تسعى كتل الجناح اليميني داخل التحالف الوطني الحاكم في العراق، والمعروفة بـ“الجناح الموالي لطهران“، إلى إزاحة رئيس إقليم كردستان، مسعود البرزاني، عن سدة الحكم، من خلال سلسلة ضغوطات بدأت منذ نحو أربع سنوات، إبان حكومة رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي.
وتعتبر الكتل السياسية الموالية لإيران، مدعومة من مليشيات “الحشد الشعبي“، والتي تربطها علاقة جيدة مع “الاتحاد الوطني” بزعامة جلال طالباني، أنّ بقاء البرزاني على رأس هرم السلطة في الإقليم، نوع من “التهديد السياسي لها، بسبب مواقف الأخير من حكومة بغداد، ومعارضته سياسة التهميش والإقصاء الطائفي“، وما يسميه البرزاني بـ“الارتماء في أحضان إيران“.
وقد أثارت أخيراً تصريحات للبرزاني حول رغبته ببقاء وجود عسكري أميركي دائم في الإقليم، حفيظة كتل سياسية في التحالف، بالإضافة إلى مليشيات “الحشد الشعبي”.
ومع تصاعد الخلاف بين التحالف الوطني و“الحزب الديمقراطي“، يتساءل مراقبون عن مدى استمرار التحالف بين الأكراد وهذه الكتل، مع بروز إمكانية أن يتجه التحالف الكردستاني للتحالف مع الكتل السنية والمدنية والمسيحية، لتشكيل الكتلة الكبرى في البرلمان.
ويرجّح البعض أن يستمر التحالف، لكن ليس على صيغته الحالية، بل من خلال تحالف كردي كامل مع كتل وأحزاب بعينها داخل التحالف الوطني، ليس من بينها كتل المالكي و“الفضيلة” و“بدر“، وغيرها من الكتل المحسوبة على إيران.
وفي هذا السياق، طالب القيادي في التحالف الوطني، إسكندر وتوت، بإزاحة مسعود البرزاني عن سدة حكم الإقليم، معتبراً بقاءه “خطراً على العراق“.
وقال إسكندر وتوت، وهو عضو بلجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، إن “صلاحية رئيس الوزراء تسمح بإقالة البرزاني، وتعيين شخصية جديدة لإدارة الإقليم“، مضيفا أن “البرزاني يتعمد التقرب من الدول المعادية للعراق بهدف تحقيق مساعيه، إضافة لتسخير قدرات كردستان شعباً وحكومة لمصلحته الشخصية“.
وأشار المتحدث ذاته، بحديثه لـ“العربي الجديد“، إلى أن “القوات العراقية تمتلك منظومة أمنية كبيرة، وهي قادرة على حماية أراضيها من التهديدات الخارجية، بسبب قدراتها العسكرية التي تتمتع بها، إضافة للحرب على تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) التي أضفت مزيداً من الخبرات القتالية للقطعات الأمنية العراقية“. كما حذّر من “تقارب البرزاني مع الإدارة العسكرية الأميركية، في ظل الحرب على الإرهاب التي تعيشها البلاد“، داعياً رئيس الوزراء إلى “اتخاذ موقفٍ حازم إزاء تجاوزات رئيس إقليم كردستان“.
بدوره، اتهم “ائتلاف دولة القانون“، الذي يقوده نوري المالكي، رئيس إقليم كردستان بـ“محاولة تهيئة الأرضية المناسبة للانفصال عن العراق، من خلال خلق الأزمات المفتعلة“.
وأكد عضو الائتلاف، محمد العكيلي، في تصريح لـ“العربي الجديد“، أن ائتلافه لن يسمح بالانفصال، خصوصاً أن “البرزاني ومن معه من أعضاء حزبه يجهدون أنفسهم من وقت لآخر بخلق الأزمات أو التجاوز على الدستور والقانون، بغية إيجاد الأعذار للتحدث عن الانفصال أو التظاهر بالاضطهاد والتهميش من الحكومة المركزية“. وبيّن أنّ “ائتلاف دولة القانون” سيكون له إجراء أكثر قوة للدفاع عن العراق وشعبه، بعيداً عن التعصب القومي والمذهبي لبعض المحسوبين على العملية السياسية“، بحسب تعبيره.
في المقابل، أكد نواب عن “الحزب الديمقراطي” الكردستاني، الذي يتزعمه البرزاني، أن مطالبات إزاحة البرزاني “غير قانونية وغير دستورية“، مطالبين، في الوقت ذاته، بـ“الكف عن مثل هذه التصريحات، التي من شأنها تأزيم الأمور بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم“. واعتبروا أن “الوقت الحالي يحتاج إلى توحيد الرؤى والمواقف بين الجميع“.
وكانت حكومة كردستان قد وقعت اتفاقية مع الولايات المتحدة الأميركية في 12 من يوليو/تموز 2016، تقضي بتقديم أميركا دعماً لقوات البشمركة في الحرب على “داعش”، فضلا عن إنشاء خمس قواعد عسكرية أميركية في الإقليم، بحيث تنشأ قاعدة في قضاء سنجار، وأخرى في منطقة أتروش، وثالثة في منطقة الحرير، فيما سيتم إنشاء قاعدتين كبيرتين في أربيل ودهوك، مقابل تجهيز وتسليح البشمركة بأحدث الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة.
عبدالله الثويني
صحيفة العربي الجديد