مـر الجهاز المصرفي العراقي بعدة مراحل ابتدأت من عام 1867، وكان أقدمها البنك العثماني، وبنك الشاه نشاه الايراني، والبنك الشرقي البريطاني، وبعدها بدأت مرحلة الصيرفة العراقية الوطنية عام 1935. التي شهدت إنشاء المصرف الصناعي الزراعي الذي اصبح بعد عام 1940 مصرفين هما: المصرف الزراعي ، والمصرف الصناعي.
وفي عام 1941 أنشئ مصرف الرافدين كمصرف حكومي تجاري وحيد ، ثـم البنك المركزي العراقي عام 1947 ،كما تـم تأسيس المصرف العقاري عام 1948 والمصرف التعاوني ومصرف الرهون، و العديد من المصارف العراقية الخاصة كمصرف الاعتماد والمصرف المتحد ومصرف الرشيد، اضافة الى فروع المصارف الاجنبية التي تجاوز عددها 15 مصرف اغلبها تابعة للمصارف اللبنانية ، والاردنية.
وفي الوقت الحالي يتكون الجهاز المصرفي العراقي من 54 مصرفاً منها 7 حكومية، وواحد اسلامي حديث التأسيس ، و23 مصرفا تجاريا خاصا، 9 مصارف اسلامية، و15 فرعاً لمصارف اجنبية. اضافة الى مكتب تمثيل لمصرف اجنبي واحد. وهناك العديد من المؤسسات التي تقوم ببعض الاعمال المصرفية منها 34 شركة تحويل مالي، وحوالي 2000 شركة صرافة تابعة لمصارف، مع شركة لضمان القروض، وشركة لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، و شركتان لخدمات الصيرفة الالكترونية والبطاقة الذكية، اضافة الى حوالي 800 فرع تابعة للمصارف وموزعة على جميع محافظات العراق.
ولكي نفهم بعمق عمل النظام المصرفي يجب التعرف الى السياسة المالية والنقدية ومهام البنك المركزي ، فمهام البنك هي سك وطبع العملة الوطنية ودعم العملة الوطنية وتوطيد وتثبيت قيمتها الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى تقوية غطاء النقد ، وإدارة احتياطيات الدولة من النقد الأجنبي.ورسم وإدارة السياسة النقدية للمحافظة على استقرار الأسعار وأسعار الصرف، وتشجيع نمو النظام المالي وضمان سلامته، ومراقبة البنوك والمصارف التجارية والمشتغلين بأعمال مبادلة العملات.
والسياسة المالية هي الأسلوب الذي تنتهجه الحكومة في تخطيط نفقاتها وإيراداتها. فيما السياسة النقديّة هي العمليّة التي من خلالها تستطيع الحكومة أن تسيطر على المعروض من النقود، وغالباً ما تستهدف معدّل التضخم، وأسعار الفائدة لضمان استقرار الأسعار، والثقة العامّة في العملة، التي تسهم في النمو الاقتصادي، وخفض حجم البطالة، والحفاظ على أسعار الصرف التي يُمكن التنبّؤ بها مع العملات الأخرى. ويُمكن الإشارة إلى ان السياسة النقديّة عمليّة توسعيّة أو انكماشيّة؛ حيث إنّ التوسعيّة تزيد من السياسة الإجماليّة المعروضة من النقود في الاقتصاد بسرعةٍ أكبر من المعتاد، والانكماشيّة تقوم بتوسيع المعروض من النقود ببطء أكثر من المعتاد؛ أي إنّها تتقلص، وإنّ التوسعيّة تُستخدم لمكافحة البطالة في الركود عن طريق تخفيض أسعار الفائدة على أمل أنّ سهولة الحصول على القروض سوف تغري الشركات في التوسّع،
وتمتلك السياسات النقديّة قرارات تنفيذيّة في يد السلطة كرسوم سك العملات، وتحديد السعر بين الذهب والفضة، وسعر العملة المحليّة مقابل العملات الأجنبية.
وبعد صدور قانون البنك المركزي العراقي رقم 56 لسنة 2004 وقانون المصارف رقم 94 لسنة 2004، واستناداً الى منهجية اقتصاد السوق تم تحرير سعر الفائدة، والغاء خطط الائتمان ، وفتح باب العمل للمصارف الاجنبية سواء عن طريق المشاركة في المصارف المحلية، ودون وضع اي حدود لنسبة المشاركة، او فتح فروع لها في العراق، دون تحديد رأس المال، إضافة الى امكانية فتح مكاتب تمثيل لها، وإطلاق حرية التحويل الخارجي وإلغاء القيود على تحويل المال، عدا ما يتعلق بمتطلبات قانون مكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب، إخضاع جميع المصارف، بما في ذلك المصارف المتخصصة الى قانون واحد يعنى بالنشاط المصرفي التجاري فقط.
بعد نيسان 2003 كان الاقتصاد العراقي منهاراً والنظام المصرفي متخلف من جميع النواحي الإدارية والمالية والخدمية، بسبب الحروب والحصار الاقتصادي وعسكرة الإنتاج، وتورط المصارف الحكومية بعلاقات مالية خارجية وداخلية معقدة ومربكة لها، إضافة إلى انقطاع العراق ونشاطاته الاقتصادية عن التطورات العالمية في جميع المجالات الفكرية والعلمية والمادية. مما أدى الى ضعف الثقة الدولية بالمصارف العراقية، وضعف دورها في النشاط الاقتصادي العراقي والنشاط التنموي.
ومن هنا جاءت ضرورة إعادة النظر بوضع النظام المصرفي في العراق، والقوانين المنظمة لعمله، وتحسين أدائه، وتفعيل دوره في النشاط الاقتصادي والتنموي وتقوية علاقاته الدولية.
ومنذ منتصف عام 2014 والعراق يمر بأزمة اقتصادية ومالية خانقة بدأت بالتصاعد والتفاقم لأسباب موضوعية وذاتية منها سوء الإدارة المالية والفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة الاقتصادية ، والتصرف العشوائي وغير المخطط للموارد النفطية المتحققة للأعوام السابقة وعدم وجود الاحتياطي الحكومي،
وهبوط اسعار النفط في السوق العالمية بنسبة 65 % عن اسعاره، وتكاليف ومتطلبات الحرب على الإرهاب واحتلال داعش بحدود 40% من مساحة العرا ق، وعدم وجود منهجية أو استراتيجية واضحة للاقتصاد العراقي وعدم وضوح الرؤية والتنسيق بين السياستين المالية والنقدية ، والاعتماد بشكل كلي ومطلق على الموارد النفطية وعدم قيام الحكومات المتعاقبة على وضع الخطط والبرامج لتنويع الموارد وتشجيع القطاعات الاقتصادية الاخرى كالزراعة والصناعة والسياحة وغيرها من القطاعات الاخرى،
وعدم تطبيق الاستراتيجيات التي اعدتها لجان وهيئات المستشارين في مجلس الوزراء وبالتعاون مع المنظمات الدولية التابعة للامم المتحدة والتي بلغ عددها بحدود 16 استراتيجية لم يتم وضعها موضع التطبيق كما لم يتم دعمها ايام الوفرة المالية من عوائد النفط، وعدم التوجه نحو بناء وتأمين البنى التحتية والمؤسسات الراعية والداعمة للاقتصاد العراقي وادخال العراق في اتفاقيات وعقود طويلة الامد بهدف تطوير الصناعة النفطية ولكن واقع الحال يؤكد الضرر الكبير الذي ستحدثه هذه العقود وعلى سبيل المثال عقود جولات التراخيص، وهي عقود خدمة؟ كيف تكون عقود خدمة ومدتها 20 سنة؟ وكيف أعطيت الحقول المنتجة للنفط وهي من اهم الحقول العراقية للشركات الأجنبية؟ ولماذا وقع العراق هذه العقود وكان اصلا لا يعاني آنذاك من قيد التمويل؟
وهل يستطيع العراق فعلا ان ينتج ما خمن له في موازنة 2017؟ وان استطاع انتاج هذه الكمية هل يستطيع تصديرها؟ واذا صدّرها الا يؤثر ذلك على اسعار النفط؟ ما اثر هذه العقود على منظمة الاوبك؟ هل يستطيع الوصول الى مستوى الانتاج المطلوب ام لا، واصرار البنك المركزي على استخدام الاليات والاساليب المعتمدة سابقا في تطبيقات السياسة النقدية ومنها الاستمرار بمزاد بيع العملة الاجنبية وبيع بحدود 200 مليون دولار يوميا ً.
واجاز البنك المركزي العراقي تأسيس مصارف غير رصينة ومنح تراخيص لمساهمين وأصحاب رؤوس اموال لا يفقهون في الاقتصاد والعمل المصرفي شيئاـ اذ المهم أن يكون رأسمال المصرف لا يقل عن 250 مليار دينار عراقي ، وقد تحول قسم كبير من تجار العملة والصرافين الى رؤساء مجالس إدارات وأعضاء مجالس ادارة وجلبوا مدراء مفوضين وقيادات مصرفية غير مختصة وانطلقوا من مفهوم أن المصرف هو لتنفيذ أعمالهم الخاصة ونسوا ان هناك حقوق مساهمين وأهدافا اقتصادية، محددة للعمل المصرفي وهي المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي وبالتالي أن يكون للمصارف دور مهم وأساسي في التنمية الاقتصادية المستدامة وتقديم أفضل الخدمات الحديثة والتقنية للزبائن وتنمية ثقافة الادخار لدى الجمهور حيث تؤكد الإحصائيات والمؤشرات في عام 2015 ان نسبة الادخار بلغت 23% ونسبة الاكتناز بلغت 77% وهذا يؤشر الى عدم ثقة الجمهور بالقطاع المصرفي العراقي. والإبقاء على تطبيق القوانين التي لا تنسجم مع واقع الاقتصاد العراقي والتي جاء بها الحاكم المدني الأمريكي (بول بريمر) في عام 2004 ومنها قانون المصارف 94 لسنة 2004 وقانون البنك المركزي 56 لسنة 2004 وقانون سوق العراق للأوراق المالية 74 لسنة 2004.
وهذه القوانين هي التي تنظم العمل المصرفي والاقتصادي في العراق إضافة الى قانوني الاستثمار وغسل الأموال اللذين تم إجراء التعديلات عليهما ، وان القطاع المصرفي ( القطاع التمويلي والاستثماري) الذي يجب ان يلعب الدور المطلوب في التنمية الاقتصادية ضعيف ومهدد بالانهيار الاقتصاد العراقي خصوصا وان أسعار النفط لاتزيد على 30 دولارا للبرميل بينما ميزانية العام 2016، اعتمدت سعر 45 دولارا للبرميل لذلك نعتقد انه يجب على مجلس الوزراء ولجنة البنك المركزي العراقي التوقف ومراجعة وتحليل وتشخيص الأسباب .
حيث يتميز السوق العراقي بقلة عدد المواطنين الذين يملكون حسابا مصرفيا وهو ما يتيح للمصارف هامشا كبيرا لاستقطاب الآلاف من العملاء الذين يبحثون عن خدمة مصرفية متكاملة ، ورغم تنوع البنوك الأجنبية والعربية العاملة بالبلد الا ان معظمها لا تملك رؤوس أموال كبيرة ويقتصر عملها على المضاربة في مزاد العملة لتحقيق إرباح سريعة مما ينعكس سلباً على واقع السوق المحلي وقد سجلت حالات تهريب لرؤوس الأموال خارج البلد في المصارف الأهلية والأجنبية من خلال التعامل في مزاد البنك المركزي مما يتوجب وضع قوانين اقتصادية صارمة لعمل المصارف ،
واوضح البنك المركزي ابرز مشاكل القطاع المصرفي العراقي بانخفاض الكتلة المصرفية التي من المفترض ان تكون مصرفا لكل 10.000 شخص، اما الموجود فهو اقل بكثير ، حيث يوجد مصرف لكل 32.000 شخص وهذا قليل قياسا بالمعايير الدولية ، وغياب الاستراتيجيات المصرفية الفاعلة والخطط التفصيلية السنوية لدى غالبية المصارف التي ينص عليها قانون المصارف المادة 26 ، وعدم تناسب الخدمات المصرفية مع متطلبات وتوجهات الاقتصاد العراقي نحو اقتصاد السوق حيث تبلغ عدد الخدمات من قانون المصارف مادة رقم 27 اكثر من 50 خدمة مصرفية اما المقدمة فعليا فيه 20 خدمة ، بالإضافة الى ضعف التقنيات المصرفية تعني ( خدمات مصرفية منزلية مثلا ) لمعرفة كشف حساب العميل اجراء تحويلات مالية، دفع فواتير الغاز، والكهرباء، والهاتف، وهو في منزلة استخدمت هذه الخدمة في بريطانيا اول مرة 1983 اما في العراق فلم تستخدم الا في نطاق ضيق جدا .
ويعاني الهيكل الاداري في الكثير من المصارف وخصوصا الحكومية منها من الترهل، بالإضافة الى سياسة التمييز الحكومية في التعامل مع المصارف الخاصة التي تتمثل بمنع دوائر الدولة والشركات من ايداع اموالها في تلك المصارف وعدم قبول الصكوك المصدقة والعادية وخطابات الضمان الصادرة عنها الا ضمن حدود معينة، ولا تسمح بالمنافسة مع مصارف اخرى ، وغياب المؤسسات المساندة مثل شركة التامين على الودائع والتامين على القروض ودراسة مخاطر السوق، والاجراءات الروتينية التقليدية التي يعتمدها دائرة مسجل الشركات وتأخير المصادقة على القرارات المتخذة من الهيئة العامة للمصارف ومنها زيادة رؤوس الاموال، وعقد اجتماعات هيئاتها العامة ، وتأخير إعادة تداول أسهم المصارف الخاصة في جلسات التداول الجارية في سوق العراق للأوراق المالية ، مما يسبب إضرار وخسائر للمساهمين والمستثمرين ، تأخر المصارف الحكومية وبعض المصارف الخاصة من اقتناء أنظمة مصرفية شاملة او ربط فروعها بشبكات اتصالات مع إداراتها العامة وعدم تطبيق الصيرفة الالكترونية .
واوضح عدد من اعضاء مجلس النواب العراقي المختصين في المجال الاقتصادي بان” تخلف المصارف المحلية جعلت السوق العراقية بحاجة لعملية استثمارية للبنوك الاجنبية ، وسبب تراجعها في البلاد هو تخلف القطاع المصرفي العراقي، كون المستثمر الأجنبي يبحث عن البيئة المصرفية الآمنة والمتطورة لتسهل عمله وتحافظ على أمواله”.
واكدوا حاجة السوق العراقية لبنوك عالمية ذات طابع استثماري تساعد على جذب الشركات الاستثمارية ونقل الخبرات للمصارف المحلية، والنهوض بالعملية الاستثمارية من خلال منح القروض وتحويل الأموال، واستخدام تقنيات مصرفية حديثة تسهل الإعمال وتسرع من انجاز المعاملات.
عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النائب عن /الكتلة الوطنية البيضاء/ عزيز المياحي، اكد، حاجة العراق لبنوك اجنبية ذات طابع استثماري لدعم العملية الاستثمارية في البلد، مشيراً الى ان المصارف المحلية تفتقر لا بسط التقنيات التي تعمل بها العالمي، وان الاستثمار يحتاج الى بيئة قانونية رصينة واستقرار امني وسياسي و قطاع مصرفي متطور، لتتمكن الشركات من المجيء للاستثمار، لا نها تبحث عن البيئة الامنة التي يسودها القانون والانظمة الحديثة.
وأوضح أن البيئة العراقية بحاجة الى بنوك اجنبية متطورة ذات رأسمال عال وطابع استثماري لتقوم بدعم العملية الاستثمارية والتنمية الاقتصادية في البلد، بالإضافة الى انها ستتمكن من خلق جو تنافسياً بينها وبين البنوك المحلية وبالتالي سيتطور القطاع المصرفي.
وأضاف: هناك صعوبة بالتعامل المصرفي كون القطاع المصرفي العراقي متخلفاً ويعمل بانظمة وتشريعات قديمة لا تواكب التطور الحاصل في العالم، مبيناً ان اغلب المصارف العراقية مقتصر عملها على توديع الاموال وبيع العملات الصعبة، فهي تحتاج الى اصدار خطابات ضمان لجذب المستثمرين .
اما النائب عن /ائتلاف الكتل الكردستانية/ شريف سليمان ، فدعا الى، تشجيع البنوك العالمية الرصينة لفتح فروع لها في العراق لجذب الاستثمارات الاجنبية ولدعم الواقع الاستثماري في البلد.
وقال سليمان إن احدى أهم المعوقات لعملية الاستثمارية في البلد هو عدم وجود نظام مصرفي متطور، حيث ان العراق يمتلك مقومات اقتصادية والشركات العالمية لديها الرغبة للاستثمار، ولكنها تفاجئ بجملة من العراقيل عند قدومها للعراق.
وأضاف: ان عملية النهوض بواقع الاستثمار يتطلب وجود بنوك عالمية رصينة ومتطورة، ، وتطوير العلاقات الخارجية ، وتشريع القوانين لتعمل على تلبية حاجة الشركات ودفع عجلة الاستثمار الى الامام.
و شدد الخبير المصرفي محسن علي، على تشريع قانون جديد للمصارف كون القانون المتبع لا يساعد على تطوير القطاع المصرفي ولا يجذب البنوك العالمية للعمل في البلاد.
واوضح ان المصارف المحلية غير قادرة على تأدية متطلبات العملية الاستثمارية في البلد بسبب قلة رؤوس اموالها، وأن البنوك الحكومية والاهلية لا يستطيعان سد متطلبات العمليتين الاستثمارية والتنمية الاقتصادية كمنح السلف والقروض بسبب امكانياتها المادية والتكنلوجية المحدودة ..
وعلى الرغم من إن قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 قد استثنى الاستثمار في قطاع المصارف من أحكامه إلا ان الاستثمار في القطاع المصرفي يأخذ إطاره القانوني استنادا إلى قانوني البنك المركزي رقم 56 لسنة 2004 والمصارف رقم 94 لسنة 2004،
وعزا الخبير المصرفي موفق حسن محمود، أسباب تخلف القطاع المصرفي العراقي بهيكليته الحالية، إلى عوامل كثيرة من بينها “الضعف والارتباك في عدد غير قليل من التعليمات التي يصدرها البنك المركزي العراقي بين الحين والآخر، وسحبها أو تعديلها بعد أيام. وتدني كفاءة الرقابة المصرفية ولا مهنيتها بل عدم جديتها”.
واعتبر أن أساليب الرقابية على المصارف لم تواكب تطور البنوك المركزية في الدول المتقدمة ولا في الدول المجاورة ومنها الرقابة الوقائية، إضافة الى افتقار النظام المصرفي إلى قواعد الحوكمة اللازمة لمراقبة أداء مجالس الإدارة و، والتثبت من التزام القوانين والأنظمة والتعليمات، وافتقار القطاع لثقافة الأخطار المصرفية وسبل تقويمها وإدارتها وطرق التخفيف أو الحد منها. وشملت الأسباب أيضاً ، و ظهور مجالس إدارة وإدارات مصرفية غير مهنية لا صلة لها ولا خبرة ولا معرفة بالعمل المصرفي، كما تفتقد المؤهلات ولا تملك سوى ثروات مالية مفاجئة تحوم الشبهات حول مصادرها.
وأشار إلى مشكلة أخرى تواجه القطاع المصرفي «وتتمثل بضآلة رؤوس الأموال التي لا تفي بحاجات التنمية، فضلاً عن مصادر التمويل الأخرى».
ورأى الخبير الاقتصادي أحمد الأبريهي، أن “أحد مظاهر الفشل في العراق يتمثل بعدم قدرة الحكومة على فرض القانون، كما يعجز البنك المركزي لوحده عن فرض الرقابة وتقويم مستوى الأداء المصرفي”.
وأكد المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، أن السوق المصرفية «غير متجانسة في ظل استقطاب المصارف الحكومية لرؤوس الأموال والودائع مستحوذة على 90% منها، ليبقى لتلك الخاصة 10 % . أوضح أن “المصارف الحكومية متأخرة والخاصة تعمل وفق أنظمة القرن التاسع عشر”. وأعلن أن «نسبة البالغين الذين يحصلون على ائتمان تبلغ 12 %، ومع كل إخفاق معاملة مصرفية بسبب التعثر تُسحب 32 معاملة، إذ إن المصارف الأهلية متحفظة جداً والحكومية عكس ذلك، ويتضح ذلك من حجم القروض الكبيرة التي منحتها الحكومة .
وقال صالح ان ملف مزاد العملة «مهم وضروري»، وسأل «هل يمكن إنشاء مصرف للقطاع الخاص يكون من مهماته فتح الاعتمادات بمركزية والتحول تدريجاً لتغطية الواردات؟».
أما الخبير المصرفي سمير النصيري فحذّر من “انهيار النظام المصرفي في العراق قريباً في حال لم تُعالج المشاكل التي يواجهها خلال هذه السنة”. وأكد أن انهياره يعني انهيار الاقتصاد. وأشار إلى أن نتائج البحوث والدراسات والمؤشرات لا تحظى بالاهتمام بدليل التراجع في الودائع الذي سجله أكبر خمسة مصارف في العراق، فضلاً عن تدنّي السيولة والتشغيل والائتمان وتوظيف الأموال والأرباح، من دون إغفال انخفاض الموجودات. وشدد على أن هذه المؤشرات خطرة .
ووصف النائب مهدي الحافظ الرقابة التي يُفترض أن يمارسها البنك المركزي بـ الضعيفة والمشوشة، وأعلن أن عملية بيع الدولار من قبل البنك المركزي تمثل قضية حساسة بالنسبة إلى المواطن، إذ يفترض أن تكون عملية تحويل المبالغ عادية وسهلة كما هي الحال في سائر البلدان. وشدد على عدم الفصل بين ما هو قائم في تعاملات القطاع المصرفي والبنك المركزي، وبين الفساد الموجود في الدولة.
السياسة الضريبية :
على الحكومة الاستفادة من الضرائب والرسوم الجمركية التي تفرض بما ان جميع بلدان العالم تفرضها وتعتبرها وسيلة لتحقيق جملة من الاهداف الاقتصادية والتنموية والمالية والاجتماعية و حماية المنتوجات المحلية من المنافسة الاجنبية وتوسيع الانتاج المحلي وتنمية الصادرات ، وكذلك تهيئة الموارد المالية للموازنة العامة لتغطية النفقات الحكومية فضلا عن تسهيل مهمة الرقابة والسيطرة على حجم الاستيراد لمعالجة مشكلات الميزان التجاري .
وفي البلدان التي لا تمتلك موارد طبيعية مهمة مثل المملكة الاردنية الهاشمية تعتمد بشكل شبه كلي على الضرائب والرسوم في تمويل نفقاتها وموازنتها العامة . لكن في العراق فان غياب الرؤية التنموية والسياسات الاقتصادية الملائمة والفساد الاداري والمالي المستشري في جميع مفاصل الدولة قد حرم البلد من الاستفادة من هذا المورد المهم، مما انعكس سلبا على الاقتصاد العراقي .
وقد برز تأثير ذلك بشكل واضح بعد هبوط اسعار النفط العالمية بالشكل الذي حصل منذ منتصف عام 2014 والى الان مما ادى الى اربك حسابات الحكومة وصعوبة في تامين رواتب الموظفين والمتقاعدين وتغطية نفقات الحرب ضد تنظيم داعش الارهابي والعمل على تغطية العجز المتنامي في الموازنة العامة والناجم عن انخفاض عوائد الصادرات النفطية بشكل كبير جدا .
ولمواجهة هذه التداعيات اضطرت الحكومة الى تطبيق عدد من الوسائل لمعالجة الموقف ومنها تقليص عدد الوزارات وتخفيض رواتب الرئاسات الثلاث والنواب وكبار الموظفين وكذلك استقطاع نسبة من رواتب الموظفين والمتقاعدين وبعض الاجراءات الاخرى، الاقراض من صندوق النقد الدولي وقامت بفرض الضرائب والرسوم الجمركية وزيادة بعضها الاخر منها فضلا عن فرض او زيادة الرسوم على بعض الخدمات المقدمة من الدولة للمواطنين، الذين لا قدرة لهم على تحمل تأثير الضرائب والرسوم او زيادتها ، في الوقت الذي لاتزال تنفق الاموال الطائلة على المخصصات والإيفادات والنثريات على النواب والوزراء والدرجات الوظيفية العليا وكانه لا توجد حالة التقشف التي يعاني منها صغار الموظفين وفئات الشعب الدنيا.
ومن المشكلات التي تواجه تطبيق الضرائب والرسوم انها تؤدي الى ارتفاع اسعار السلع المستوردة الخاضعة للضرائب والرسوم في السوق المحلية ،هذا يثقل كاهل المواطنين، ومنها عدم كفاءة ونزاهة الجهاز الاداري المسؤول عن التخمين والجباية اذ ان ما يجبى من اموال من هذه الضرائب لا تعود كلها الى الموازنة العامة بل تذهب الى جيوب بعض الجهات والافراد الفاسدين والمافيات في مختلف دوائر واجهزة الدولة ففي اجهزة جباية الضريبة هناك بعض المخمنين يساومون المواطنين على دفع مبلغ معين مقابل تخفيض مقدار الضريبة بشكل كبير ومغر مما يشجع المواطن على الرضوخ لهذا المطلب ويؤدي الى حرمان الخزينة العامة من الكثير من هذه الاموال.
وهناك الكثير من الشكوك تحوم حول مصير الاموال التي تجبى من المنافذ الحدودية ومن المواطنين، ومنها ترليون ومائتا مليار دينار تمت جبايتها من المواطنين في العام الماضي نتيجة للفساد المستشري في اجهزة الدولة . وعليه فان تحقيق الهدف من وراء فرض الضرائب على المواطنين يتطلب ان يقترن بوسائل تضمن ابعاد تأثير الفساد عن هذه العملية والتحقق من جبايتها بدقة وايصالها الى الجهات المالية المختصة.
وبخصوص حجم الفساد في المنافذ الحدودية اكد محافظ البنك المركزي ان المنافذ الحدودية لبلد يستورد كل شيء في ظل ظروفه الحالية يفترض ان تكون هذه العملية بأعلى درجات التنظيم والكفاءة والنزاهة ، ليس لا سباب مالية فحسب بل ايضا لا سباب صحية وبيئية وسلامة المواطن . فالمواد تصل وتخترق المنافذ الحدودية وتدخل مدننا وهي فاقدة للمواصفات او مزورة او تم تغيير الصلاحية مشيرا الى المنافذ الحدودية مازالت بيد الفاسدين وبيد المهيمنين عليها ، وان المخلصين للبضائع في المناطق الحدودية وبعض العاملين فيها يحصلون على اكثر مما تحصل عليه الدولة .
وخلاصة لما تقدم فأن الاصلاحات الاقتصادية ضرورية لتقليل معاناةالشعب العراقي بكل فئاته ومكوناته الناتجة عن عدم توفر سبل العيش الشريف وضعف الخدمات والبطالة والفقر التي هي انعكاس للاوضاع الاقتصادية السيئة وعلى راسها فساد القطاع المصرفي حيث ارتفعت نسبة البطالة الى اكثر من 25 % بين الفئات الشبابية والخريجين القادرين على العمل كما ارتفعت نسبة الفقر حسب البيانات الرسمية لوزارة التخطيط والتعاون الانمائي ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية الى 31%.
شذى خليل
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية
المصادر:
مفهوم وماهية السياسة المالية http://www.mouwazaf-dz.com/t523 –
http://mawdoo3.com
http://almothaqaf.com
البنك المركزي العراقي / المديرية العامة للإحصاء والأبحاث
الغد برس
بغداد(الاخبارية)
شبكة الاقتصاديين العراقيين / نبيل جعفر عبد الرضا
د. سنان محمد رضا الشبيبي
د.مدحت القريشي