دافوس (سويسرا) – أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ، أمس، أمام منتدى دافوس أن “لا أحد سيخرج منتصرا من حرب تجارية”، في تحذير واضح للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الذي وعد بفرض قيود جمركية تستهدف الصادرات الصينية.
وألقى جين بينغ خطابه أمام نخبة اقتصادية تواجه ريبة متزايدة من الشعوب الغربية وعداء متصاعدا للانفتاح على التبادل الحر، خلال المنتدى الاقتصادي العالمي الذي يعقد في المنتجع السويسري.
وقال أمام نحو ثلاثة آلاف من قادة العالم الاقتصاديين والسياسيين المجتمعين في منتجع التزلج، الذي تحول إلى موقع محصن حتى انتهاء المنتدى الجمعة في دافوس، “يجب أن نبقى متمسكين بتطوير التبادل الحر والاستثمارات خارج الحدود الوطنية وأن نقول لا للحمائية”.
ودعا الرئيس الصيني إلى “إعادة توازن” في العولمة لجعلها “أقوى وأكثر شمولية واستدامة”. وقال “لا يفيد أحدا إلقاء المسؤولية على العولمة” في كل مشكلات العالم، مؤكدا أن بلاده ليست لديها نية لتعزيز التجارة عن طريق تخفيض قيمة عملتها.
شي جينبينغ: يجب أن نبقى متمسكين بتطوير التبادل الحر وأن نقول لا للحمائية
وتطرق رئيس الصين إلى اتفاق باريس لحماية المناخ، مؤكدا أنه اتفاق صعب المنال وعلى جميع الموقعين أن يتشبثوا به بدل التخلي عنه، في إشارة إلى انتقاد ترامب للاتفاق.
وكان ترامب قد انتقد الصين مرارا خلال حملته الانتخابية، واتهمها بالاستفادة من الروابط الاقتصادية مع بلاده دون أن تكبح جماحها، كما هدد بتطبيق إجراءات حمائية ضد الواردات من الصين والمكسيك.
وقال ترامب، الذي سيتولى منصبه رسميا الجمعة في إحدى المناسبات، “تأخذ الصين قدرا هائلا من المال والثروة من الولايات المتحدة بتجارة أحادية الجانب”.
وألمحت الصين إلى أنها لا ترغب في حرب تجارية مع الولايات المتحدة خاصة عقب تعيين الرئيس الأميركي المنتخب، لروبرت لايتيزر في منصب الممثل التجاري الأميركي، وهو المعروف بمواقفه المتشددة من العلاقات التجارية مع الصين.
وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية غنغشوانغ مطلع هذا الشهر إنه “من حيث المشكلات القائمة في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة، يتعين على الجانبين إيجاد حلول مناسبة على أساس من الاحترام المتبادل والمعاملة المتساوية”.
وينعقد المنتدى هذا العام في ظل أجواء من الضبابية ومخاوف من تهديدات كبرى للاقتصاد العالمي، من بينها سياسات الحمائية التي لوّح بها ترامب والخروج الصعب لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي ومخاطر تباطؤ الاقتصاد في الصين، والاضطرابات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، فضلا عن اتفاقية أوبك لتخفيض إنتاج النفط والتي يشكك البعض في نجاحها.
وحاول أنتوني سكاراموتشي، مستشار الرئيس الأميركي المنتخب، التخفيف من مواقف ترامب تجاه بكين، وذلك تعليقا على تحذيرات الرئيس الصيني من وقوع صراع تجاري.
أنتوني سكاراموتشي: لا نريد خوض حرب تجارية، ولكننا نطلب من الصين التواصل مع أميركا
وقال في مداخلة له بالمنتدى إن “الإدارة الأميركية الجديدة لا تسعى للصراع مع الصين، ولكن تريد أن تحقق الولايات المتحدة المزيد من الأرباح من خلال علاقاتها التجارية مع الدولة الآسيوية العملاقة”.
وأضاف “الولايات المتحدة ممثلة في الإدارة الجديدة لا تريد خوض حرب تجارية، ولكنها تطلب من الصين التواصل مع أميركا للتوصل إلى تفاهم مفيد للطرفين”.
وأوضح أن الاتفاقات التجارية الأميركية مع عدد كبير من الدول، أدت إلى شطب وظائف كثيرة في القطاع الصناعة الأميركي وتآكل الطبقة المتوسطة.
وفي خضم هذا الصراع، كشفت الحكومة الصينية بالتزامن مع انعقاد المنتدى الاقتصادي العالمي، النقاب عن خطة جديدة لفتح أبواب ثاني أكبر اقتصاد في العالم أمام الاستثمار الأجنبي، بما في ذلك تخفيف القيود على الاستثمار في البنوك والمؤسسات المالية الأخرى.
وقال المجلس الصيني في بيان على موقعه الإلكتروني إن “الصين ستقلص القيود على الاستثمار الأجنبي في البنوك والأوراق المالية وإدارة الاستثمارات والعقود الآجلة والتأمين والتصنيف الائتماني وقطاعات المحاسبة”.
ولم يفصح المجلس عن تفاصيل أخرى كما لم يتم الإعلان عن الإطار الزمني لتطبيق هذه القرارات. وكان المجلس المعني بالتخطيط الحكومي قد أشار في نهاية العام الماضي إلى أن الحكومة ستتخذ تدابير لتخفيف القيود على الاستثمار الأجنبي في قطاعات بعينها.
وتأتي تلك التدابير في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الصيني إلى تقديم بلاده كدولة رائدة على مستوى العالم في مكافحة الحماية التجارية والدفاع عن العولمة.
وأشار مجلس الدولة إلى أن شركات الاستثمار الأجنبية سوف يُسمح لها بالإدراج في بورصتي شنغهاي وتشنزن وبورصات أخرى. كما سيجري السماح لشركات الاستثمار الأجنبية بإصدار أدوات دين متنوعة في الصين بما في ذلك سندات الشركات والسندات القابلة للتحويل.
وتقول بكين إن التدابير الجديدة تهدف إلى إيجاد بيئة عادلة وتنافسية تضع الشركات المحلية والأجنبية على قدم المساواة.
العرب اللندنية