يحاول الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في الأسابيع الأخيرة من ولايته الرئاسية، ترسيخ صورةٍ محدّدةٍ قبل تسلم خلفه المنتخب، دونالد ترامب، المهام الرئاسية في 20 يناير/ كانون الثاني المقبل. صورة يفترض أنها ستشكل قوة ضغط على ترامب، بغية إيجاد المقارنات التي لا تنتهي بين كل خطوةٍ يقدم عليها الرئيس الجديد مع خطوات الرئيس المنتهية ولايته.
في الواقع، يعتبر ما يفعله أوباما، تحديدا في السياقات الخارجية، خطوة استباقية لأي تغيير داخلي سيقدم عليه ترامب. ويمكن إدراج تصعيد أوباما في ملف القضية الفلسطينية، في هذا الصدد، تحديداً لجهة طرح وزير خارجيته، جون كيري، 28 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، ستة مبادئ لما سماه “حل النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي”، ترتكز على حل الدولتين، إلى درجة تشابهها مع مبادرة السلام العربية التي أعلن عنها في مؤتمر القمة العربية في بيروت عام 2002.
عدا الإسرائيليين، فتح أوباما “جرح” الانتخابات الرئاسية الأميركية، لناحية الاختراق الروسي للتصويت الإلكتروني. أساساً مهّد أوباما لذلك، بالقول “لو أتاح لي الدستور ولاية ثالثة، لكنت فزت بها بسهولة”. قام بما يشبه انتفاضةً ضد الاستخبارات الروسية في واشنطن، يوم 29 الجاري، أدت إلى رد فعل روسي. مع العلم أنه كان في وسع الرئيس المنتهية ولايته التدخل سابقاً، لمنع تأثير موسكو في واشنطن، إن كان صحيحاً، حين بدأ الحديث عن إمكانية التدخل في أواخر الصيف الماضي.
ماذا يعني هجوم أوباما الأخير، في ملف القضية الفلسطينية والانتخابات الرئاسية الأميركية؟ يعني أن أوباما الذي تصادم مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مرات عدة، لم يتمكّن من مواجهته سابقاً، حين كان يملك الوقت والقرار، لأسباب “خارجة عن إرادته”، ففجر قنبلته قبل مغادرة البيت الأبيض، فاسحاً المجال أمام ترامب من أجل “التعويض” على الاحتلال الإسرائيلي. ذلك لأن خطوةً، مثل خطوة أوباما، قد تسمح للحكومة الإسرائيلية برفع سقوف المواجهة، سواء في زيادة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة أو في شن هجماتٍ أوسع على قطاع غزة، أو في القيام بمزيد من الاعتقالات في الضفة الغربية المحتلة. ستطرح سلطات الاحتلال فرضية أن “غياب الحماية الأميركية التي سبّبها أوباما يعني انكشاف ظهر إسرائيل أمنياً، ما يجعلها أسيرة هجمات عدة”. سمح أوباما، عن قصد أو لا، في تعزيز نظرية “الاضطهاد” التي تعتبرها السلطات الإسرائيلية أساس وجودها. ما سيؤدي حكماً إلى قيام ترامب بخطوات مضادة، بعد تسلمه مهامه في 20 يناير/ كانون الثاني، قد لا تتوقف على رفع قيمة المساعدات العسكرية والمالية لإسرائيل فحسب، بل تتعدّاها إلى مستوياتٍ تحالفية أعلى، كما تدل شخصية ترامب، القائمة على “الذهاب إلى النهاية” في كل ملف، أي على طريقة رجل أعمال يريد الاستثمار في ملفٍ ما، من دون النظر إلى احتمال الخسارة، لتمتّعه باحتياطي مريح، سياسي في هذه الحالة، وليس مالياً.
أما في الملف الروسي، فيبدو أن الثأر القديم لأوباما في مواجهة فلاديمير بوتين تحقق في الوقت الضائع. ذلك لأن ابن إيلينوي لم يقدم على خطوة جدية تجاه الروسي، لا في أوكرانيا ولا في سورية، والعقوبات الأميركية لم تكن مؤثرةً بما يكفي لتغيير المسار الحاصل. أدرك أوباما، متأخراً، أن التعاطي مع الروس لا يجب أن يكون “تقليدياً”، بل في ملعبهم: الاستخبارات. لكنه فعل ذلك أيضاً في وقت مهدور، على اعتبار أن ترامب حدّد أولوياته الخارجية القاضية بالتعاون مع روسيا، في مختلف الملفات الأساسية، من الشرق الأوسط إلى أوكرانيا. وسيسمح التصعيد “الأوبامي” لترامب بالتراخي أكثر أمام الروس. الأرجح أن أوباما حاول استباق الأمور خارجياً، لمنع ترامب من إطاحة “أوباماكير” (الرعاية الصحية)، وتوسيع نطاق استخدام الطاقة، بدلاً من الحد منها، وتحويل المسار الاقتصادي إلى الداخل أكثر منه إلى الخارج. مع ذلك، لن تكون خطوات أوباما سوى زوبعة صغيرة، تفيد الإسرائيليين والروس ولا تضرّهم، وتعزّز خيارات ترامب الخارجية.
في الواقع، يعتبر ما يفعله أوباما، تحديدا في السياقات الخارجية، خطوة استباقية لأي تغيير داخلي سيقدم عليه ترامب. ويمكن إدراج تصعيد أوباما في ملف القضية الفلسطينية، في هذا الصدد، تحديداً لجهة طرح وزير خارجيته، جون كيري، 28 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، ستة مبادئ لما سماه “حل النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي”، ترتكز على حل الدولتين، إلى درجة تشابهها مع مبادرة السلام العربية التي أعلن عنها في مؤتمر القمة العربية في بيروت عام 2002.
عدا الإسرائيليين، فتح أوباما “جرح” الانتخابات الرئاسية الأميركية، لناحية الاختراق الروسي للتصويت الإلكتروني. أساساً مهّد أوباما لذلك، بالقول “لو أتاح لي الدستور ولاية ثالثة، لكنت فزت بها بسهولة”. قام بما يشبه انتفاضةً ضد الاستخبارات الروسية في واشنطن، يوم 29 الجاري، أدت إلى رد فعل روسي. مع العلم أنه كان في وسع الرئيس المنتهية ولايته التدخل سابقاً، لمنع تأثير موسكو في واشنطن، إن كان صحيحاً، حين بدأ الحديث عن إمكانية التدخل في أواخر الصيف الماضي.
ماذا يعني هجوم أوباما الأخير، في ملف القضية الفلسطينية والانتخابات الرئاسية الأميركية؟ يعني أن أوباما الذي تصادم مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مرات عدة، لم يتمكّن من مواجهته سابقاً، حين كان يملك الوقت والقرار، لأسباب “خارجة عن إرادته”، ففجر قنبلته قبل مغادرة البيت الأبيض، فاسحاً المجال أمام ترامب من أجل “التعويض” على الاحتلال الإسرائيلي. ذلك لأن خطوةً، مثل خطوة أوباما، قد تسمح للحكومة الإسرائيلية برفع سقوف المواجهة، سواء في زيادة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة أو في شن هجماتٍ أوسع على قطاع غزة، أو في القيام بمزيد من الاعتقالات في الضفة الغربية المحتلة. ستطرح سلطات الاحتلال فرضية أن “غياب الحماية الأميركية التي سبّبها أوباما يعني انكشاف ظهر إسرائيل أمنياً، ما يجعلها أسيرة هجمات عدة”. سمح أوباما، عن قصد أو لا، في تعزيز نظرية “الاضطهاد” التي تعتبرها السلطات الإسرائيلية أساس وجودها. ما سيؤدي حكماً إلى قيام ترامب بخطوات مضادة، بعد تسلمه مهامه في 20 يناير/ كانون الثاني، قد لا تتوقف على رفع قيمة المساعدات العسكرية والمالية لإسرائيل فحسب، بل تتعدّاها إلى مستوياتٍ تحالفية أعلى، كما تدل شخصية ترامب، القائمة على “الذهاب إلى النهاية” في كل ملف، أي على طريقة رجل أعمال يريد الاستثمار في ملفٍ ما، من دون النظر إلى احتمال الخسارة، لتمتّعه باحتياطي مريح، سياسي في هذه الحالة، وليس مالياً.
أما في الملف الروسي، فيبدو أن الثأر القديم لأوباما في مواجهة فلاديمير بوتين تحقق في الوقت الضائع. ذلك لأن ابن إيلينوي لم يقدم على خطوة جدية تجاه الروسي، لا في أوكرانيا ولا في سورية، والعقوبات الأميركية لم تكن مؤثرةً بما يكفي لتغيير المسار الحاصل. أدرك أوباما، متأخراً، أن التعاطي مع الروس لا يجب أن يكون “تقليدياً”، بل في ملعبهم: الاستخبارات. لكنه فعل ذلك أيضاً في وقت مهدور، على اعتبار أن ترامب حدّد أولوياته الخارجية القاضية بالتعاون مع روسيا، في مختلف الملفات الأساسية، من الشرق الأوسط إلى أوكرانيا. وسيسمح التصعيد “الأوبامي” لترامب بالتراخي أكثر أمام الروس. الأرجح أن أوباما حاول استباق الأمور خارجياً، لمنع ترامب من إطاحة “أوباماكير” (الرعاية الصحية)، وتوسيع نطاق استخدام الطاقة، بدلاً من الحد منها، وتحويل المسار الاقتصادي إلى الداخل أكثر منه إلى الخارج. مع ذلك، لن تكون خطوات أوباما سوى زوبعة صغيرة، تفيد الإسرائيليين والروس ولا تضرّهم، وتعزّز خيارات ترامب الخارجية.
بيار عقيقي
صحيفة العربي الجديد