اشترط الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، خروج مسلحي جماعة “أنصار الله” (الحوثيين) من صنعاء، للتراجع عن استقالة أعلنها قبل أسبوع، جاء ذلك خلال لقاء منصور هادي، مع عدد من أمناء عموم الأحزاب، بينهم أمين عام التنظيم الشعبي الناصري “عبد الله نعمان القدسي”، وأمين عام الحزب الاشتراكي “عبد الرحمن السقاف”، والبرلماني “عبد العزيز جباري” أمين عام حزب العدالة والبناء، حسب مصدر في أحد الأحزاب الممثلة في الاجتماع.
وقال المصدر، إن هادي “اشترط انسحاب مسلحي الحوثي من صنعاء وعقد جلسات الحوار الوطني في مدينة غير العاصمة، للعدول عن استقالته”. وأضاف أن “هادي” طالب أيضًا “بترتيب الوضع الأمني في العاصمة”، قبل قبوله التراجع عن الاستقالة. وفي 21 سبتمبر/ أيلول الماضي، سقطت صنعاء بيد جماعة أنصار الله (الحوثي) قبل أن يتوسعوا إلى محافظات شمالية وغربية.
وقد دخل اليمن يومه الحادي عشر في ظل فراغ دستوري ووضع متوتر، بعد استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومة خالد بحاح، جراء ضغوطات من قبل جماعة أنصار الله “الحوثيين”، في الوقت الذي يواصل مبعوث الأمم المتحدة، جمال بنعمر، عقد مشاوراته مع مختلف الأطراف، لحل الأزمة التي تعصف بالبلاد، ويبدو الواقع اليمني معقدًا بشكل كبير مع استمرار سيطرة مسلحي الحوثي على مختلف مؤسسات الدولة اليمنية، والعاصمة ومحافظات شمالية، في ظل جهود يبذلها بنعمر منذ استقالة الرئيس والحكومة، لوضع حل تتفق عليه مختلف المكونات السياسية في البلاد، فيما يبسط مسلحو “اللجان الشعبية” سيطرتهم على محافظات جنوبية.
وواصل المبعوث الأممي مشاوراته مع مكونات سياسية، أبرزها جماعة أنصار الله، وتكتل أحزاب اللقاء المشترك (ستة أحزاب إسلامية وقومية ويسارية)، إضافة إلى حزبي اتحاد الرشاد السلفي والعدالة والبناء، من أجل التوصل إلى حل للأزمة، وانسحب ممثلو حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، وممثلو الحراك الجنوبي في مؤتمر الحوار الوطني باليمن، من لقاء المبعوث الأممي إلى البلاد، بالأطراف السياسية لحل الأزمة الراهنة، ووصف ممثلو الحراك الجنوبي الحوار مع بنعمر بـ”العبثي”.
وتسود خلافات عميقة بين القوى السياسية اليمنية فيما يخص الفراغ الدستوري الذي أحدثته استقالة الرئيس هادي وحكومة بحاح، ففي حين يتمسك حزب “صالح” بـ”الحل الدستوري”، ما يعني ضرورة الذهاب إلى البرلمان الذي يمتلك الحزب أغلبيته، ترى أحزاب أخرى أن يتم التوافق على مجلس رئاسي، أو أن يعدل الرئيس “عبدربه منصور هادي” عن استقالته، في الوقت الذي يواصل الحوثيون سيطرتهم على مؤسسات إعلامية رسمية مهمة، أبرزها وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ)، وقناة اليمن الفضائية الأولى، وصحيفة الثورة الرسمية، كبرى صحف البلاد، مع استمرار مسلحيهم في قمع التظاهرات المناهضة لهم في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات الأخرى.
وخلال الأيام الماضية، نفذ مسلحون حوثيون عمليات انتهاكات طالت صحفيين ومصورين ومتظاهرين، وتم اختطاف العشرات منهم خلال تظاهرات مناهضة لهم بصنعاء ومحافظات أخرى، كما تم تفريق عدة تظاهرات بالرصاص الحي، في مقدمتها تلك التي خرجت في العاصمة، وتواصل جماعة الحوثي عقد ما يسمى بـ”اللقاء الوطني الموسع” في العاصمة صنعاء، والذي يستمر حتى اليوم -الأحد- لتدارس الأوضاع التي تمر بها البلاد على الصعيد السياسي والأمني وسيخرج بمقررات توصف بـ”الهامة” حسب منظميه.
وكان “صالح الصماد”، رئيس المجلس السياسي، قال في كلمة له خلال افتتاح اللقاء، إنه “سيخرج بقرارات هامة، وأن اليمن اليوم أمام فرصة تاريخية لاستعادة حضارته ومجده”، ويأتي المؤتمر تلبية لدعوة أطلقها عبد الملك الحوثي، زعيم الجماعة، الثلاثاء الماضي، لـ”مراجعة الوضع الداخلي سياسيًا وأمنيًا، والخروج بمقررات هامة واستثنائية وتاريخية”، دون تحديد القوى التي ستدعى للاجتماع، حسب خطاب متلفز للحوثي.
ويبدو الوضع في جنوب البلاد متوترًا في ظل انتشار اللجان الشعبية (مسلحون موالون للرئيس اليمني المستقيل) في محافظات عدن وأبين وشبوة كتقليد لما جرى في العاصمة صنعاء، بعد سيطرة جماعة الحوثي بمسلحيها على العاصمة ومحافظات أخرى، ومحاكاة للحوثيين أيضًا ينشر مسلحو اللجان الشعبية عناصرهم في المؤسسات الحكومية والمنشآت النفطية جنوبًا، ونشأت فكرة اللجان الشعبية وهم مسلحون قبليون يساندون القوات الحكومية، لغرض مساعدة الجيش اليمني في مواجهاته وحروبه المختلفة، ففي 2010 أنشئت في محافظة شبوة وأبين الجنوبيتين، لدعم الجيش في مواجهة مسلحي تنظيم القاعدة.
متابعة – التقرير