مع تواصل اقتحام قوات النظام والمليشيات الأحياء الخاضعة للمعارضة شرق حلب، يضطر النازحون للاختيار بين الوقوع في قبضة الجيش وبين الهرب إلى مواقع المعارضة المعرضة للقصف المتواصل، والتي تفتقر كثيرا لمتطلبات المعيشة.
وخلال تقدم قوات النظام داخل حي الصاخور، قال حسن العلي إنه فضل الخيار الثاني لشدة خوفه من النظام، حيث هرب مع أولاده الثلاثة إلى أحد أكثر الأحياء خطرا في العالم.
وقال العلي (33 عاما) “ما أخذت شيئا معي. أخذت الأولاد وجريت لسيارتي ورحلت، أخذنا القرار في اللحظة الأخيرة لأنه كان من الممكن أن ينقض الجيش علينا في أي لحظة”.
ويوافق الكثيرون على خيار العلي ممن هربوا قبل اقتحام جيش النظام، حيث رأوا أن ما سيواجههم في شرق حلب من خطر وحرمان أصوب من السجن أو التجنيد في الجيش.
في المقابل، قرر آخرون المجازفة بعبور الخطوط الأمامية إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام في رحلة محفوفة بالخطر، ومن بينهم عامل البناء السابق عبد السلام أحمد الذي عبر إلى هناك مع زوجته وبناته الست، بالرغم من أصوات القصف التي كانت تحيط بهم في الطريق.
وفي مصنعين معطلين بمنطقة جبرين تتجمع العديد من العائلات النازحة من شرق حلب، بعد أن خصصهما النظام لإيوائهم في ظروف إنسانية صعبة.
خيارات صعبة
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا إنه منذ أن اجتاحت قوات النظام الشطر الشمالي من الأحياء الشرقية الخاضعة للمعارضة قبل أسبوع، فرَّ ما لا يقل عن ثلاثين ألف شخص، غير أن ألوفا آخرين تراجعوا إلى القطاع الخاضع لسيطرة المعارضة.
وتقدر الأمم المتحدة عدد الباقين في المناطق الخاضعة للمعارضة بأكثر من مئة ألف شخص، بينما يؤكد ناشطون أن العدد يصل إلى أكثر من 250 ألفا، وهم يعيشون ظروفا بالغة السوء.
ومن بين هؤلاء الصيدلاني خليل حلبي (35 عاما) الذي هرب من حي الشعار إلى الأحياء القديمة الخاضعة للمعارضة بعد تصعيد القصف على مدار 11 يوما، وقال إن “الدمار لا يوصف. الأطراف (البشرية) محترقة. انهارت مبان واحترقت ودمرت مساجد بالكامل”.
أما الذين هربوا إلى الأحياء التي يسيطر عليها النظام فلا يبدو أنهم أفضل حالا بالرغم من عدم تعرضهم للقصف، حيث يخضع كل النازحين للتدقيق والاستجواب للتأكد من عدم كونهم من أنصار المعارضة، كما أكدت تقارير إعلامية تسجيل حالات اعتقال جماعية وعمليات تعذيب وقتل لمئات النازحين.
وقال محمود زكريا رنان، وهو خياط من حي الشيخ نجار وله ستة أطفال، إن أسرته قررت أخيرا الرحيل بعد أن أصيب بجروح عندما سقطت قذيفة على منزله الذي عاش فيه أربعين سنة، فبعد أن لجأ إلى أحياء المعارضة اضطر للحاق بشقيقه في حي الأعظمية الخاضع للنظام.
وأضاف “عندنا أطفال وأنا مصاب، ولذلك اضطررنا للسير ببطء شديد”، وخلال الرحلة اضطرت الأسرة للسير ساعتين منذ الفجر، وتعرضت لإطلاق نار.
الجزيرة