نفذت قوات النظام السوري، الثلاثاء 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، غارات على الأحياء السكنية في شرق مدينة حلب، هي الأولى منذ نحو شهر، وفق ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان، وذلك بالتزامن مع إعلان وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، مشاركة حاملة الطائرات “أميرال كوزنتسوف” في “عمليات مسلحة” في سوريا “لأول مرة في تاريخ الأسطول الروسي”.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن: “نفذت قوات النظام غارات وقصفاً بالبراميل المتفجرة على عدد من الأحياء الشرقية في مدينة حلب، للمرة الأولى منذ 18 أكتوبر/تشرين الأول”، تاريخ تعليق موسكو ضرباتها الجوية على شرق حلب قبل يومين من هدنة من جانب واحد لم تحقق هدفها بخروج المدنيين والمقاتلين.
وأفاد مصور لوكالة الأنباء الفرنسية في شرق حلب، باستهداف الطيران الحربي حيي مساكن هنانو والصاخور بالبراميل المتفجرة والقنابل المظلية.
مشاركة الأسطول الروسي
وتزامن استئناف القصف على الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة مع إعلان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، الثلاثاء، مشاركة حاملة الطائرات “أميرال كوزنتسوف” في “عمليات مسلحة” في سوريا “لأول مرة في تاريخ الأسطول الروسي”.
كما قامت روسيا بتحريك حاملة طائرات وفرقاطة بحرية عسكرية إلى السواحل السورية، وذلك طبقاً لإفادة قباطنة السفينتين لمحطة “فيستي” بالتلفزيون الروسي خلال عطلة الأسبوع، وهو ما يُعَدُ تعزيزاً للتواجد العسكري الروسي في سوريا التي مزقتها الحرب.
وتُعَد روسيا هي الداعم الأقوى لنظام بشار الأسد، وكانت قواتها الجوية عاملاً رئيسياً في مساعدة الحكومة الروسية على إحكام سيطرتها على حلب.
رسالة نصية مجهولة
ويعيش سكان منطقة حلب الشرقية التي دمرتها الحرب لحظات رعب وقلق بعد تلقيهم رسالة نصية مرعبة تخيرهم بين الهرب من المدينة أو الموت، حسبما نشرت شبكة CNN الأميركية.
ومع هذا التهديد وتدهور الوضع الإنساني بالمنطقة، فإن العديد من سكانها رفضوا الرحيل.
وكان النظام السوري، وبجانبه روسيا، قد قاما بمحو أجزاءٍ بأكملها في شرق المدينة في الأشهر الأخيرة من خلال القصف العنيف لهذه المناطق، ومع أن النظام وروسيا يزعمان أنهما قد أوجدا ممراتٍ إنسانية لخروج المدنيين، إلا أن العديد من المواطنين لا يثقون بقدرتهم على العبور إلى الطرف الآخر بأمان.
وحذرت هذه الرسالة النصية التي تم إرسالها للمقيمين بالمنطقة يوم الأحد، المرضى والجرحى من البقاء بالمنطقة، ونصحتهم بالرحيل قبل بدء الهجوم الاستراتيجي على المدينة خلال 24 ساعة، والذي سيتم فيه استخدام أسلحة عالية الدقة.
وعلق الناشط ومدرس اللغة الإنجليزية عبد الكافي الحمد على الوضع لشبكة “سي إن إن” يوم الإثنين، قائلاً: “زوجتى خائفة، وكذلك طلابي الصغار خائفون مما يحدث. يجب أن نكون خائفين”.
وأضاف عبد الكافي بشأن رفضهم للخروج من المدينة، قائلاً: “نريد للعالم أن يعلم أننا هنا لنبقى، ليس لأننا لم نستطع الخروج؛ إذ كان يمكننا الخروج من المدينة عدة مرات. يمكن بالفعل أن نموت هنا، ولكن الموت من الممكن أن يأتينا بأي مكان، وحريتنا لا توجد سوى هنا”.
“لقد أوشك كل شيء على النفاد”
حملت الرسالة النصية أيضاً تحذيراً للثوار؛ إذ وُجِهَ لهم إنذارٌ أخير لإلقاء أسلحتهم والتخلي عن قياداتهم، وإلا فسيتم قتلهم.
مرت مدة الـ24 ساعة التي ذكرتها الرسالة النصية، وبينما أفاد الشهود لشبكة “سي إن إن” بأنهم قد رأوا طائراتٍ حربية تحوم حول المدينة، فإنه لم ترد حتى الآن أي تقارير بخصوص حدوث ضربات جوية.
ولكن سكان حلب الشرقية ما زالوا ينتظرون حدوث الهجوم.
وأعربت فاطمة العبد، إحدى سكان المنطقة، لشبكة “سي إن إن”، عن عدم رغبتها في الرحيل عن المدينة، ولكنها قالت إنَّ النقص الحاد في الاحتياجات الأساسية يجعل الحياة بالمنطقة شبه مستحيلة، فكل شيء بالمنطقة تقريباً قد أوشك على النفاد، وأنها لديها فقط كميات صغيرة متبقية من الأرز والمعكرونة والقمح.
وأضافت قائلةً: “قمنا بزرع بعض الأعشاب على سطح المبنى، كالبقدونس والنعناع والسبانخ”.
أما فيما يتعلق بالمياه، فقالت إنَّ عائلتها تصلها المياه بشكلٍ متقطع، مرة كل أسبوع أو حتى أسبوعين، ولكنهم في الغالب يلجأون إلى مياه الآبار، التي تسبب لأطفالها بعض الآلام بالمعدة.
شتاءٌ قاتل في الطريق
وبينما تنفد السلع، ترتفع الأسعار بشكلٍ جنوني.
وحذرت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي من أن حلب الشرقية على حافة المجاعة قبيل فصل الشتاء شديد البرودة.
وأفاد المقيمون بالمنطقة لشبكة “سي إن إن”، بأن مخزونهم من الطعام على وشك النفاد، وأن الأسواق التي كانت تبيع الفاكهة والخضراوات في وقتٍ ما أصبحت الآن خالية. وعلق بعضهم على أسعار السلع المتوافرة، قائلين إنَّ سعر الكيلوغرام من اللحم مثلاً قد وصل إلى نحو 40 دولاراً، وهو سعرٌ لا يستطيع معظم سكان حلب دفعه حالياً.
وكانت آخر المساعدات الإنسانية قد وصلت المدينة في شهر يوليو/تموز، ويوجد نقص شديد الآن بالمدينة فيما يتعلق بالأدوية والوقود الذي تحتاجه المدينة لتشغيل مولدات الطاقة الخاصة بالمستشفيات وكذلك عربات الإسعاف.
وأفاد أحد الناشطين من مركز حلب الإعلامي، لشبكة “سي إن إن”، قائلاً إن أسطوانات الغاز التي يستخدمها سكان المدينة في الطهي أو التدفئة بالبيوت قد وصل سعر الواحدة منها إلى 200 دولار، بينما وصل سعر علبة السجائر إلى 100 دولار.
وأضاف قائلاً: “الوضع بحلب الشرقية أسوأ من أي وقتٍ مضى. السكان لا يجدون ما يأكلونه، حتى الخبز ليس متوافراً إلا في أماكن قليلة”.