاد المنكوبة احتياطيات نفطية عالية. ويعد هذا البحث الأكاديمي أول تأكيد على دور النفط كعامل تحفيز مهيمن في الصراعات، مشيرًا إلى أن الهيدروكربونات كانت السبب الرئيس لتدخل الائتلاف الدولي، الذي شمل المملكة المتحدة، العسكري في ليبيا، وللحملة الأمريكية الحالية ضد داعش في شمال العراق.
ومن جهته، قال المؤلف المشارك في البحث، الدكتور فينتشنزو بوف من جامعة وارويك: “بعد تحليل دقيق ومنهجي، وجدنا أن دور الحوافز الاقتصادية يظهر كعامل رئيس في التدخل“. وأضاف: “قبل أن تقترب قوات داعش من الشمال الكردي الغني بالنفط في العراق، لم تكن داعش تذكر في الأخبار إلا نادرًا. لكن، بمجرد أن أصبحت داعش قرب حقول النفط، أصبح حصار كوباني في سوريا عنوانًا، وأرسلت الولايات المتحدة الطائرات لضرب أهداف التنظيم“.
وقامت الدراسة، التي نشرت في مجلة حل النزاعات، بتحليل 69 من الحروب الأهلية التي قامت بين عامي 1945 و1999. وأشارت إلى أن الحروب الأهلية شكلت ما يزيد على 90 في المئة من جميع الصراعات المسلحة منذ الحرب العالمية الثانية، وأن ثلثي هذه الحروب الأهلية شهدت تدخلًا لطرف ثالث.
ووصل الباحثون إلى استنتاجاتهم بعد نمذجة عملية صنع القرار من قبل الأطراف الثالثة المتدخلة. وشمل هذا تقييم مجموعة واسعة من العوامل، مثل قوتها العسكرية، وقوة جيش المتمردين، فضلًا عن مطالبة المتمردين بالنفط، ومستوى الإمدادات الهيدروكربونية للبلد المستهدف. ووجد التقرير أن حاجة الطرف الثالث للنفط سيطرت على اتخاذ قراره بالتدخل، أكثر بكثير من الروابط التاريخية والجغرافية أو العرقية.
ويقول التقرير أيضًا إن القوات الأمريكية تحتفظ بوجودها في الدول المنتجة للنفط في الخليج، ولها تاريخ في دعم الدول الاستبدادية المحافظة على الرغم من تركيزها على الإصلاح الديمقراطي في الأماكن الأخرى. ويقترح التقرير أن الزيادة الأخيرة في إنتاج النفط في الولايات المتحدة تشير إلى أن البلاد ستصبح أقل تدخلًا في صراعات الغير في المستقبل، وأن الصين قد تأخذ دور المتدخل الرئيس في الحروب الأهلية حول العالم.
متى تدخلت المملكة المتحدة في حروب الغير الأهلية؟
تدخلت بريطانيا في الحرب الأهلية النيجيرية، والمعروفة أيضًا باسم حرب بيافران، بين عامي 1967 و1970. وخلال هذه الفترة، كانت المملكة المتحدة واحدة من أكبر مستوردي النفط في العالم، ولم يكن إنتاج النفط في بحر الشمال قد بدأ بعد. اندلاع الحرب في المنطقة الغنية بالنفط إلى الشرق من نيجيريا، كان يعني أن الاستقرار معرض للخطر في منطقة ذات أهمية حاسمة لبريطانيا.
ولا يغطي التقرير غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عام 2003؛ لأنه لم يكن حربًا أهلية. لكن رغم ذلك، يشير التقرير إلى أن التعطش للنفط كان “الدافع الحقيقي للغزو الأمريكي للعراق“.
وكان لرئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، دور فعال في تأسيس التحالف الذي تدخل في ليبيا معمر القذافي عام 2011، وهي دولة لديها احتياطيات نفطية ضخمة أيضًا.
متى لم تدخل المملكة المتحدة؟
وقفت بريطانيا متفرجة عندما قامت الجبهة الثورية المتحدة في سيراليون، وبدعم من الجبهة الوطنية في ليبيريا، بمحاولة إسقاط حكومة جوزيف موموه. وهو ما أدى لاندلاع حرب أهلية استمرت 11 عامًا (1991-2002)، وخلفت أكثر من 50 ألف قتيل.
واختارت المملكة المتحدة عدم التدخل أيضًا في حرب روديسيا بوش بين عامي 1964 و1979، والتي كانت معركة ثلاثية بين حكومة روديسيا، والجناح العسكري للاتحاد الوطني الإفريقي الذي يقوده روبرت موجابي، والجيش الثوري الشعبي، في زيمبابوي.
وفي الآونة الأخيرة، فشلت المملكة المتحدة في اتخاذ إجراءات بشأن سوريا، وهي دولة أخرى تعاني على يد ديكتاتور، ولكن ليس لديها سوى القليل من احتياطيات النفط.
الإندبندنت – التقرير