لا نُنكر أبداً حجم المخاطر السلبية التي أصابت الجغرافيا السورية، وتأثيرها المُدوي على الجميع، بدءاً من التحولات الدولية، وصولاً إلى سعة الهوة بين أبناء الشعب الواحد.
مرّت الثورة السورية بعدةٍ مراحل، ودخلت في منعطفات خطِرة أدت إلى زيادة التعقيدات، بسبب غياب التنظيم الشعبي والحشد الجماهيري الواعي، ولكن هذا لا يعني أبداً أنّ الانكسارات الكثيرة ستقودنا إلى تقديم صك استسلام للأطراف المعادية لنا، كما نرى اليوم من بعض المتسلّقين والمهرولين للعودة إلى حضن الوطن.
مؤتمر أستانة المزمع عقدُه في 23 من يناير/ كانون الثاني الحالي هو نتيجة عجز المجتمع الدولي المتقاعس عن إيجاد أيّ حل للصراع السوري المستمر منذ ستة أعوام، فعهد الرئيس الأميركي، باراك أوباما، كان مليئاً بالمطبّات السياسية التي أغرقت واستنزفت جميع الأطراف المنخرطة بشكل مباشر أو بالوكالة في الميدان السوري، ما يُرّجح لبعضهم أنّ مؤتمر أستانة قد يأتي حاجة وضرورة لعزل المصالح المتضاربة بين اللاعبين، وفي مقدمتهم روسيا وإيران وتركيا.
كما أنّ المناخ السياسي للملف السوري تغيّر بعد التقارب التركي الروسي الذي حقّق مرونة دينامكية في إنهاء ملف حلب الشرقية، وتحقيق تقدّم دبلوماسي للبلدين في إيجاد ثنائية مشتركة تمضي قدماً لتحقيق المصالح المشتركة، مع التنويه بأنّ المعارضة السياسية والعسكرية لم توجِد حلولاً بديلة عن التي أفضت إلى تسليم زمام الأمور لأوامر الحلفاء الداعمين، فكان أجدر لهم أن يُعيدوا ترتيب صفوفهم بعد حلب، ليقدّموا نموذجاً متحرّكاً في المحتوى، بدلاً من الطرق القديمة الثابتة في السلوك على مدار أعوام مضت.
يحق لنا أن نسأل: لماذا التطوّر الحاصل محصور بالدول التي تتحكم بقواعد اللعبة السورية؟ وإلى متى سيبقى السوريون مجرّد أداوتٍ متحرّكةٍ بما يتناسب مع مصالح اللاعبين وأجنداتهم؟ ففي ظلّ التراجع السلبي للمعارضة الثابتة، والتشتت والفرقة المؤكدة في الفصائل العسكرية المُحتكمة لطبيعة سياسات غربية، نقول لهم: سلوككم لا يناسب ثوابت الثورة السورية، ولنا أن نوّجه كلّ الأسئلة للقادة السياسيين والعسكريين الذاهبين إلى أستانة لحضور مؤتمر حجبت عنهم أجنداته وجدول أعماله ومدّته الزمنية وماهيته، ولم يُعرف منه إلا الموافقة على الذهاب من غير شروط مسبقة، ليكون السؤال: لماذا أنتم ذاهبون؟ وأليس المفاوضات تحتاج إلى امتلاك أوراق قوة تفاوضون بها، وتجبرون خصومكم على تنازلات قليلة، أم أنّ التنازلات أصبحت تقدّم من طرف واحد؟
وقف النار ارتفع عما كان عليه قبل الهدنة، بسبب الخروق المستمرة من معارضي أيّ حوار أو تسوية أو مفاوضات، من المحتمل أنّها قد تُقصي مصالحهم في سورية، ونتكلم هنا عن إيران المنزعجة من التقارب الروسي التركي، فالهدف الإيراني تنفيذ الهلال الشيعي، وهو ما يختلف عن المصالح الروسية، فاجتياح إيران وادي بردي بخليط من المليشيات وغضّ الطرف الروسي لها، ما هو إلا رسائل سياسية موجهة لمن يهمه الأمر.
يعلم كثيرون منا أنّ نقاط التفاهم بين روسيا وإيران في الوقت الحالي أكبر بكثير من نقاط الخلاف، فروسيا تعلم جيداً أنه لولا المليشيات الإيرانية لما أجهزت على حلب. ولكن، في منظور المستقبل البعيد من المرّجح أن تتغيّر المعادلة، لتطفو نقاط الخلاف على نقاط التفاهم، واليوم تقود جميع المؤشرات إلى الاستمرار في الحسم العسكري.
الخشية من أستانة أن تكون كاتفاق أوسلو الفلسطيني تنسف تضحيات ست سنوات بسبب المعارضات التي قبلت الذهاب من غير شروط مسبقة، فهم سيذهبون بالتوازي مع خروق على مدار الساعة للهدنة المذلة؟ الطريق إلى أستانة مجهول وغير سالك، ومهما كانت نتائج المؤتمر، فالمؤكد أنّها لن تُقبل ولن تطبّق على الأرض، إلا بما يتناسب مع حجم التضحيات لشعب لا يزال يتطلع إلى الشرفاء المدافعين عن الأوطان والحرية والكرامة والعار، وكلّ العار لمن خان وضحّى بالدماء الطاهرة من أجل مناصب مستقبلية زائلة.
مرّت الثورة السورية بعدةٍ مراحل، ودخلت في منعطفات خطِرة أدت إلى زيادة التعقيدات، بسبب غياب التنظيم الشعبي والحشد الجماهيري الواعي، ولكن هذا لا يعني أبداً أنّ الانكسارات الكثيرة ستقودنا إلى تقديم صك استسلام للأطراف المعادية لنا، كما نرى اليوم من بعض المتسلّقين والمهرولين للعودة إلى حضن الوطن.
مؤتمر أستانة المزمع عقدُه في 23 من يناير/ كانون الثاني الحالي هو نتيجة عجز المجتمع الدولي المتقاعس عن إيجاد أيّ حل للصراع السوري المستمر منذ ستة أعوام، فعهد الرئيس الأميركي، باراك أوباما، كان مليئاً بالمطبّات السياسية التي أغرقت واستنزفت جميع الأطراف المنخرطة بشكل مباشر أو بالوكالة في الميدان السوري، ما يُرّجح لبعضهم أنّ مؤتمر أستانة قد يأتي حاجة وضرورة لعزل المصالح المتضاربة بين اللاعبين، وفي مقدمتهم روسيا وإيران وتركيا.
كما أنّ المناخ السياسي للملف السوري تغيّر بعد التقارب التركي الروسي الذي حقّق مرونة دينامكية في إنهاء ملف حلب الشرقية، وتحقيق تقدّم دبلوماسي للبلدين في إيجاد ثنائية مشتركة تمضي قدماً لتحقيق المصالح المشتركة، مع التنويه بأنّ المعارضة السياسية والعسكرية لم توجِد حلولاً بديلة عن التي أفضت إلى تسليم زمام الأمور لأوامر الحلفاء الداعمين، فكان أجدر لهم أن يُعيدوا ترتيب صفوفهم بعد حلب، ليقدّموا نموذجاً متحرّكاً في المحتوى، بدلاً من الطرق القديمة الثابتة في السلوك على مدار أعوام مضت.
يحق لنا أن نسأل: لماذا التطوّر الحاصل محصور بالدول التي تتحكم بقواعد اللعبة السورية؟ وإلى متى سيبقى السوريون مجرّد أداوتٍ متحرّكةٍ بما يتناسب مع مصالح اللاعبين وأجنداتهم؟ ففي ظلّ التراجع السلبي للمعارضة الثابتة، والتشتت والفرقة المؤكدة في الفصائل العسكرية المُحتكمة لطبيعة سياسات غربية، نقول لهم: سلوككم لا يناسب ثوابت الثورة السورية، ولنا أن نوّجه كلّ الأسئلة للقادة السياسيين والعسكريين الذاهبين إلى أستانة لحضور مؤتمر حجبت عنهم أجنداته وجدول أعماله ومدّته الزمنية وماهيته، ولم يُعرف منه إلا الموافقة على الذهاب من غير شروط مسبقة، ليكون السؤال: لماذا أنتم ذاهبون؟ وأليس المفاوضات تحتاج إلى امتلاك أوراق قوة تفاوضون بها، وتجبرون خصومكم على تنازلات قليلة، أم أنّ التنازلات أصبحت تقدّم من طرف واحد؟
وقف النار ارتفع عما كان عليه قبل الهدنة، بسبب الخروق المستمرة من معارضي أيّ حوار أو تسوية أو مفاوضات، من المحتمل أنّها قد تُقصي مصالحهم في سورية، ونتكلم هنا عن إيران المنزعجة من التقارب الروسي التركي، فالهدف الإيراني تنفيذ الهلال الشيعي، وهو ما يختلف عن المصالح الروسية، فاجتياح إيران وادي بردي بخليط من المليشيات وغضّ الطرف الروسي لها، ما هو إلا رسائل سياسية موجهة لمن يهمه الأمر.
يعلم كثيرون منا أنّ نقاط التفاهم بين روسيا وإيران في الوقت الحالي أكبر بكثير من نقاط الخلاف، فروسيا تعلم جيداً أنه لولا المليشيات الإيرانية لما أجهزت على حلب. ولكن، في منظور المستقبل البعيد من المرّجح أن تتغيّر المعادلة، لتطفو نقاط الخلاف على نقاط التفاهم، واليوم تقود جميع المؤشرات إلى الاستمرار في الحسم العسكري.
الخشية من أستانة أن تكون كاتفاق أوسلو الفلسطيني تنسف تضحيات ست سنوات بسبب المعارضات التي قبلت الذهاب من غير شروط مسبقة، فهم سيذهبون بالتوازي مع خروق على مدار الساعة للهدنة المذلة؟ الطريق إلى أستانة مجهول وغير سالك، ومهما كانت نتائج المؤتمر، فالمؤكد أنّها لن تُقبل ولن تطبّق على الأرض، إلا بما يتناسب مع حجم التضحيات لشعب لا يزال يتطلع إلى الشرفاء المدافعين عن الأوطان والحرية والكرامة والعار، وكلّ العار لمن خان وضحّى بالدماء الطاهرة من أجل مناصب مستقبلية زائلة.
يمان دابقي
صحيفة العربي الجديد