وصف اقتصاديون زيارة وفد اتحاد الغرف والبورصات التركية لمصر حاليا، بأنها بداية مرتقبة لعودة حركة التجارة والاستثمار بين القاهرة وأنقرة، بعد أن شهدت حالة من الجمود خلال السنوات الماضية.
وجاءت تلك الزيارة بعد أيام من مشاركة مصر في المؤتمر الدولي للسياحة بإسطنبول والذي افتتحه وزير الثقافة والسياحة التركي، حيث أبدى اهتماما بالجناح المصري، في إشارة ربما تعكس التمهيد لتطور العلاقات السياسية مستقبلا.
وتجمدت التوسعات الاستثمارية في أعقاب الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين في 30 يونيو 2013 التي كانت تخطط تركيا لضخها في مصر، لكن الاستثمارات لا تزال قائمة ولم تعلن أي شركة عن انسحابها من مصر.
ويصل حجم الاستثمارات التركية في مصر نحو ملياري دولار، بما فيها المنطقة الصناعية التي أسستها شركة “بولاروس” في نطاق مدينة السادس من أكتوبر الصناعية والتي يزور رئيسها القاهرة ضمن الوفد التركي.
وجاءت زيارة الوفد التركي بدعوة من الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، والذي نظم منتدى اقتصاديا للشركات المصرية والتركية الاثنين، وتم التأكيد خلاله على عودة الاستثمارات المتوقفة وضخ أخرى جديدة في قطاعات الغزل والنسيج والنقل النهري.
وتعد الزيارة اقتصادية بطعم السياسة، وهو ما ألمح إليه رئيس الوفد التركي، رفعت حصار جيكلي أوغلو، حيث أكد خلال فعاليات المؤتمر ضرورة تطور العلاقات بين البلدين بشكل ملموس على الصعيد الاقتصادي.
وأكد عادل اللمعي رئيس الجانب المصري في مجلس الأعمال لـ“العرب” أن زيارة الوفد التركي تعد الزيارة الرسمية الأولى لمنظمة أعمال تركية لمصر منذ ثورة 30 يونيو 2013.
وقال إنه “تم تجميد اجتماعات مجلس الأعمال بشقيه المصري والتركي عقب تصريحات غير مقبولة للرئيس التركي (رجب طيب أردوغان) منذ أكثر من ثلاث سنوات، بعدها لم يتم عقد أي اجتماعات مشتركة”.
وأشار إلى أن المجلس ناقش في آخر زيارة له لتركيا عام 2012 إمكانية تأسيس مصانع تركية جديدة في بورسعيد المطلة على البحر المتوسط وسفاجا على البحر الأحمر، لتعظيم الاستفادة من مرور خطوط “رو- رو” وتوطين الاستثمارات التركية هناك لزيادة حركة التجارة بين البلدين.
وضم الوفد التركي أكبر 10 شركات تركية في مختلف القطاعات الاستثمارية، في مقدمتها الصناعات الهندسية والكيميائية والنسيجية والصناعات المغذية للسيارات والطاقة والزراعة والسياحة والخدمات والتشييد والاستثمار العقاري.
ورغم التمثيل الكبير للقطاعات الاستثمارية المشاركة، إلا أن قطاع النقل ظل غائبا في الوقت الذي توقفت فيه حركة النقل الرسمية بين البلدين، بعد أن انتهت مهلة اتفاق النقل الملاحي بين البلدين والمعروف باسم “رو- رو” في 22 أبريل الماضي.
وأرسلت القاهرة رسميا إلى أنقرة تؤكد عدم رغبتها في تجديد الاتفاق في أعقاب تصاعد الحرب الكلامية التي شنها الرئيس أردوغان على مصر.
وبدأ العمل بالخط الملاحي من مينائي ميرسن وإسكندرونة التركيين، إلى مينائي دمياط وبورسعيد المصريين على البحر المتوسط في 22 أبريل 2012.
ويتم نقل البضائع بأسطول شاحنات برية محملة على عبارات مائية من الموانئ التركية، إلى مصر، وبعدها تسير الشاحنات على الطرق إلى ميناء الأدبية المصري على البحر الأحمر، لنقلها على متن سفن تركية إلى دول الخليج العربي.
وقال أتيلا اتاسيفين رئيس جمعية رجال الأعمال الأتراك والمصريين إن رجال أعمال أتراكا مستعدون لضخ استثمارات جديدة في مصر بقيمة 5 مليارات دولار في الفترة المقبلة، في حال توافر “الظروف المناسبة”.
وأوضح أن الاستثمارات لن تكون تركية فقط، وإنما امتداد لشركات متعددة الجنسيات. وأكد أن تركيا، تحولت إلى مكان آمن لجذب الاستثمارات العالمية، وبالتالي في حال توافر مناخ “مناسب” داخل مصر، يمكن أن تتدفق الاستثمارات بوتيرة أسرع.
وتراجعت الصادرات التركية للسوق المصرية خلال عام 2014 بنحو 13 بالمئة، بينما زادت خلال العام 2015 بنحو 3.1 بالمئة وفق بيانات جمعية رجال الأعمال الأتراك والمصريين.
وأوضح أحمد الوكيل، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية أن العلاقات الاقتصادية بين القاهرة وأنقرة لم تتوقف خلال السنوات الماضية رغم اختلاف المواقف السياسية.
وقال لـ“العرب” إن “مناقشات عودة خطوط الشحن بنظام “رو- رو” غير واردة على أجندة المناقشات بين الجانبين، لكن تم عرض فرص الاستثمار في المشروعات العملاقة على المستثمرين الأتراك”.
ويصل عدد المصانع التركية العاملة في مصر إلى نحو 230 مصنعا يعمل فيها قرابة 75 ألف عامل.
وقال أتيللا أتاسيفين رئيس جمعية رجال الأعمال الأتراك والمصريين في رسالة بعث بها لـ”العرب” عبر البريد الإلكتروني في وقت سابق، إن البعض تبنى رؤى وتصورات حادت غالبيتها عن الصواب، وإن الاستثمارات التركية لم تنقطع لساعة واحدة عن مصر.
ولفت أتاسيفين إلى أن هذه المغالطات هدفها التأثير على علاقات الأخوة بين الجانبين التركي والمصري.
محمد حماد
صحيفة العرب اللندنية