تبدو 25 يناير 2011 وما بعدها فى الوعى والإدراك شبه الجمعي، وكأنها لحظة، ومشهد ضمن مشاهد شريط فيلمى متعدد الزوايا، ومتداخل فى بعض أبعاده، وثمة رواة عديدون، يطرحون رؤى متصارعة، وتأويلات متباينة حول الانتفاضة الثورية الجماهيرية الأكبر فى ظل يوليو 1952.
تبدو اللحظة التاريخية خاطفة وسريعة ومكثفة، لكنها استطاعت أن تفتح الباب واسعًا لانكشاف، رجل الشرق الأوسط المريض مجتمعًا ودولة ونظاما سياسيا تسلطيا، وعلاقات اجتماعية وفسادا سياسيا واجتماعيا، وتخلفا تاريخيا مكثفا ونكوصا للفكر الدينى وخطاباته. عن متابعة أسئلة العصر والمجتمع والدولة الحديثة وما بعدها، بالإضافة إلى حالة هروب تاريخى جماعى عن زمن العالم المتغير الهادر بالتحولات النوعية الكبري! والسعى إلى الوراء لإيجاد توازن ما فى بعض المراحل التاريخية الماضوية، وصراع هوياتى محتدم على خلاف نسبى مع الواقع الموضوعي.
حالة من التوهان شبه الجمعي، ونكوص عن مواجهة حقائق الواقع الفعلي، وأزماته الكبرى وتحدياته، وعن مجتمع وشعب/ أمة أسلم مقاديره لسلطة غشوم تفتقر إلى المعرفة والتكوين العميق، وخبرات السياسة، والوعى التاريخي، حيث وصلت سياسة اللاسياسة إلى إدارة دولة عريقة وأمة يوما بيوم، بينما تنهض دول ومجتمعات أخري، واجهت نخبها السياسية الحقائق الصادمة وراحت تتعامل معها بقوة وجسارة ومعرفة وخيال على نحو ما تم فى بعض بلدان آسيا الناهضة وغيرها.
فى ظل صراع التأويلات والتفسيرات والسرديات حول حدث 25 يناير 2011، وما بعده ينحسر التفسير الموضوعي، والمعلومات الصلبة، ودقة المقاربات، عن كثير من المعالجات المطروحة والخطابات المؤدلجة والمتحيزة، بحيث بات الغموضُ والسيولة والتشوش غالبا فى الخطاب السائدة حول حدث تحول من الواقع التاريخى إلى سرديات روائية أو قصصية تنطوى على سرديات متوازية، وقراءات متناقضة داخل السردية الكبري. كل سردية تحملُ يقينها وحقائقها وتحيزاتها الصارمة بحيث تحولت من الواقعى إلى التداخل مع التخييلي، بحيث تبدو بعضها وكأنها عقيدة من العقائد يتم الدفاع عنها والذود عن حماها!
السؤال الذى نطرحه هل السرديات الراهنة حول 25 يناير وما بعد، و30 يونيو يمكن الاطمئنان التاريخى والموضوعى حول ما ورد بها؟!
نستطيع القول نسبيًا مع قدر من التحفظ إن لا جهيرة هى الإجابة حول معظم السرديات التى طرحت من رواتها كتابه أو شفاهة- على اختلاف مواقعهم بدءًا من النشطاء والمشاركين ضمن الجموع الحاشدة، أو من الجماعات الإسلامية، على تعددها واختلافاتها الأيديولوجية من الإخوان والسلفيين، والراديكاليين، أو ممن ينتمون إلى بعض بقايا وشظايا الجماعات الماركسية ونظائرها وأشباهها على قلتها! ولا هؤلاء الذين انتموا إلى النظام وسلطته وأجهزته ودولته المسماة مجازًا بالدولة القمعية! غالبُ هؤلاء ظلوا أسرى لتصوراتهم ومجازاتهم عن مواقفهم وتحيزاتهم، وصراعاتهم الداخلية، أو إزاء بعضهم بعضًا، بما فيها تصوراتهم الذاتية كأشخاص، أو زُمر إزاء أقرانهم وزملائهم! سرديات حاملة أحلاما ومصالح وطموحات وإحباطات وفشلا ..إلخ!. إن نظرة على هذه السرديات والروايات فى غالبها تشير إلى نقص فى المعلومات، يحول دون صياغة سردية تنطوى على الحد الأدنى المعلوماتى الذى يسمح بتحليلات رصينة وجادة وأقرب إلى الواقع الموضوعى وفاعليه وأطرافه، ويعود ذلك إلى عديد من الأسباب على رأسها ما يلي:-
1- الأدوار الإقليمية والدولية وفاعلوها داخل الانتفاضة الجماهيرية الكبرى لا تزال يشوبها النقص المعلوماتي، وبعض ما تناثر عنها وعن أدوار هذه القوى لا تزال غائمة، والكثير من المعلومات حولها غامض، ومستتر، حول علاقاتها مع بعض الأطراف الفاعلة أثناء الانتفاضة وفى مراحل الانتقال الثلاث، ولاسيما مع القوى الإسلامية السياسية وبعض النشطاء الذين اشتهروا إعلاميًا!، وإزاء السلطات الانتقالية.
2- نقص فادح فى المعلومات حول ما كان يجرى فى دخائل السلطة الانتقالية، فى ظل الانتفاضة والمرحلتين الانتقاليتين الأولى والثانية، لاسيما ما جرى داخلها والمواقف المستورة لقادة هذه المرحلة، ولم يدل أيًا منهم بشهادته حتى الآن كاملة! وقصارى ما تم بعض نثارات فى كتابات بعض الصحفيين القريبين منهم.
3- السجالات الصراعية الحادة والقدحية الحاملة للإدانات السياسية والجنائية والأخلاقية والاتهامات باللاوطنية من بعض الأطراف الفاعلة إزاء الأطراف الأخري.
4- الفجوات الجيلية والإدراكية الواسعة بين شباب الانتفاضة الثورية، وأحلامهم السياسية المجنحة الأقرب إلى خيالات يوتوبية حول مآلات أمنياتهم الفكرية عن الانتفاضة إذا ما استمرت ولم تعتورها عقبات الواقع، وميراث الدولة، ودور الإسلاميين السياسيين وممارساتهم، وبين تقاليد الدولة المصرية الحديثة، وإرثها التسلطى وذهنية قادة أجهزتها القومية، وسلطاتها، وطرائق تفكير وعمل هؤلاء القادة وثقافتهم الموروثة من تقاليد نظام يوليو. أدى صدام الإرادات والتصورات إلى مباراة تبدو شبه صفرية بين أطراف الصراعات على السلطة والشارع. لا شك أن هذه الوضعية أدت إلى صراع السرديات المتصادمة.
5- أدت إجراءات بعض سلطات وأجهزة الدولة فى أعقاب تحالف 30 يونيو 2013 من أجل استعادة الاستقرار الأمني، ومواجهة عمليات العنف والتظاهر والإرهاب والمواجهات الحادة إلى ازدياد الفجوات بين الشرائح الجيلية الشابة، قادة عمليات الانتقال السياسي. من ناحية أخرى لا نستطيع إغفال بعض التأثيرات الإقليمية والدولية على بعض مسارات الأحداث خلال مراحل الانتقال لاسيما الأولى والثانية التى وصلت فيها جماعة الإخوان المسلمين والسلفيون إلى صياغة وتركيب الهندسة السياسية لمرحلتى الانتقال الأولى والثانية والصعود إلى سدة السلطة.
الأسباب السابقة وغيرها أثرت فى صياغة الروايات والسرديات المختلفة حول الانتفاضة الجماهيرية الكبري، ومحمولاتها من التحيز ومن الغموض ونقص المعلومات والتأويلات المتصارعة، على نحو أثر على عديد من الكتابات والبحوث حول حقائق ما تم فى الواقع الفعلي، أو الواقع الرقمي، أو أثر على منهجياتها وتحليلاتها، وقليلة هى الدراسات والمقالات الرصينة التى اعتصمت بالحد الأدنى من الموضوعية فى تحليلاتها واستنتاجاتها لمراحل الانتقال الثلاث دون الوقوع فى أهواء الميل إلى طرف من الأطراف المتنازعة على ساحة التأويلات السردية. السؤال الذى نطرحه بعد ست سنوات على هذا الحدث الكبير، ما هى الإيجابيات؟ وما هى السلبيات التى أدت بنا إلى هنا؟
أولاً: روح جديدة تحت الحصار: انكسار الخوف الذى يأكل الروح
أدت الانتفاضة الجماهيرية الكبرى إلى إحداث تغيرات، وبدء عمليات تحول فى التكوين النفسى والثقافى بين قطاعات اجتماعية وجيلية عديدة فى مصر، يمكن لنا ملاحظتها على النحو التالي:
1- تآكل الخوف الذى يأكل الروح وفق عنوان فيلم فاسبندر زائع الصيت والذى تمدد فى التركيبة السوسيو – نفسية، والسوسيو – ثقافية المصرية، عبر مراحل تاريخية طويلة، وساد فى ظل التسلطية السياسية، والتسلطية الدينية التى تكرست بفعل الطابع المركزى النهرى للدولة وأجهزتها، وتقاليد القمع والعنف فى إدارة شئون البلاد، والنزعة التعبوية وتأميم التعدد السياسى ثم شكلانية الاعتراف المؤسسى به، دون أن يكون فاعلاً فى المنافسة السياسية، وحصار تمثيلاته الفعلية، ومطاردة جماعاته على اختلافها، حتى فى ظل حصار المجال العام السياسى الفعلي، وحرية التعدد والتعبير السياسى بلا حدود فى المجال العام الافتراضي. من ناحية ثانية: هيمنة ثقافة الإجماع والامتثال والخضوع ذات الطبيعة البطريركية فى السلطة ومناهج التعليم النقلية المدنية والدينية معًا، على نحو كرس الخوف من أعمال العقل، والمقاربة النقدية، وحرية إبداء الرأى الشخصي، والمداراة والازدواجية فى التعبير عن الذات خشية الخطأ، أو الخوف من الوقوع تحت المحاسبة والعقاب فى عديد من تفاصيل الحياة اليومية من المدرسة إلى الجامعة إلى العمل، إلى علاقات الجوار، والصداقة عمومًا، والاستثناءات محدودة. من ناحية ثالثة: كرس ثقافة الخوف من السلطة أزمة ميلاد الفرد فى الحياة الخاصة والعامة معًا، ومن ثم إلى إعاقة تطور النزعة الفردية كفعل اجتماعي، وممارسة، وإرادة ومشيئة التى تؤسس لتطور ديمقراطى فعلي. الجذور البنيوية لثقافة الخضوع والخوف والانصياع، بدأت الشروخ تداخلها، تحت وقع الخطاب الاجتماعى النقدى من بعض مفكرى جيل السبعينيات وما بعد، ثم الحركات الاحتجاجية فى الواقع الفعلي، وعلى الواقع الافتراضي، وجاء حدث 25 يناير، ثم 28 يناير 2011 وما بعد، تعبيرًا عن انكسار الخوف نسبيًا، لاسيما لدى الأجيال الشابة، ولدى بعض الشرائح الاجتماعية الشعبية التى تعانى من قسوة التضخم والغلاء وعسر الحياة عند الحافة.
2- تسارع عمليات ميلاد الفرد المتعثرة، كنتاج للمشاركة فى الانتفاضة الجماهيرية الكبري، وفى مراحل الانتقال، وممارسة حرية التعبير فى الشارع، وأشكال الاحتجاج السياسى الواسع. من ناحية أخرى بروز الأثر المتسارع والمكثف للثورة الرقمية على حرية إبداء الرأى بلا حدود أو ضوابط، بالإضافة إلى تفكك العلاقة بين الشخص مستخدم أجهزة المحمول والواقع الافتراضى على مواقع التفاعل الاجتماعى وبين بعض نظرائه فى الواقع الفعلى على نحو أدى إلى بروز تمايزات داخل الأسرة، ومواقع العمل سواء فى الآراء أو المواقف، أو فى تهتك العرى الأسرية التقليدية.
3- اتساع الفجوات الجيلية وعدم توافق بعض الشرائح الشبابية مع عقلية وتوجهات الأجيال الأكبر سنًا، وسرعة تراكم الخبرات والمعلومات من خلال شبكات التفاعل الاجتماعي.
4- تراجع الخطوط الحمراء حول شخوص ورموز الحكم على نحو ما كان سائدًا فى ظل نظام يوليو، ومن ثم ازدياد معدلات الخطاب النقدى حول الشخصيات السياسية فى السلطة أو خارجها.
ثانيًا: لم يتعلموا شيئًا ولم ينسوا شيئًا: تاليران وزير خارجية نابليون، بعد جلوسه مع لويس الثامن عشر.
بعض الملاحظات حول أداء بعضهم من رجال ونساء نظام مبارك، وبعض النشطاء، وعديد الوجوه الشائخة للحياة العامة وبعض العاملين فى سلطات وأجهزة الدولة فى عقب تحالف 30 يونيو، ينطبق على بعضهم مقولة تاليران السابقة، وهو ما يمكن ملاحظته عن بعضهم فيما يلي:
1- انكشاف الدولة والمجتمع فى أعقاب 25 يناير 2011، وفى المراحل الانتقالية حيث أدت الانتفاضة الجماهيرية الكبرى إلى انهيار نظام الشرعية السياسية، وجمود النظام وعدم قابليته للتجديد فى نظام التجنيد للنخبة السياسية الحاكمة، أو فى السياسات الاجتماعية والتشريعية، والثقافية بما يستجيب للمتغيرات الداخلية، والإقليمية والدولية، والأخطر شيخوخة هياكل الدولة، وتزايد معدلات الفساد الهيكلى وفى الوظيفة العامة، وتدخل رجال الأعمال كفاعل رئيس مؤثر على الأوضاع والقرارات. من ناحية ثانية: تزايد دور الزبائنية والمحسوبية، وتوريث بعض المهن والوظائف حتى وصلت إلى التمثيل والموسيقى والطب والصحافة .. يا للهول .. إلخ! على نحو أدى إلى حصار وتأميم الفرص النادرة أمام تكافؤ الفرص إلا قليلاً واستثناءً. من ثم أدى الحدث الجماهيرى الكبير إلى انكشاف لظاهرة ضعف الكفاءات فى أجهزة الدولة وفى المجتمع والمنظمات الأهلية والقطاع الخاص، وعند قمة السلطة فى البلاد، وشيخوخة العقل السلطوى وعدم قدرته على استيعاب التغيرات فى ذهنية الأجيال الجديدة وأحلامها وطموحاتها وضعف موردها البشري، ناهيك عن استيعاب تحول العالم إلى العولمة وما بعد الحداثة، وانعكاساتهما الاجتماعية داخل التركيبة الجيلية المصرية.
2- كانت حيوية بعض الأجيال الجديدة من أبناء الفئات الوسطى المدينية هى سمت الحركة الانتفاضية الكبري، إلا أن أحد أسباب إعاقة دورها فى أحداث تحولات سياسية واجتماعية، يتمثل فى عدم استيعابهم لثقافة الدولة المصرية الحديثة، وتقاليدها وأساليب عملها، ومصادر قوتها فى الوعى الاجتماعى للمصريين، وطرائق مواجهتها للأزمات التى تواجهها، وقدرة أجهزتها العميقة على كسر التحالفات المضادة واختراقها وتجنيد عناصر داخلها، وتفككها، وهو ميراث تاريخى ممتد من المرحلة شبه الليبرالية. من ناحية أخرى تركيزها على مصادر تهديد الدولة الأخطر، وترك الأقل خطورة لفترة ريثما تتعدى الأول، وتضرب بقوة وحسم الأقل خطرًا، وهو ما ظهر فى التعامل مع جماعات النشطاء التى بلغت فى بعض التقديرات أكثر من 300 جماعة مسماة بالثورية، وتم كسرها واستيعاب غالبها، ثم ترك الإخوان والسلفيين، ومواجهة الجماعة، وترك السلفيين وحصارهم …إلخ. من ناحية ثالثة: مواجهة أشكال الاعتداء على أراضى الدولة والباعة الجائلين فى وسط المدينة … إلخ.
يبدو أن فهم الدولة وثقافاتها وآليات عملها كانت غائبة لدى شباب النشطاء وغيرهم لاسيما جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين، ومن هنا كانت أخطاؤهم فادحة.
3- شكلت تجربة المرحلتين الانتقاليتين الأول والثانية مؤشرًا مهما على غياب ثقافة الدولة والوعى الاجتماعى بها لدى العقل الإخوانى والسلفى معًا، بل وغياب الخيال والمهارات السياسية لدى قادة كلا الطرفين، من حيث المناورة والنزعة البراجماتية ـ العملية. والقدرة على قراءة موازين القوى فى الدولة وخارجها والقدرة على التكيف السريع، وذلك على الرغم من سطوة بعض التكنقراط وكبار التجار على مقاليد القوة فى تركيبة الإخوان والسلفيين، وظهر جمود تفكيرهم على الرغم من قدراتهم التنظيمية وحيوية قواعدهم والقيادات الوسطي. الخلل الأكبر لدى هؤلاء تمثل فى الجمود الأيديولوجي، والضعف النسبى للتكوين المعرفى والسياسى والمهنى لغالب التنظيم والاستثناءات محدودة وغير مؤثرة فى ظل مبدأ الطاعة الصارم.
4- انكشاف قدرات ووعود الإسلام السياسى فى الممارسة، ووهم النزعة لفرض هندسة دينية تأويلية وضعية لحياة المصريين، والنكوص القيمى والسلوك الإدراكى عن نمط الحياة العصرية منذ تأسيس الدولة القومية، وفوائض ثقافة الحياة الحديثة فى الوعى الاجتماعى فى عالم انكسرت حدوده وانفتحت على بعضها بعضًا. الأخطر .. الأخطر هو فقدان المصداقية فى خطاب الإخوان حول رفض العنف، وهو ما ظهر فى عديد الوقائع. من ناحية أخرى محاولة إقامة بعض الأشكال الموازية لسلطات الدولة وعلى رأسها القضاء العرفى مع السلفيين تدريب 500 قاض شرعي-، وحصار السلطة القضائية مجلس الدولة والدستورية العليا-، وانكشاف ضعف مستوى أداء البرلمان وغالبُ أعضائه وتجاوزاتهم لصلاحياتهم ..إلخ. لا شك أن ذلك أثر كثيرًا على صورتهم فى الوعى الاجتماعى لشرائح عديدة غالبة فى مصر.
5- عدم استيعاب غالبُ الفواعل السياسية فى مراحل الانتقال لثقافة عمليات الانتقال السياسى ومتطلباته فى التجارب المقارنة، فى ظل سطوة شعارات كبرى دون درس لنفقاتها السياسية والاجتماعية، مما سهل عملية الفشل فى إدارة الانتقال.
6- هشاشة الأحزاب السياسية قبل 25 يناير وما بعد، وانكشاف ضعف جذورها الاجتماعية، وقدراتها على الفعل الجماهيري، وانهيار صورة وأهمية وجهاء الحياة العامة من كبار السن ومتوسطيهم!
7- عدم استيعاب طبيعة التغير الاجتماعى عقب 25 يناير 2011، لدى كوادر الدولة وسلطاتها، ومن ثم عاد بعضهم من دون أن يتعلموا شيئًا أو ينسوا شيئاً إذا شئنا استعارة تاليران.
إن نظرة على ما تم تشير إلى أخطاء كل الأطراف، وهو الأمر الذى يستدعى إعادة تقييم كل طرف لأخطائه الكبرى والصغري، كمدخل لإعادة صياغة الهندسة السياسية الديمقراطية الجديدة لمصر فى عالم بالغ الاضطراب والتغير والتحول فى الدولة والنظام السياسى والأحزاب والنشطاء .. إلخ، ومن ثم الحاجة إلى رؤى جديدة وخيال سياسى خلاق، والتراجع عن خطاب الشعارات الخشبية الكبرى الهائمة فى عالم أفُلَ ذاهب إلى النسيان.
نبيل عبدالفتاح
صحيفة الأهرام