واشنطن – لم تصل العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا إلى أزمة كبرى تجتاح تقاربا هشا بين البلدين، على الرغم من إقدام واشنطن على طرد 35 دبلوماسيا روسيا، وفرض عقوبات على موسكو التي امتنعت إلى الآن عن الرد.
واستبعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طرد أي أحد في مقابل الخطوة الأميركية الصاخبة، رافضا مقترح وزير الخارجية سيرجي لافروف بطرد دبلوماسيين أميركيين.
واعتبر بوتين العقوبات خطوة أخرى لتقويض العلاقات بين موسكو وواشنطن، وعبر عن أسفه لإنهاء إدارة أوباما فترتها بهذه الطريقة.
وقال إنه سيدرس أفعال الرئيس المنتخب دونالد ترامب الذي يتولى السلطة الشهر القادم حين يتخذ قرارا بشأن الخطوات القادمة في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة.
وجاءت الإجراءات الأميركية، الخميس، ردا على اختراق رسائل بريد إلكتروني للحزب الديمقراطي كشف عن تزايد التأييد لهيلاري كلينتون على حساب منافسها بيرني ساندرز.
ماريا زاخاروفا: من يجلسون في البيت الأبيض مجموعة فاشلة في السياسة الخارجية
وكان هذا الكشف للرسائل الإلكترونية، الذي تعتقد القيادة الأميركية أنه تم بدعم من الحكومة الروسية، قد ساعد المرشح الجمهوري دونالد ترامب، على الفوز في الانتخابات، حسب المزاعم الأميركية.
ويعتقد مسؤولون كبار في الحكومة الروسية أن إدارة أوباما تحاول عرقلة إدارة ترامب المقبلة عبر تقويض أي تعاون محتمل بين الجانبين.
لكن بوتين تجنب السقوط في الفخ بمهارة كبيرة. ورغم التأثير الداخلي الكبير لعدم الرد الروسي على الخطوات التصعيدية من الولايات المتحدة، يرنو بوتين إلى أبعد من تشنجات اللحظات الأخيرة لأوباما.
ولم تستبعد مصادر روسية أن يكون قد حدث تواصل بين بوتين وترامب أسفر عن الاتفاق على تجاوز سلوك أوباما الحاد، حتى مغادرته البيت الأبيض خلال أسبوعين.
وسبق لترامب أن اتهم أوباما بالسعي إلى عرقلة عملية التسليم والتسلم بين الإدارتين.
ولا يستبعد عارفون بشؤون الإدارة الأميركية أن تكون مؤسسات “أميركا العميقة” تقف وراء قرارات أوباما استباقا لسياسة ترامب الانقلابية في شؤون العلاقة مع روسيا.
وإذا ما كانت أجهزة المخابرات الأميركية قد اتهمت موسكو بالقيام بهجمات إلكترونية “أثرت” على مآلات الانتخابات الرئاسية الأميركية، وهي بصدد التأثير على تلك الفرنسية لصالح زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبن على حد الاتهامات الأميركية، فإن موسكو ما برحت تنفي الأمر تماما.
ويعتبر مراقبون روس أن موسكو تدير أزمتها الحالية مع واشنطن ببرود مدروس، بحيث تأتي ردود الفعل الصادرة عن الكرملين ووزارة الخارجية محسوبة العبارات ودقيقة الصيغ.
وترى أوساط دبلوماسية أوروبية أن الإجراءات الأميركية تعترف بقدرة روسيا ليس على التأثير في الملفات الدولية فقط، بل بالتأثير داخل البيت الأميركي نفسه، وهو أمر تسعى موسكو إلى إثباته كدولة عظمى وجب الإقرار بنفوذها وشراكتها في قيادة العالم.
وتلحظ هذه الأوساط أن القيادة الروسية حريصة على إظهار الحزم في مسألة الرد على طرد دبلوماسييها من قبل الإدارة الحالية دون أن يؤدي الرد الروسي إلى استفزاز إدارة دونالد ترامب المقبلة.
وتعول موسكو كثيرا على التعامل مع ترامب وفريقه، خصوصا أن الدينامية الروسية في الملف السوري تنهل قوتها من إقرار ترامب لروسيا بهذا الدور ودعوته إلى تأييده.
لكن خطوات أوباما كانت مؤلمة أيضا. وانعكس ذلك في تصريحات المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا التي قالت على صفحتها على فيسبوك إن “الأشخاص الذين يقيمون في البيت الأبيض مدة ثماني سنوات ليسوا إدارة، بل إنهم مجموعة فاشلة في السياسة الخارجية، وحاقدة وضيقة الأفق، واليوم اعترف أوباما بذلك رسميا”.
العرب اللندنية