الرياض – تتجه الحكومة السعودية لإصدار سندات في السوقين المحلية والدولية بهدف سد العجز في موازنة 2017 والمتوقع أن يبلغ نحو 52.8 مليار دولار رغم زيادة الإنفاق.
وكشف محمد التويجري، الأمين العام للجنة المالية في الديوان الملكي السعودي في مقابلة مع “العربية”، أمس، أن “المملكة تخطط لاقتراض ما بين 10 و15 مليار دولار من الأسواق العالمية العام المقبل ونحو 70 مليار ريال (18.7 مليار دولار) من السوق المحلية”.
وكان وزير المالية السعودي محمد الجدعان قد قال في مقابلة مع وكالة رويترز قبل ذلك، إن “المملكة من المتوقع أن تستأنف إصدار السندات بالعملة المحلية في الربع الأول من 2017”.
وأضاف “لكنها (الحكومة) ستعمل على ضمان ألا تؤثر الإصدارات على احتياجات القطاع الخاص للتمويل أو على السيولة في القطاع البنكي”.
وجاءت هذه التصريحات في أعقاب الإعلان عن أول موازنة للسعودية منذ الكشف عن خطة التحول الاقتصادي و“رؤية المملكة 2030” قبل أشهر.
محمد الجدعان: الحكومة ستستأنف إصدار سندات محلية في الربع الأول من 2017
ويقول خبراء اقتصاد إن الطرح الجديد في السوقين المحلية والدولية يعكس مدى استيعاب السعودية لمخاطر استمرار تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية، وبالتالي فإن هذا الاتجاه يثبت النقلة النوعية التي بدأت تتوخاها الرياض في سياساتها المالية.
وكانت الحكومة قد بدأت في إصدار سندات بالعملة المحلية العام الماضي بنحو 20 مليار ريال (5.3 مليار دولار) شهريا بهدف تمويل عجز الموازنة الذي بلغ نحو 98 مليار دولار.
وسحبت تلك الإصدارات جزءا كبيرا من السيولة لدى القطاع البنكي السعودي، ودفعت أسعار الفائدة في السوق المحلية إلى ارتفاع حاد، وهو ما أضر بالاقتصاد.
وساعد إصدار سندات سيادية بقيمة 17.5 مليار دولار في أكتوبر، على فتح آفاق الاقتراض الخارجي أمام الرياض، وهو ما ساعد أيضا الحكومة على وقف إصدار السندات المحلية منذ سبتمبر الماضي.
وكان ذلك الطرح أول عملية اقتراض للسعودية في السوق الدولية. وفاق ذلك أقصى توقعات المحللين حينما بلغت طلبات الاكتتاب 4 أضعاف الإصدار في مؤشر ثقة باقتصاد البلاد.
وأظهرت الحسابات الختامية لعام 2016 تحسنا كبيرا في مؤشرات الموازنة، حين جاء العجز، الذي بلغ 79 مليار دولار، أقل بنحو 8 مليارات دولار عن التقديرات الأولية بسبب تراجع الإنفاق وزيادة في الإيرادات.
ووضعت الحكومة في الحسبان عدم مزاحمة القطاع الخاص في السوق، حيث أشار الجدعان إلى أن العجز محدود هذه المرة، وبالتالي فإن الحاجة إلى التمويل ستكون محدودة.
وفي إطار تجسيد خططها للتحول الوطني، كشفت وثيقة رسمية عزم الحكومة على إنفاق نحو 200 مليار ريال (53 مليار دولار) ضمن حزمة تحفيز للقطاع الخاص على مدى السنوات الأربع المقبلة في إطار خطتها الهادفة إلى تنويع الاقتصاد.
وتشمل الرؤية خططا لاستثمار عشرات المليارات من الدولارات خلال السنوات المقبلة على مشروعات متنوعة تشمل بناء مدن صناعية ومساكن ومدارس.
لكن لم يتضح آنذاك مدى استعداد القطاع الخاص وقدرته على الاستثمار في المشروعات في اقتصاد يعتمد بصورة رئيسية على الإنفاق الحكومي السخي من عائدات النفط والغاز.
محمد التويجري: المملكة تخطط لاقتراض ما بين 10 و15 مليار دولار من الأسواق العالمية
وذكرت الوثيقة المتعلقة ببرنامج التوازن المالي، الذي أعلنته الحكومة بالتزامن مع إعلان موازنة العام المقبل، أن “نهجنا هو دعم الاقتصاد على المدى القصير من خلال حزمة تحفيز اقتصادية”.
وأضافت “تم اقتراح وتحديد حجم حزمة التحفيز بنحو 200 مليار ريال بين 2017 و2020 للمساهمة في تعزيز النمو الاقتصادي ودعم قدرات الاقتصاد السعودي على المساهمة في تحقيق رؤية 2030”.
ولتحفيز القطاع الخاص، سيجري تأسيس صندوق استثماري لتوفير رأسمال لجذب الاستثمارات، لكن الوثيقة لم تخض في تفاصيل عمل الصندوق وطبيعة حزمة التحفيز سوى أنها ستوجه لدعم القطاعات التي تعزز النمو الاقتصادي وتوفر الوظائف للسعوديين.
ولم يتضح من الوثيقة كيف ستوفر الحكومة الأموال اللازمة لحزمة التحفيز، لكنها أشارت إلى خطط أخرى لزيادة الإيرادات غير النفطية عبر رفع الرسوم المفروضة على العاملين الأجانب ومرافقيهم. ويعمل في المملكة نحو عشرة ملايين وافد أجنبي.
وسترفع الحكومة المقابل المالي الذي تدفعه شركات القطاع الخاص على عدد الوافدين الزائد عن عدد السعوديين في كل منشأة والبالغ حاليا 200 ريال شهريا (53.33 دولارا).
ويخيم تفاؤل كبير داخل الأوساط الاقتصادية السعودية بأن تحقق الحكومة الأهداف المعلنة في موازنة 2017 في ظل توقعات بزيادة الإيرادات النفطية وتحقيق المزيد مـن الانضباط المالي في الفترة المقبلة.
العرب اللندنية