ذا المقال ليس لضعيفي القلب، إنما يُعتبر قائمة مكونة من 13 أزمة محتملة، وأعتقد أننا سنواجهها عاجلاً أم آجلاً، وقد يكون هناك أزمات أخرى محتملة.
ـ دونالد ترامب
لا يبدو أن خصم البيت الأبيض القادم سيكون شخصًا لا يملك أي قدرة على الانضباط أو الاتزان أو التعاطف، وإنما يمتلك روح انتقامية لا نهاية لها ولا حد منها، فها قد منحه شعبه قوة لا مثيل لها؛ فأصبح البرلمان ومجلس الشيوخ والمحكمة العليا في قبضة يديه، بينما تقتصر دائرته على أشخاص ذوي قدرة محدودة في الحكم على الأشياء وذوي معرفة ضئيلة عن العالم وما يدور فيه، ولن يكتفي ترامب بذلك فقط، وإنما سيتولى مقاليد أكبر ترسانات العالم النووية المعروفة، بالإضافة إلى سيطرته على أكثر نظم المراقبة والنظم الأمنية انتشارًا وتقدمًا عن أي مكان آخر يمكن لك أن تتخيله.
ـ مستشار ترامب للأمن القومي
عند اتخاذه لقرارات عسكرية استراتيجية؛ لديه الحق في التصرف كما يشاء، واتخاذ قرارات متخطيًا عقبة الكونجرس، والجدير بالذكر أن مستشار الأمن القومي الخاص بدونالد ترامب يُعد متطرفًا خطيرًا، ألا وهو مايكل فلين.
ـ بقية فريقه
يشكل اللوبي الأمريكي جزءًا من فريق ترامب الرئاسي، للضغط على السياسات من قِبل شركات الوقود والتبغ والمواد الكيميائية والموارد المالية الممثلة في المليارديرات للمساعدة في تجنب القوانين المضرة بهم والتهرب من الدفع الضريبي، ويتصدر اللوبي الأمريكي المشهد السياسي الحالي؛ ليديروا دفة الحياة السياسية وفقًا لمصالحهم التي يمثلوها خاصةً من قِبل شركات التبغ منذ العام 1960، ففي إمكانك أيضًا تحديد دفة السياسية كما تريد إذا ما قمت بدفع المال الكافي لإنشاء خليات للتفكير، وتعيين مناصب أكاديمية، وخلق حركات شعبية وهمية، والعمل جنبًا إلى جنب مع وسائل الإعلام؛ عن طريق توفير مساحة كافية لهم، ففي عالمنا هذا قد أصبحت الديمقراطية مجرد حبر على ورق، وأغلقت المنافذ السياسية الأخرى.
ـ عبر المحيط الأطلنطي (خلفية)
وفي جانب من المحيط الأطلنطي، تواجه بريطانيا سلسلة من التعقيدات بسبب محاولاتها المستمرة للانفصال عن الاتحاد الأوروبي، ولكن قد تفشل بريطانيا في إيجاد حل ملائم لموقفها السياسي الحرج التي أوجدت حكومتها نفسها فيه عن طريق حلين؛ أولاً: إما بموافقتها على حرية تحرك الشعوب الأوروبية داخل وخارج بريطانيا مقابل السماح بانضمامها إلى سوق مشترك بين الاتحاد الأوروبي، وهو بمثابة حلٌ لن يُأتي بثماره لكل مَن أيّد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فلن ينالوا شيء سوى الشعور بالحرج، ثانيًا: أن يغلق الاتحاد الأوروبي الأبواب كلها في وجه بريطانيا؛ ليس فقط أمام رفض بريطانيا للشروط التي اقترحتها الحكومة البريطانية، وإنما عن طريق فرض الاتحاد الأوروبي لغرامة تصل إلى 60 مليار يورو جرّاء الخسائر التي سيتكبدها الاتحاد الأوروبي؛ إثر خروج بريطانيا منه، وهو ما لم تستطع الحكومة البريطانية دفعه، ولذلك سيؤول إلى تمزق أوروبي لا تفاوض فيه ممثلاً خروجًا صعبًا للغاية لبريطانيا.
ـ مخاطر لمنطقة اليورو
تمر البنوك الإيطالية بأزمة كارثية، ولكن كيف ستؤثر مثل هذه الأزمة على بقاء حدود الاتحاد الأوروبي في اعتقاد الناس.
ـ وانعكاساتها العالمية
هل سيكون انعكاس الأزمة الإيطالية كافيًا لإشعال أزمة مالية عالمية أخرى؟ إجابة هذا السؤال صعبة؛ فإذا افترضنا حدوث مثل هذا الأمر، لن تنجح الحكومات في اتباع خطة إنقاذ بظروف الوضع الراهن مثلما كان يحدث في العام 2007 و2008، والآن خزائنهم فارغة.
ـ الاعتماد على الآلة يمحو الوظائف
سيتسبب اللجوء إلى التشغيل الآلي في جميع المجالات في تدمير الوظائف بمعدلات غير مسبوقة، ولأن اختراق تكنولوجية المعلومات في الاقتصاد أصبح جزءًا لا يتجزأ منه، لن تكون بمثابة مرحلة عابرة، وإنما هو توغل ذو توجه تصاعدي، وبالطبع سيكون أمرًا مؤلمًا أن تشاهد استبدال الأيدي العاملة بآلات، ومن الغريب أنه لا يوجد أي حكومة أو حزب سياسي كبير يبدي أي إشارة لاستيعابهم لحجم هذه المشكلة.
ـ احتمالية فوز مارين لوبان
لدى مارين لوبان فرصة جيدة للفوز بالرئاسة الفرنسية في شهر مايو القادم، وقد يتسبب وصول مارين لوبان إلى السلطة في انهيار الاتحاد الأوروبي، ولكنه أمر غير معلوم حتى وقتنا هذا، ولديَّ اعتقاد أن مثل هذه الأمور ستتخذ مجرى سريع للغاية وسيتفاجئ الجميع بنتائجها، فقد يتفكك الاتحاد الأوروبي تمامًا في شهر واحد.
ـ ما قد يبدو عليه مجلس الأمن
لو فازت لوبان، سيتكون الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن من (دونالد ترامب، وفلاديمير بوتين، وشي جين بينج، وثيريسا ماي، ومارين لوبان)، يالها من دعوة غير مطمئنة!
ـ فشل اتفاقية باريس المناخية
لا يمت البرنامج القومي لتغير المناخ بأي صلة لاتفاقيات الحكومات التي أُبرمت في باريس؛ فحتى وإن طُبقَت هذه البرامج بحذافيرها – وهو ما لن يحدث – فسيصبح العالم في مسار بعيد عن رؤية الاتفاقية المحددة، وكل هذه التحليلات سابقة لأوانها؛ فنحن لا نعلم بعد نية ترامب وقراراته في ما يخص هذه الاتفاقية.
ـ وتأثيرها على الهجرة
أحد أهم عواقب تغير المناخ الوخيمة – بعيدًا عن الأمور البسيطة من خسارة وسائل إنتاج الطعام وغمر البلاد مع ارتفاع مستوى المياه وتقلص موارد المياه العذب – هو زيادة أعداد الهجرة الجماعية للشعوب، وهو ما يُقَزم من معدلات الهجرة الحالية، وبالتالي ستتخطى العواقب الإنسانية والسياسية والعسكرية أي توقعات.
ـ بقاء محاصيل كافية لـ60 مرة
وفقًا لمنظمة الغذاء والزراعة للأمم المتحدة، لدينا مخزون يكفي 60 عامًا من المحاصيل، إن استمرينا على هذا المنوال من خسارة الرقع الزراعية.
ـ زيادة سرعة أزمة الانقراض
يبدو أن أزمة الانقراض في تزايد مستمر.
هل اكتفيت؟ للأسف لا، أحد خصائص الأزمة المعقدة متعددة الجوانب التي نمر بها، على ما يبدو أنه لا يوجد جانب آخر نحتمي به، ومن الصعب تخيل سيناريو واقعي من المحتمل ألا يتحكم المليارديرات فيه بالرأي العام، أو التآم تفكك الاتحاد الأوروبي، أو عدم حدوث تغيير المناخ وعودة أنواع الحيوانات من الانقراض، وعودة الترب الزراعية لما كانت عليه، ومن هنا لابد وأن تعلم أنها ليست بأزمة مؤقتة، إنما تنذر هذه الأزمات بانهيار دائم.
لا يكمن السؤال هنا في كيف يمكننا تجاوز مثل هذه الأزمات، وإنما يكمن في كيفية تجنبها إن أمكن حدوث ذلك، فهل من الممكن أن يحدث ذلك؟ وإن كان من الممكن حدوثها؛ فعلى أي حساب ستكون؟
لم أكتب هذا المقال لإحزانكم – مع أنني أعلم أنها ستنشر الكآبة – وإنما من أجل نشر الوعي بينكم بحجم ما تطلبه الأزمة الحالية.
التقرير