لندن – أكدت مصادر مالية خليجية أن السعودية تستعد لطرح إصدارات واسعة من السندات الإسلامية (الصكوك) لتمويل عدد من المشاريع الاستراتيجية الكبرى، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل العام بعيدا عن قطاع النفط.
ورجحت مصادر مالية أن تحظى الإصدارات بإقبال واسع من المؤسسات والأفراد في دول الخليج، إضافة إلى أسواق عالمية أخرى. ولم تذكر صحيفة فايننشال تايمز البريطانية حجم الإصدار المتوقع، لكن مصرفيين رجحوا أن يكون كبيرا.
وأكدت المصادر أن الرياض تشجعت بسبب نجاح أكبر إصدار سيادي للسندات الدولية من قبل دولة ناشئة في الأسواق العالمية، حين جمعت في العام الماضي 17.5 مليار دولار. وحظيت بشهادة ثقة عالمية حين فاق الإقبال 4 أضاف قيمة السندات المطروحة، ليصل إلى نحو 67 مليار دولار.
وتتمتع السعودية بنسبة ديون منخفضة جدا مقارنة بمتوسط ديون الدول في العالم، حيث تصل ديونها إلى نحو 84.4 مليار دولار، أي ما يعادل نحو 12.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي فقط.
وقال متعامل في أدوات الدين في لندن إن “الكثير من صناديق التحوط سجلت مراهنات مضاربة على أن السعودية ستضطر إلى فك ربط الريال بالدولار”. وأكد أن الطلب الهائل الذي اجتذبه الإصدار دفع المضاربين إلى تقليص رهاناتهم أو التخلي عنها كلية.
محمد الجدعان: ندرس طرح صكوك محلية للمواطنين لكن لم نحدد وقتا للطرح
ورجحت مصادر خليجية أن تصدر السعودية سندات إسلامية في السوق المالية المحلية أيضا، مستندة إلى تصريحات مسؤول في وزارة المالية السعودية.
وأكد محمد الجدعان وزير المالية السعودي مؤخرا “أن طرح صكوك (سندات إسلامية) محلية يكتتب فيها المواطنون، تحت الدراسة حاليا، دون تحديد وقت معين للطرح”. وأضاف الوزير أنه يمكن استخدام تلك السندات لتمويل المشاريع الحكومية.
وأشار إلى أن الصكوك الصادرة لتمويل المشاريع الحكومية أقل مخاطر من الصكوك غير الحكومية، لذلك أرباحها غالبا أقل، ولذلك تنخفض عوائدها، لأن القاعدة الاستثمارية تؤكد أن نسبة الربح تزيد بزيادة مخاطر الاستثمار.
وقال الأمين العام للجنة المالية في الديوان الملكي السعودي محمد التويجري في ديسمبر الماضي، إن بلاده تُخطط لطرح إصدار سندات دولية تتراوح بين 10 و15 مليار دولار خلال عام 2017.
وأعلنت السعودية عن موازنة 2017 بإجمالي نفقات تبلغ 237.3 مليار دولار، وتتوقع عجزا مقدرا بقيمة 52.8 مليار دولار.
ويذكر أن جزءا كبيرا من الطلب على السندات السعودية في الإصدار الأول يعود إلى نزول أسعار الفائدة العالمية إلى مستويات شديدة الانخفاض وإلى جبال الأموال الخاملة.
وفي العام الماضي، حذر صندوق النقد الدولي من أن الدول المصدرة للنفط في الخليج بما فيها السعودية تواجه مخاطر لا يستهان بها.
لكن إصدار السندات الأول عاد بالنفع على السعودية، من خلال تخفيف الضغوط على الموازنة، وفتح الباب أمام إصدار سيادي آخر في الشهر المقبل، وستعطي السندات الفرصة لتخفيف ضغوط المراهنات على خفض قيمة الريال.
كما تتيح السندات للسعودية إبطاء وتيرة السحب من أصولها الأجنبية لسداد التزاماتها، وهو جوهر ضغوط المضاربة على الريال.
وترجح مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري، تباطؤ عملية السحب الشهري لتصل إلى متوسط ما بين 3 و3.5 مليار دولار شهريا في عام 2017 مقارنة مع 6.8 مليار دولار شهريا في عام 2016.
بشار ناطور: تراجع أسعار النفط جعل تنويع موارد الاقتصاد ضرورة حتمية
وهبطت تكلفة التأمين على ديون السعودية لخمس سنوات بواقع واحد بالمئة لتصل إلى 1.32 بالمئة، ما يعني احتمالا بنسبة 9 بالمئة لحدوث تخلف سيادي عن سداد الديون خلال السنوات الخمس المقبلة. وتحسنت معنويات أسواق السندات في شتى أنحاء المنطقة الخليجية.
وذكرت صحيفة فايننشال تايمز أن كلا من بنك أتش.أس.بي.سي وسيتي بنك وجيه.بي مورغن، مرشحة لاختيارها لتنظيم الإصدار المزمع للسندات الإسلامية السعودية.
وقال رئيس التمويل الإسلامي في وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، بشار ناطور، إن “تدهور أسعار النفط العالمية جعل من تنويع موارد الاقتصاد في السعودية ضرورة ملحة”.
وأضاف أن “انخفاض أسعار النفط أدى إلى تآكل مدخرات الحكومة في البنوك، مما جعل البلد منفتحا على فكرة الاقتراض والبحث عن مصادر متنوعة للتمويل”.
وأكدت وكالة فيتش أن دول الخليج اتجهت إلى أسواق رأس المال في أعقاب هبوط أسعار النفط، ومن المرجح زيادة إصدار السندات الإسلامية.
وترى الوكالة أن سوق السندات الإسلامية في نمو متواصل، لأن فرص الاقتراض المرغوبة في المنطقة العربية تقتصر بالدرجة الأولى على السندات المتوافقة مع معايير الشريعة التي تحرم سعر الفائدة.
وأشارت إلى أن كون السعودية أكبر منتج للنفط في العالم، جعلها أكثر المتضررين من انخفاض أسعار النفط، ما أدى إلى ترشيد الإنفاق لأول مرة في تاريخ البلاد وزيادة الاقتراض ووضع خطط لأكبر طرح عام في العالم لشركة أرامكو السعودية للمساعدة في إدارة العجز
العرب اللندنية