لا يستبعد خبراء تسجيل الاقتصاد العراقي انتعاشاً نسبياً هذه السنة مقارنة بعام 2016، «في حال استمر ارتفاع أسعار النفط الخام عالمياً». وتوقعوا أن تأخذ المبادرة الحكومية المتعلقة بالإصلاح الاقتصادي «بعداً أوسع على صعيد تفعيل الجهود الخاصة بدعم القطاعات الإنتاجية أي الصناعة والزراعة والخدمات». وتقترب توقعات الخبراء كثيراً من دعوات لتصحيح مسار الدينار العراقي وقيمته، تنسجم مع الأوضاع الاقتصادية الاستثنائية التي يمر فيها البلد، في ظل اعتقاد كثر أن التسعيرة الرسمية للدينار في مقابل الدولار غير واقعية في ظل الظروف الحالية.
ودعا الأكاديمي الاقتصادي عصام المحاويلي في حديث إلى «الحياة»، إلى ان يكون العام الحالي عاماً لتعزيز قدرة الدينار الشرائية وأن «يقوي الثقة بالعملة الوطنية التي تمثل سيادة العراق». وشدد على ضرورة «حصر التعاملات التجارية الخارجية فقط بالدولار».
وعن سبل رفع سعر الدينار، رأى المحاويلي ضرورة «إدارة شؤون البلد بعقلية اقتصادية وبنظرة بعيدة المدى، إلى جانب اقتباس التجارب الاقتصادية لدول مرت في ظروف مشابهة لتلك التي يمرّ فيها العراق، فضلاً عن الحد من التداول بالدولار في التعاملات التجارية الداخلية لدعم العملة الوطنية». وأكد أن لرقابة البنك المركزي والتنسيق مع الجهات الاقتصادية والوزارات المعنية «دوراً في تعزيز قيمة الدينار من خلال منع التداول بالعملة الأجنبية في التجارة المحلية لأي سبب كان، وحصرها فقط بالتعاملات الخارجية». وشدد على أهمية أن «تتخذ المصارف الخاصة والحكومية إجراءات تقوّي التعامل بالدينار العراقي».
يُذكر أن سعر صرف الدولار أمام الدينار تقلّب صعوداً وهبوطاً، إذ كان يبلغ نحو 4 آلاف دينار في التسعينات في مقابل الدولار الواحد، وسجل تراجعاً تدريجياً بعد عام 2003 ليستمر في الهبوط إلى 1200 دينار للدولار الواحد في السنوات العشر الأخيرة. وارتفع مجدداً بعد إقرار موازنة 2015، وإلزام البنك المركزي تحديد مبيعاته من العملة الأجنبية وفقاً للمادة 50 من قانون موازنة ذلك العام.
وأشار المحاويلي إلى أن «مستوردي البضائع كانوا يحولون الدينار الى دولار عند دفع أثمانها عن طريق المصارف، إذ لم يشعر الجمهور بأهمية العملة الأميركية إلّا عند سفرهم إلى الخارج ويتجهون إلى المصارف، فتحول لهم الدينار الى الدولار وتعطيهم العملة الأجنبية نقداً أو بصكوك مسافرين بعد موافقة البنك المركزي وبموجب قانون التحويل الخارجي».
وكان الخبير في القطاع الصناعي عقيل السعدي، اعتبر أن مبادرة الحكومة لإصلاح الاقتصاد «ستأخذ مدى أوسع مع سعي البنك المركزي إلى إطلاق القروض الصناعية والزراعية فضلاً عن تشريع القوانين الداعمة للقطاع الخاص والانتقال إلى اقتصاد السوق».
وقال الخبير المالي ثامر العزاوي، «سيشهد العام الجديد انتعاشاً في سوق المال، مع التوجه إلى زيادة منافذ بيع العملة الصعبة وتوفيرها للمواطنين، فضلاً عن حرص البنك المركزي على الحفاظ على قيمة الدينار العراقي وسعر صرف الدولار». وأوضح أن العام الجديد «سيشهد اعتماداً أكبر على التكنولوجيا في التعاملات المالية، إضافة إلى تسهيل معاملات المواطنين في المصارف». وتوقع أن «تحقق سوق العراق للأوراق المالية تداولاً أوسع مقارنة بالعام الماضي، الذي سُجل خلاله تداول تريليون سهم من الشركات المساهمة العراقية، بسبب توجه الدولة للانتقال الى اقتصاد السوق».
ورجح الخبير رحيم الشمري، أن «تزيد أسعار بيع النفط الخام في الأسواق العالمية، لأن اتفاق «أوبك» والدول خارج المنظمة يعني أن الأشهر المقبلة ستشهد ارتفاعاً في الأسعار». ولم يستبعد أن «يتراوح سعر برميل النفط الخام بين 55 و65 دولاراً».
عادب مهدي
صحيفة الحياة اللندنية