أوبك+ تترك للنفط الصخري قيادة استثمارات التنقيب

أوبك+ تترك للنفط الصخري قيادة استثمارات التنقيب

فسحت سياسية أوبك+ بشأن إنتاج النفط الطريق أمام قيادة منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة استثمارات التنقيب والإنتاج، حيث من المتوقع أن يستحوذوا على معظم الأنشطة خلال العام الجاري، وربما يقوضون أهداف التحالف بشأن المحافظة على الأسعار مرتفعة.

لندن – رجح محللو ريستاد إنيرجي في تقرير صدر هذا الأسبوع أن صناعة التنقيب والإنتاج العالمية قد تشهد صفقات بقيمة 150 مليار دولار أخرى خلال الفترة المتبقية من هذا العام، مع تحول التركيز إلى الصخر الزيتي في الولايات المتحدة بخلاف حوض بيرميان.

ويؤكد هذا التقييم مدى قدرة أوبك+ على جعل إستراتيجيتها تحقق أهدافها من خلال تخفيضات الإنتاج والتي تصطدم بالفعل بصحوة النفط الصخري، الذي يعمل على إحلال التوازن في الأسواق العالمية في معركة يبدو أنها ستستمر لفترة من الوقت.

وأعادت ثورة النفط الصخري تشكيل أسواق الطاقة العالمية منذ أن كانت طفرته واحدة من أكثر قصص النمو المدهشة، منذ انطلاقها في 2008 إلى سرقة حوض بيرميان صفة أكبر حقل نفط منتج في العالم من حقل الغَوَّار في السعودية قبل 11 عاما.

وتجاوزت أنشطة الاندماج والاستحواذ في صناعة التنقيب والإنتاج حول العالم بالفعل حوالي 64 مليار دولار منذ بداية العام الحالي، وتركز معظمها حول رقعة الصخر الزيتي في الولايات المتحدة.

وأشار التقرير إلى أن نشاط الاندماج والاستحواذ في الربع الأول في أميركا الشمالية بلغ ما يقرب من 54 مليار دولار، أو 83 في المئة، من الإجمالي العالمي، ومن المتوقع أن تكون المنطقة القوة الدافعة للاندماج لبقية العام.

وكان حوض بيرميان، الذي يمتد عبر غرب تكساس وجنوب شرق ولاية نيو مكسيكو الأميركية، هو محور معظم الصفقات هذا العام، حيث تتنافس الشركات للحصول على الأصول الموجودة في المنطقة.

ومن المقرر أيضا أن تجذب عمليات النفط الصخري الأخرى في الولايات المتحدة استثمارات كبيرة، مع وجود فرص غير بيرميان بقيمة 41 مليار دولار في السوق، وفقا للتقرير، مثل البيع المحتمل لمحفظة باكين التابعة لشركة إكسون موبيل في داكوتا الشمالية.

وعلى الصعيد العالمي، زاد عقد الصفقات في هذا القطاع بنسبة 145 في المئة على أساس سنوي في الربع الأول من هذا العام إلى 64 مليار دولار، وكان الأعلى منذ عام 2019، وفقا للتقرير.

وخارج الولايات المتحدة، ظل عقد الصفقات قويا في الفترة بين يناير ومارس الماضيين، حيث تم تداول 10.5 مليار دولار، بزيادة قدرها 5 في المئة على أساس سنوي.

ويمثل الطلب على الموارد المنتجة للغاز نحو 66 في المئة من إجمالي الأصول المنتجة للنفط والغاز المشتراة والمباعة، بحسب التقرير الذي أوردته رويترز.

وقال أتول راينا، نائب رئيس أبحاث المنبع في ريستاد إنيرجي إنه “مع استمرار قوة الشهية، يتطلع اللاعبون المتعطشون للصفقات إلى عمليات استحواذ خارج حوض (الحوض البرمي)”.

وأضاف “قد يكون هناك تحول في السلطة، مع احتلال الأصول غير المتعلقة بالحوض البرمي مركز الصدارة في خط أنابيب الصفقات المستقبلية في أميركا الشمالية”.

ويقدر إنتاج الولايات المتحدة من النفط بأكثر من 13.5 مليون برميل يوميا هذا العام، وذلك عما كان يمكن أن يكون دون الحفر الأفقي والتكسير الهيدروليكي.

◙ 11.1 تريليون دولار حجم الاستثمارات التي يحتاجها قطاع التنقيب والاستخراج بحلول 2045

وارتفع الإنتاج الأميركي من الخام بنسبة 9 في المئة على أساس سنوي العام الماضي، مقوّضا بذلك جهود منظمة الدول المنتجة للبترول (أوبك) التي تحاول الحفاظ على الإمدادات منخفضة للتأثير على الأسعار.

وحين أعلنت أوبك+ تخفيضات تصل إلى 6 في المئة من إنتاج 2022، قدرت ريستاد إنيرجي أن الإمدادات من خارج الكارتل عوّضت ثلثي تلك التخفيضات، وساهمت الولايات المتحدة في ذلك بالنصف.

ويحتاج قطاع التنقيب والاستخراج استثمارات تقدر بنحو 11.1 تريليون دولار وقطاع التكرير والتصنيع حوالي 1.7 تريليون دولار، فيما يتطلب قطاع النقل والتسويق تخصيص استثمارات بنحو 1.2 تريليون دولار وذلك بحلول عام 2045.

وأعلن تحالف أوبك+، بقيادة السعودية وروسيا، تخفيضات جديدة في الإنتاج بداية عام 2024 في محاولة لدرء فائض النفط العالمي ودعم الأسعار.

وقد أتى تدخلهم بثماره، حيث دعم العقود الآجلة لخام برنت بالقرب من 90 دولارا للبرميل على الرغم من المخاوف بشأن النمو الاقتصادي لدى المستهلكين الرئيسيين.

وترى أوبك أن الهدف الأبعد لاتفاق أوبك+ من الحفاظ على استقرار السوق هو تشجيع الاستثمار في الصناعة النفطية الذي لا يتحقق إلا بوجوده.

ولطالما أكدت المنظمة أن تخصيص المزيد من الاستثمارات في صناعة النفط من شأنها أن تسهم في تعزيز استدامة قطاع الطاقة العالمي، وتأمين إمدادات كافية وموثوقة للعالم أجمع وضمان إمدادات آمنة لأجيال المستقبل.

وأكد هيثم الغيص الأمين العام للمنظمة في مقابلة مع بلومبيرغ الشرق أنه ليس فقط دول أوبك تتحدث عن أهمية الاستثمار بجميع أنواع الطاقة، واصفا سيناريو وكالة الطاقة الدولية باستغناء العالم عن النفط بأنه “خيالي”.

وأوضح على هامش الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي، الذي عقد على مدى يومين في العاصمة السعودية الرياض هذا الأسبوع أن أوبك لديها حوار مع الدول المنتجة للنفط من خارج المنظمة للحفاظ على استقرار الأسواق.

وقال إن “العالم في ظل نمو اقتصادي وسكاني مستمر، يحتاج إلى كافة أنواع الطاقة بالتوازي مع خفض الانبعاثات، وهناك الكثير من الحلول التكنولوجية القادرة على تحقيق ذلك”.

وتعتقد أوبك أن استخدام النفط سيستمر في الارتفاع في العقود المقبلة، على عكس هيئات مثل وكالة الطاقة الدولية التي تتوقع أن يبلغ ذروته بحلول عام 2030.

وفي مقال نشره موقع المسح الاقتصادي للشرق الأوسط (ميس) قال الغيص إن “نهاية النفط لا تلوح في الأفق لأن وتيرة نمو الطلب تعني أن البدائل لا يمكنها أن تحل محله بالمعدل المطلوب، وإن التركيز يجب أن ينصب على خفض الانبعاثات وليس استهلاك النفط”.

وشكل العام 2022 نقطة فاصلة للمنتجين في أعقاب اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا حيث وصل سعر البرميل إلى 140 دولارا قبل أن يستقر لفترة عند المئة دولار ما جعل أعضاء أوبك+ يحققون إيرادات كبيرة.

العرب