بيروت – أشارت أوساط لبنانية مقربة من حزب الله إلى أن الحزب يعيش حالة من الترقب الشديد بعد تسريبات عن أن اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا يتضمن بندا ينص على دعوة المقاتلين الأجانب إلى مغادرة سوريا كأحد ضمانات بناء الثقة قبل البدء بالحوار السوري السوري، وأن موسكو أبلغت طهران بذلك قبل سريان الاتفاق.
وكشفت الأوساط في حديث لـ”العرب” عن أن قيادة الحزب تترقب أوامر روسية عبر إيران بضرورة أن يبدأ الحزب بإجلاء عناصره من مختلف المدن السورية، مثل غيره من الميليشيات الأجنبية الداعمة للرئيس السوري بشار الأسد، أو المعارضة له.
واعتبر متابعون للشأن السوري أن ما يزعج قيادة حزب الله أن الخطوة الروسية المتوقعة لن تزعج الأسد الذي لا يريد أن يكون رهينة لحزب الله والميليشيات العراقية والأفغانية والباكستانية التي تقدر أعدادها بعشرات الآلاف، ويمكن أن تتحول لاحقا إلى ورقة ضغط إيرانية عليه.
ولفت المتابعون إلى أن الأسد سيكون متحررا من أي التزام أخلاقي أو سياسي تجاه الحزب، خصوصا أن من حسموا المعركة هم الروس وليست إيران أو الميليشيات التابعة لها.
وأشاروا إلى أن مسارعة الرئيس السوري إلى تأييد وقف إطلاق النار مقابل تأخر طهران واكتفائها ببيان مرحب صادر عن وزارة الخارجية قد يعكس اندفاعا من النظام السوري للاستقواء بروسيا للتخلص من ميليشيات إيران التي كثرت الاحتكاكات الميدانية بينها وبين الجيش السوري.
وتوقع مراقب سياسي لبناني أن يكون الاتفاق الروسي-التركي في الشأن السوري، قد نص على انسحاب عناصر حزب الله من المدن السورية.
وأشار المراقب في تصريحات لـ”العرب” إلى أن انسحاب حزب الله من سوريا ستترتب عليه نتائج خطيرة، إذ ستضطر إيران إلى الرد لتثبت أنها لا تزال لاعبا قويا في سوريا وأنه لا يمكن تجاوزها بسهولة.
وكان وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو قال الخميس إن “كل المقاتلين الأجانب يتعين أن يغادروا سوريا. ويتعين على حزب الله العودة إلى لبنان”، وهو تصريح اعتبره مراقبون أنه يكشف عن أحد البنود الخفية من الاتفاق، مستندين إلى البرود الإيراني في التعاطي مع الاتفاق.
وفي خطوة تعكس قلق الحزب، بادر رئيس مجلسه السياسي إبراهيم أمين السيد إلى التصريح بأن ميليشيات الحزب في سوريا “ليست موجودة هناك بقرار تركي (…) ولن تغادره بقرار تركي” دون أي إشارة إلى الموقف الروسي.
وقال المراقبون إن قرار رفض الحزب الانسحاب من سوريا لن يكون بيده، بل سيترك الأمر لإيران التي تسعى إلى مهادنة روسيا ودعم الاتفاق النووي على أمل أن تتولى الميليشيات التابعة لها خرقه في مواقع متعددة عبر استفزاز الجماعات السورية المقاتلة وتحميلها مسؤولية إفشال الاتفاق والعودة إلى المربع الأول.
وترى أوساط لبنانية أن حزب الله يستنتج من روحية اتفاق وقف إطلاق النار عزم روسيا على فرض تسوية لا تتّسق مع أجندته، مشددة على أن الحزب والميليشيات الشيعية التابعة لطهران ستدفع ثمن أي تسوية تتيح لإيران شراكة في الحل السوري.
وتجمع التحليلات على أن إيران ستكون خاضعة للاتفاق الروسي التركي بسبب ما قدمته القوات العسكرية التابعة لها من قصور ميداني على الجبهات دفاعا عن نظام دمشق وإقرارها ضمنيا بأن العامل الروسي فقط هو من حسم المعركة في حلب وأن غياب هذا العامل يؤدي إلى انهيار كافة القوى المدافعة عن النظام كما حصل في تدمر.
وكشف مقربون من حزب الله امتعاض قيادته من مقال لصحيفة “إيزفيستيا” الروسية اتهمت فيه القوات الخاصة التابعة للحزب بالقيام بعمليات اغتيال مؤخرا لقادة ميدانيين من المعارضة السورية في إدلب. واعتبر هؤلاء أن ذلك يعكس موقفا سلبيا روسيا من أنشطة حزب الله.
ورأت أوساط سياسية لبنانية أن المواقف الإيجابية التصالحية التي يتخذها حزب الله لتسهيل عمل الحكومة اللبنانية والتعاطي بإيجابية مع خصوم الأمس، سعد الحريري وسمير جعجع، هدفه تحضير الساحة اللبنانية لاستيعاب تراجع حزب الله من سوريا وانكفائه إلى الداخل اللبناني مع ما يحتاجه ذلك من الاستظلال بمؤسسات الشرعية اللبنانية.
العرب اللندنية