ما الخطأ الذي حدث للحكومة المدعومة من الولايات المتحدة في اليمن، وما هي النتائج المترتبة على عمليات مكافحة الإرهاب هناك ضد الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة ؟ كلا السؤالين لها إجابات مثيرة للقلق.
في سبتمبر الماضي ، وصف الرئيس باراك أوباما اليمن بأنها دولة استطاعت فيها الولايات المتحدة “بنجاح، إخراج الإرهابيين الذين يهددوننا، في الوقت نفسه الذي دعمنا فيه شركاءنا في الخطوط الأمامية“ويخشى بعض المسؤولين في الادارة ان تباهي أوباما يطارده، والمؤكد فقط بأنه بعد أسبوع فقط ، استولى المتمردون الشيعة من حركة الحوثي في العاصمة اليمنية، صنعاء.
في الأسبوع الماضي، بعد أربعة أشهر من الضغط المتواصل من الحوثيين وانهيار جيشه، استقال الرئيس عبد ربه منصور هادي. وأصبحت اليمن دولة أخرى من الدول تسقط في الشرق الأوسط. واصبحت أقوى القوات في المنطقىة، هما الحوثيين المدعومين من إيران والقاعدة في شبه الجزيرة العربية ، وكلاهما بقوة معادية للولايات المتحدة.
ما حدث في اليمن لا يختلف كثيرا عما حدث في الدول العربية الأخرى التي اهتزت من قبل بثورات “الربيع العربي” الثورات. الجيوش التي كانت تبدو قوية في ظل الحكام المستبدين تنهار امام المسلحين. ولم يستطيع التدخل العسكري الأمريكي ايقاف التفكك، ولا التراجع الأميركي كذلك. الاستنتاج الواضح الذي نغفل عنه أحيانا أنه: يتم كتابة هذا التاريخ من قبل العرب، وليس الغرباء. المساعدات الخارجية يمكن أن تساعد ، والحكومات القائمة القويةعلى نطاق واسع ولكن ليس الهشة، منها او الاستقطابية.
بدا اليمن وكأنه مكان حيث تطبق الولايات المتحدة الدروس التي تعلمتها من كارثة غزو العراق عام 2003. اسهمت الولايات المتحدة في استبدال ديكتاتور فاسد، وهو علي عبد الله صالح، ولكن تم توسط في اتفاق لتثبيت هادي في فبراير 2012 من قبل القوى الإقليمية لمجلس التعاون الخليجي. عرضت واشنطن المساعدة العسكرية ولكن مع مشاركة قليلة من القوات الخاصة، بدلا من أن تكون على غرار العراق جيش الاحتلال. سعت الولايات المتحدة للوساطة من خلال “حوار وطني” وعملية دستورية برعاية الأمم المتحدة.
كل هذه الأفكار جيدة، ولكن النتيجة كانت نفس حالة التفكك كما هو الحال في الدول الضعيفة الأخرى. الآمال للحوار تحطمت امام واقع الحكم ضعيفة، المحسوبية والنعرات الطائفية والقبلية المستمرة منذ عقود.
وقد عبر دينيس ماكدونو، ورئيس موظفي البيت الأبيض، عن حالة الإحباط العميق لدى الإدارة عندما اعترف الاحد بأنه”لا يمكننا أن نكون قوة احتلال في مكان مثل اليمن أو سوريا على أمل أننا سوف نكون مسؤولين عن وضع نهاية لهذه الفوضى”.
وحول السؤال :ماذا يحدث لجهود مكافحة الإرهاب الأمريكية ضد القاعدة في الجزيرة العربية بعد انيار شريكنا اليمني؟ الإجابة هي أن الولايات المتحدة سوف تعتمد على “العمل المباشر”، بمعنى هجمات الطائرات بدون طيار، على الرغم من أنه لم يعد لديه موافقة من الحكومة المضيفة.
القوات الخاصة الأمريكية لا تزال جزءًا لا يتجزأ من بعض وحدات النخبة اليمنية خارج العاصمة. ولكن مع انخفاض تدفق المعلومات لمتابعة عمل الطائرات بدون طيار، ستكون الأهداف التي تستهدفها هذه الطائرات أقل دقة بالتأكيد، وسوف يزداد خطر وقوع قتلى في صفوف المدنيين الأبرياء.
ما هو الدرس المستفاد دراسة حالة الآمال المحبطة للاستقرار؟ يمكن استخلاص الدرس المستفاد من هذه الحالة من الإجابة المدروسة جيدًا من قبل المحللين في مؤسسة راند؛ لقد كانت إجابتهم ببساطة، هي أن استراتيجية الولايات المتحدة بتقديم المساعدات الأمنية للدول العربية الضعيفة لا تعمل.
وتظهر هذه النتائج المؤلمة في تقرير حديث للجيش، بعنوان “تقييم التعاون الأمني كأداة وقائية”. وبعد تحليل بيانات من 107 بلد بين عامي 1991 و2008، وجدت مؤسسة راند لأبحاث الحكومة أن المساعدات الأمنية، على غرار تلك المقدمة لليمن، “لم تؤدِ إلى انخفاض هشاشة الدول التي تعاني بالفعل من هشاشة عالية للغاية“. ويضيف تقرير المؤسسة أيضًا، أن مثل هذه المساعدات “ليست كافية لدرء عدم الاستقرار“؛ لأن الدول الضعيفة لا يمكنها استيعاب المساعدات. وقد ظهرت هذه المشكلة بشكل خاص في منطقة الشرق الأوسط، وإفريقيا.
وجاءت أفضل النتائج، كما لاحظ خبراء مؤسسة راند، من تقديم “المساعدات الغير عسكرية، مثل التعليم، وإنفاذ القانون، ومكافحة المخدرات“. وأوضحت المؤسسة البحثية أن هذه النتيجة “تدعم الفكرة العامة التي تقول إن الاستثمار في العنصر البشري يحقق عوائد كبيرة“.
ولذلك، فهذا هو الدرس المؤلم الذي نستطيع تعلمه مما حدث مؤخرًا في مكان آخر من الشرق الأوسط: تسليح الدول الضعيفة مثل اليمن لا يجعلها أقوى؛ هذه حرب طويلة أفضل أسلحتها هي الكتب، والقضاة.
ترجمة : عامر العمران
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية