تخوض الأقليات الدينية في محافظة نينوى صراعا حادا من أجل الفوز بالنفوذ في مناطقها التي تمت استعادتها حديثا من تنظيم داعش.
ويسكن نينوى خليط من الأقليات الدينية والإثنية التي تنتشر في محيط مركز الموصل، ومن أكبر مناطقها، سنجار وسهل نينوى.
وفي سنجار، وهو موطن تاريخي لأتباع الديانة الإيزيدية في العراق، مازال حزب العمال الكردستاني، المعارض لتركيا، هو أكبر قوة عسكرية هناك، ويتولى مباشرة تأمين القضاء وإدارة ملف عودة النازحين منه.
وفضلا عن سنجار، يسيطر مقاتلو العمال الكردستاني، مع قوات كردية حليفة من سوريا وإيران، على مجموعة من المناطق التي تقع شمال غرب الموصل، منها ناحية الشمال وسلسلة تلال العياضية ومنطقة سنوني. وهي في معظمها ذات أغلبية إيزيدية، مع القليل من التركمان الشيعة والمسيحيين والعرب السنة.
وتقريبا، لا يرتبط مقاتلو الحزب، بعلاقات طيبة مع أي فصيل عراقي، لذلك فإن السؤال عن مستقبل سنجار لا يلقى أي إجابة.
ويعتقد حزب العمال الكردستاني، أن مشاركته في تحرير سنجار، في ديسمبر 2015 تخوله الانتظار فيها، حتى الانتهاء من تحرير نينوى كليا، بوصفها ورقة يضغط بها على تركيا، في إطار صراعه القديم مع حكوماتها.
ولم تنجح جميع محاولات زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني في إقناع حزب العمال بالسماح للشركات التركية بأن تدخل سنجار لتنظيفها من مخلفات الحرب وإعمارها تمهيدا لإعادة سكانها النازحين منها.
ويخشى البارزاني أن يتطور أي احتكاك بين قوات البيشمركة الموالية له وحزب العمال إلى مواجهة مسلحة بين الطرفين، بسبب غضب مقاتلي الحزب الشديد من البارزاني لعلاقاته المتينة بالأتراك.
ومازال الآلاف من الإيزيديين يقيمون في مخيم بائس خارج مدينة أربيل، بانتظار السماح لهم بالعودة إلى سنجار.
وإذا كان الصراع مؤجلا في سنجار ومحيطها، فإنه بدأ فعليا في سهل نينوى. ويسكن في هذا السهل، خليط من المسيحيين والإيزديين والشبك الشيعة والسنة والكاكائيين والبهائيين، وهم بشكل عام موزعون في محورين متعارضين، يحظى الأول بدعم البارزاني، ويمثله السياسي المسيحي وعضو البرلمان العراقي يونادم كنا. فيما يحظى الثاني بدعم رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، ويمثله السياسي الشبكي المعروف وعضو البرلمان العراقي حنين القدو.
ومنذ استعادة سهل نينوى من سيطرة داعش، يدور صراع محتدم بين كنا والقدو، بشأن مستقبل هذه المنطقة، وجهة رعايتها، كما اندلع نزاع طائفي بين السكان الشبك الموزعوين على الطائفتين الشيعية والسنية، إذ طلب الشبك الشيعة علنا، من الشبك السنة والسنة العرب الرحيل عن سهل نينوى، بدعوى مساندتهم لتنظيم داعش.
ويسعى كنا إلى ربط هذه المناطق، مبدئيا، بإقليم كردستان الذي يرأسه البارزاني، على أمل تحويلها إلى محافظة مستقلة، فيما يحاول القدو، الإبقاء على الوضع الحالي لهذه المناطق، والدفع بتسمية إدارات محلية لها.
ويمتد نفوذ البارزاني على الجزء الأوسع من هذه المناطق، مثل قرة قوين وقرقوش وبادوش واليعربية، ولكن التنوع السكاني الهائل يسمح أيضا بتنوع النفوذ السياسي.
ومثل الشبك، ينقسم المسيحيون من حيث الميول السياسية. ومع أن غالبية أبناء الديانة المسيحية في سهل نينوى يتبعون يونادم كنا الموالي للبارزاني، يرتبط فصيل مسلح منهم بالحشد الشعبي الشيعي، ويقوده ريان الكلداني.
وأبرز أشكال الخلاف بين مكونات سهل نينوى تدور حاليا حول “الجلوة”، أي رحيل العائلة أو القبيلة التي لديها عناصر مع تنظيم داعش، وملكية عقارات وأراضي المشمولين بالرحيل، والوثائق التي أصدرت في زمن احتلال داعش لهذه المناطق.
صحيفة العرب اللندنية