كل هجوم جديد يشنه «حزب العمال الكردستاني» وتنظيم «الدولة الإسلامية» يدق إسفين أعمق بين المجتمع التركي. فعندما يهاجم «حزب العمال الكردستاني»، تقوم الكتلة الموالية للحكومة بإلقاء اللوم على المعارضة. وعندما يهاجم تنظيم «الدولة الإسلامية» ، تلقي المعارضة اللوم على الحكومة. على سبيل المثال، بعد الهجوم الذي شنته [عناصر] «حزب العمال الكردستاني» على جنود خارج أوقات عملهم، والذي أسفر عن مقتل 14 شخصاً في مدينة “قيصري” وسط الأناضول التركي، ألقى الغوغاء الموالين للحكومة قنابل حارقة على فروع «حزب ديمقراطية الشعوب» – المعارض الموالي للأكراد – في جميع أنحاء البلاد. وبالمثل، في أعقاب الهجوم الذي شنه تنظيم «الدولة الإسلامية» في تموز/يوليو 2015 في مدينة “سروج”، الذي أسفر عن مقتل 32 شخصاً، اتهم المتظاهرون الحكومة لفشلها في منعه. وأعلن «صقور حرية كردستان» الذي يدور في فلك «حزب العمال الكردستاني» مسؤوليته عن التفجير المزدوج الذي وقع في اسطنبول في 10 كانون الأول/ديسمبر والذي قتل فيه 29 شخصاً على الأقل؛ ولن تؤدي هذه العمليات سوى إلى زيادة استغلال تنظيم «الدولة الإسلامية» و«حزب العمال الكردستاني» لهذه الأزمة.
سوف تمتد الحرب في سوريا إلى تركيا، كما يتضح من الاغتيال ذات الذيول السياسية الذي طال السفير الروسي في تركيا يوم الاثنين والذي قام به ضابط شرطة مجاز كان قد صرخ “لا تنسوا حلب! لا تنسوا سوريا!”. وتواجه البلاد كوكتيل سام من الاستقطاب السياسي والتهديد بالعنف اللذان من الممكن أن يتحوّلا إلى كارثة. كنتُ عموماً متفائلاً بشأن تركيا، ولكنني أشعر بالقلق هذه الأيام.
إني أؤمن بأن أردوغان يريد أن يجعل تركيا قوة عظمى. [وفي هذا الصدد]، كان رد أتاتورك على فقدان العظمة العثمانية هو العلمانية السلطوية: فقد جعل تركيا أكثر أوروبية من أوروبا نفسها لكي يُقدّم بلاده كدولة مرنة. أما أردوغان فتمثل رده باستخدام الإسلام والحكم الاستبدادي، وهي الاستراتيجية التي تهدد بتفكيك تركيا الحديثة.
ومع ذلك، فمن خلال سعيه لتحقيق النمو الاقتصادي والوصول بالدخل التركي إلى المستوى القائم في أوروبا، أصبح أردوغان أقرب إلى حلم أتاتورك من أي زعيم تركي آخر. وإذا كان بإمكانه أن يخفف من أجندته السياسية، سوف يدخل اردوغان التاريخ باعتباره واحداً من القادة الأكثر تميزاً وتأثيراً في تركيا. وإذا لا يستطيع القيام بذلك، فسوف يُذكر بوصفه الزعيم التركي الذي قاد بلاده إلى الحضيض. إن الخيار بيد أردوغان.
سونر چاغاپتاي
معهد واشنطن