أنتج التقارب التركي – الروسي، في المرحلة الماضية، سلسلة تفاهمات سياسية، تجلت بشكل أساسي في الأزمة السورية، وعلى وقع هذه التفاهمات، أبدل كل من القيصر والسلطان لغة التهديدات بلغة براغماتية، تجلت في اللقاءات والاتصالات المتكرّرة بينهما. ولعل ثلاثة أسباب رئيسية، وقفت وراء التفاهمات السابقة، وهي توتر علاقات تركيا مع الغرب بشقيه الأميركي والأوروبي، حيث رأت أنقرة في سياسة الغرب تجاه الأزمة السورية خيانة للثورة السورية، فضلا عن أن الدعم الغربي للكرد خيانة للعلاقة التركية – الغربية، فيما رأت روسيا في هذا التوتر فرصةً لكسب تركيا إلى جانبها. وثانياً، البعد الاقتصادي الذي يشكل عاملاً حيوياً في العلاقة الروسية – التركية. وثالثاً، أنتج التدخل العسكري الروسي في سورية معادلةً جديدةً على الأرض، رأت تركيا أن من الأفضل التعامل معها، في ظل موازين القوى والاصفطافات الإقليمية إزاء الأزمة السورية.
لعل من أهم نتائج هذه التفاهمات، إطلاق تركيا عملية درع الفرات في 24 من شهر أغسطس/ آب الماضي، إذ بدا الموقف الروسي كأنه متفهم هذه العملية، فيما كان الموقف الروسي الحقيقي هو استيعاب التحرك التركي لتحقيق جملةٍ من الأهداف، أهمها، الحد من تصاعد دور التحالف الكردي – الأميركي، في إطار الصراع الروسي الأميركي على أوراق القوة على الأرض، حيث تلاقت هنا تركيا وروسيا على هدف منع إقامة كيان كردي، طبعاً كل طرف لأسبابه الخاصة، تركيا في منع تحول هذا الكيان إلى “قنديل جديدة” لحزب العمال الكردستاني، وروسيا في إدارة المرحلة الراهنة، ربما تطلعا إلى حسم معركة حلب. وفي العمق، أراد كل طرف استخدام الآخر لتحقيق استراتيجيته تجاه الأزمة السورية، إذ كانت موسكو تهدف من سياسة الجزرة مع تركيا إلى ضبط الحدود والتعاون ضد الفصائل المسلحة والانسحاب العسكري من معركة حلب، فيما راهنت أنقرة على أن التقارب الاقتصادي والسياسي مع موسكو قد يدفع الأخيرة إلى التجاوب مع سياستها تجاه الأزمة السورية، وربما التخلي التدريجي عن النظام السوري، خصوصاً أن موسكو قالت مرارا إنها ليست متمسكة بالنظام السوري، بل بوحدة الأراضي السورية، والحفاظ على بنية الدولة.
أمام التطلعات التركية – الروسية هذه، بدا أن التفاهمات السابقة بين الجانبين محدودة، إذ سرعان ما كشفت التطورات الميدانية على الأرض حدودها، فروسيا بدت كأنها تريد أن تكون عملية درع الفرات محدودةً، وبشكل أدق، تقف عند أبواب مدينة الباب، وجاء استهداف جنود الأتراك قبل أيام، ومقتل أربعة منهم في غارةٍ قيل إن طائرات روسية أو للنظام السوري نفذتها بمثابة رسالة روسية واضحة حول الحدود المسموحة للعملية التركية في نظر الروسي، بما يشي أن ثمة تفاهما جرى بين روسيا وإيران والنظام السوري، بخصوص حدود التوغل التركي ولأهداف محدّدة.
في المقابل، أدركت تركيا أن معركة روسيا في سورية تتعلق بالحفاظ على النظام وتجديده، على الرغم من الحديث الروسي السابق أنه غير متمسك به، ولعل الرد الروسي على حديث الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أخيراً، أن الهدف من العملية التركية هو إسقاط النظام السوري يكشف عن حقيقة الموقف الروسي، بما يعني ما سبق أن التفاهمات الروسية – التركية دخلت في مرحلة الاختبار، وربما الصدام، لطالما أن لكل طرف استراتيجية مختلفة، إن لم تكن متناقضة تجاه الأزمة السورية، ولعل ما يجري في حلب اليوم سيكشف عن عمق هذا التناقض، وربما يطيح التفاهمات السابقة.
لعل من أهم نتائج هذه التفاهمات، إطلاق تركيا عملية درع الفرات في 24 من شهر أغسطس/ آب الماضي، إذ بدا الموقف الروسي كأنه متفهم هذه العملية، فيما كان الموقف الروسي الحقيقي هو استيعاب التحرك التركي لتحقيق جملةٍ من الأهداف، أهمها، الحد من تصاعد دور التحالف الكردي – الأميركي، في إطار الصراع الروسي الأميركي على أوراق القوة على الأرض، حيث تلاقت هنا تركيا وروسيا على هدف منع إقامة كيان كردي، طبعاً كل طرف لأسبابه الخاصة، تركيا في منع تحول هذا الكيان إلى “قنديل جديدة” لحزب العمال الكردستاني، وروسيا في إدارة المرحلة الراهنة، ربما تطلعا إلى حسم معركة حلب. وفي العمق، أراد كل طرف استخدام الآخر لتحقيق استراتيجيته تجاه الأزمة السورية، إذ كانت موسكو تهدف من سياسة الجزرة مع تركيا إلى ضبط الحدود والتعاون ضد الفصائل المسلحة والانسحاب العسكري من معركة حلب، فيما راهنت أنقرة على أن التقارب الاقتصادي والسياسي مع موسكو قد يدفع الأخيرة إلى التجاوب مع سياستها تجاه الأزمة السورية، وربما التخلي التدريجي عن النظام السوري، خصوصاً أن موسكو قالت مرارا إنها ليست متمسكة بالنظام السوري، بل بوحدة الأراضي السورية، والحفاظ على بنية الدولة.
أمام التطلعات التركية – الروسية هذه، بدا أن التفاهمات السابقة بين الجانبين محدودة، إذ سرعان ما كشفت التطورات الميدانية على الأرض حدودها، فروسيا بدت كأنها تريد أن تكون عملية درع الفرات محدودةً، وبشكل أدق، تقف عند أبواب مدينة الباب، وجاء استهداف جنود الأتراك قبل أيام، ومقتل أربعة منهم في غارةٍ قيل إن طائرات روسية أو للنظام السوري نفذتها بمثابة رسالة روسية واضحة حول الحدود المسموحة للعملية التركية في نظر الروسي، بما يشي أن ثمة تفاهما جرى بين روسيا وإيران والنظام السوري، بخصوص حدود التوغل التركي ولأهداف محدّدة.
في المقابل، أدركت تركيا أن معركة روسيا في سورية تتعلق بالحفاظ على النظام وتجديده، على الرغم من الحديث الروسي السابق أنه غير متمسك به، ولعل الرد الروسي على حديث الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أخيراً، أن الهدف من العملية التركية هو إسقاط النظام السوري يكشف عن حقيقة الموقف الروسي، بما يعني ما سبق أن التفاهمات الروسية – التركية دخلت في مرحلة الاختبار، وربما الصدام، لطالما أن لكل طرف استراتيجية مختلفة، إن لم تكن متناقضة تجاه الأزمة السورية، ولعل ما يجري في حلب اليوم سيكشف عن عمق هذا التناقض، وربما يطيح التفاهمات السابقة.
خورشيد دلي
صحيفة العربي الجديد